280 مليون دولار تغير قواعد اللعبة.. شركة عالمية تحول مصر إلى قوة بارزة في صناعة الشوكولاتة
في خطوة استراتيجية تعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي لـ “صناعة الشوكولاتة”، أعلنت شركة مارس إنكوربوريتد الأمريكية، إحدى أكبر عمالقة صناعة الحلويات عالميًا، عن استثمار هائل يبلغ 280 مليون دولار في توسعة مصنعها بمدينة السادس من أكتوبر.
يأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تشهد فيه الصادرات المصرية للشوكولاتة نموًا قياسيًا، حيث بلغت قيمتها 151 مليون دولار في الأشهر الأولى من 2025، بزيادة 38% عن العام السابق، مع توقعات بتجاوز 50% نموًا بنهاية العام.
وتستهدف الشركة، من خلال هذا الاستثمار، رفع طاقتها الإنتاجية إلى 65 ألف طن سنويًا، مع تخصيص نحو 65-70% من الإنتاج للتصدير إلى 50 سوقًا دوليًا، مما يعكس ثقة متزايدة في القدرات الصناعية المصرية.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نغوص في تفاصيل الاستثمار، تأثيره الاقتصادي، والآفاق المستقبلية لقطاع الشوكولاتة في مصر.
توسعة مصنع مارس في السادس من أكتوبر
وبدأت شركة مارس رحلتها في مصر عام 2001 بضخ أكثر من 200 مليون دولار، لتصبح اليوم واحدة من الشركات الرائدة في تصنيع الحلويات والشوكولاتة.
وشهد مصنع الشركة في مدينة السادس من أكتوبر افتتاح خطوط إنتاج جديدة بتكلفة 280 مليون دولار، ليصل إجمالي الاستثمارات إلى أكثر من نصف مليار دولار، حيث حضر الافتتاح الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، مما يبرز الدعم الحكومي لمثل هذه المشاريع.
ووفقًا لتصريحات غابرييل فرنانديز، رئيس الأسواق الناشئة في مارس، فإن هذه التوسعة تضيف خطين إنتاجيين جديدين، مما يرفع الطاقة من 25 ألف طن إلى 65 ألف طن سنويًا بحلول 2026.
وتعد هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية طويلة الأجل تركز على زيادة الاستثمارات وتعزيز التصدير، مع الالتزام بمعايير الجودة العالمية، كما أن المصنع، الذي تحول عام 2016 إلى مركز تصدير إقليمي، أصبح اليوم أحد المصانع العالمية المعتمدة للشركة، يخدم أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا بكفاءة عالية.
50 سوقًا عالميًا وطموح للغزو الإقليمي
وتمثل خطة التصدير الجديدة قمة الطموح، حيث تخصص مارس 65-70% من إنتاجها للأسواق الخارجية، بدءًا من 44 دولة حاليًا مع خطة لإضافة ستة أسواق جديدة ليصل الإجمالي إلى 50.
وتشمل الأسواق المستهدفة الدول العربية مثل السعودية، التي تستورد أكثر من 50 مليون دولار سنويًا من الشوكولاتة المصرية، والأردن بـ8 ملايين دولار، بالإضافة إلى أسواق أفريقية ناشئة مثل أوغندا وتنزانيا ومدغشقر.
وهذا التوسع يأتي في وقت تُحقق فيه مصر فائضًا تجاريًا في القطاع يتجاوز 128 مليون دولار، مع تصدرها الدول العربية وثاني أكبر مصدر في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا.
وتعتمد الخطة على موقع مصر الاستراتيجي كبوابة لأفريقيا والشرق الأوسط، مع الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة، ومن المتوقع أن يساهم هذا التصدير في زيادة الصادرات المصرية للشوكولاتة إلى أكثر من 200 مليون دولار بحلول نهاية 2026، مدعومًا بابتكارات في النكهات والتعبئة لتلبية تفضيلات المستهلكين المتنوعة.
فرص عمل وتعزيز الصناعة المحلية
ولا يقتصر الاستثمار على الإنتاج فحسب، بل يمتد إلى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، حيث يوظف مصنع مارس الآن آلاف العمالة المصرية، مع خطط لتوظيف إضافي بنسبة 30% خلال العام المقبل.
كما يعزز هذا المشروع الاقتصاد المحلي من خلال توطين الصناعة، حيث تعتمد مارس على موردين مصريين للمواد الخام مثل السكر والمكسرات، مما يدعم الزراعة والصناعات الغذائية المساندة.
وعلى المستوى الوطني، يأتي هذا الاستثمار ضمن طفرة في قطاع الشوكولاتة، حيث بلغت الصادرات 181.8 مليون دولار في 2023، بزيادة 42 مليون دولار في 2025 وحدها.
وتشير التقارير إلى أن مصر تحتل المرتبة 32 عالميًا في تصدير الشوكولاتة، متفوقة على العديد من الدول رغم عدم زراعة الكاكاو محليًا، وهذا النمو يعكس نجاح السياسات الحكومية في جذب الاستثمارات الأجنبية، مع توقعات باستقطاب 280-300 مليون دولار إضافية في القطاع خلال العامين المقبلين.
المنافسة والاستثمارات الموازية
ولا تقتصر الاستثمارات على مارس، إذ أعلنت شركة باري كاليبو السويسرية، التي تمتلك 40% من حصة السوق العالمية، عن إنشاء أول مصنع لها في مصر بـ30 مليون دولار، لتلبية الطلب المحلي واستخدام مصر كقاعدة تصدير إلى أفريقيا والشرق الأوسط.
كما تشارك شركات عالمية أخرى مثل نستله وكادبوري، إلى جانب محلية مثل كورونا وكوفرتينا، في تعزيز التنافسية، وهذه المنافسة الصحية تدفع نحو ابتكار منتجات فاخرة، مثل الشوكولاتة العضوية والمنخفضة السكر، لمواكبة الاتجاهات العالمية.
