خير كتير جاي.. تحالف إجنبي يضخ 15 مليار دولار في هذا المجال
في خطوة تعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة النظيفة، يدرس تحالف دولي تقوده شركة "رينيرجي غروب بارتنرز" (Renergy Group Partners) ضخ استثمارات هائلة تصل إلى 15 مليار دولار أمريكي على مدى عشر سنوات في مشروع عملاق للطاقة المتجددة بمنطقة جبل الطور في محافظة جنوب سيناء.
وهذا المشروع، الذي يعد أحد أكبر المبادرات العالمية في مجال الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، يأتي في وقت تتسارع فيه جهود مصر لتحقيق أهدافها الوطنية في الاعتماد على الطاقات المتجددة بنسبة 42% بحلول عام 2030.
والدراسات المبدئية للمشروع ستكتمل العام المقبل، مما يفتح الباب أمام تحول جذري في قطاع الطاقة المصري.
يأتي هذا الإعلان عقب لقاء حاسم عقده وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محمود عصمت، مع مسؤولي التحالف، حيث تم استعراض الجوانب الفنية والاقتصادية للمشروع.
ولم يتضمن البيان الرسمي الصادر عن الوزارة تفاصيل مالية دقيقة، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن الاستثمار سيشمل بنية تحتية متكاملة تغطي 100 كيلومتر مربع، مما يجعلها أول محطة هيدروجين أخضر ضخمة تعمل خارج الشبكة القومية في مصر.
وهذا التحالف ليس جديدًا على السوق المصرية، إذ سبق أن نفذت "رينيرجي" مشروعًا لتحويل المخلفات إلى طاقة في أبو رواش بتكلفة 130 مليون دولار، بالشراكة مع الهيئة القومية للإنتاج الحربي.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تفاصيل المشروع، والاستثمارات الضخمة التي ستدخل في مجال الطاقة المتجددة في مصر.
تفاصيل التحالف الدولي وراء الاستثمار الـ15 مليار دولار في سيناء
ويقود التحالف شركة "رينيرجي غروب بارتنرز"، وهي شركة أوروبية مقرها الرئيسي في ميونخ بألمانيا ولندن ببريطانيا، وتعد متخصصة في مشاريع الطاقة المتجددة الكبرى.
وينضم إليها "جرين تك إيجيبت" كشريك تقني رئيسي، مسؤول عن تطوير التكنولوجيا الشمسية والتخزين، بالإضافة إلى "أوك القابضة" كشريك مالي واستثماري يدير التدفقات المالية والتمويل الدولي.
أما الجانب المحلي، فيمثله وزارة الإنتاج الحربي، التي توفر الدعم اللوجستي والأراضي الحكومية في جنوب سيناء، مما يضمن اندماجًا سلسًا مع الاقتصاد الوطني.
وأعربت الوزارة عن ترحيبها الكبير بالمقترح، مشددة على أن المشروع يتوافق مع استراتيجية مصر لتنويع مزيج الطاقة وزيادة الاعتماد على الشمس والرياح بنسب 22% و14% على التوالي بحلول 2030.
كما أشارت مصادر في التحالف إلى أن الاستثمار الإجمالي الـ15 مليار دولار سيقسم على مراحل، مع التركيز على الاستدامة البيئية والاقتصادية، حيث يتوقع أن يخلق آلاف الوظائف المباشرة والغير مباشرة في المنطقة، مما يعزز التنمية الإقليمية في سيناء.
من الطاقة الشمسية إلى الهيدروجين الأخضر في جبل الطور
ويعد المشروع نموذجًا هجينًا يجمع بين عدة تقنيات متقدمة، أولًا، محطة طاقة شمسية بقدرة إجمالية تصل إلى 15 جيجاواط (15,000 ميجاواط)، تغطي مساحة واسعة في صحراء سيناء، مستفيدة من الإشعاع الشمسي العالي في المنطقة.
وثانيًا، محطة هيدروجين أخضر تعمل بالكامل خارج الشبكة، حيث سيتم توجيه جزء من الطاقة الشمسية لتحلية مياه البحر، ثم استخدامها في إنتاج الهيدروجين عبر التحليل الكهربائي.
وثالثًا، محطة ضخ وتخزين مائي بقدرة 4,400 ميجاواط ساعة، تعمل على مبدأ السد العالي، حيث يضخ الماء إلى خزان علوي لتوليد الكهرباء عند الحاجة، مما يحل مشكلة تقلبات الطاقة الشمسية.
وسينتج المشروع 400 ألف طن من الهيدروجين السائل الأخضر سنويًا عند اكتماله، مخصصًا بالكامل للتصدير إلى أوروبا، حيث يعد الهيدروجين بديلاً نظيفًا للغاز الطبيعي في الصناعات الثقيلة، وهذا يجعل مصر لاعبًا رئيسيًا في سوق الطاقة الخضراء العالمي، خاصة مع ارتفاع الطلب الأوروبي بعد أزمة الطاقة 2022.

الجدول الزمني لمشروع الطاقة المتجددة في جنوب سيناء 2025-2035
وسينفذ المشروع على ثلاث مراحل رئيسية، مع عمر تشغيلي يمتد إلى 50 عامًا، والمرحلة الأولى، بتكلفة 6.7 مليار دولار، ستنتهي بحلول 2030، وتنتج 1.25 غيجاواط من الطاقة، مع إنتاج 165 ألف طن من الهيدروجين سنويًا للتصدير.
أما المرحلة الثانية في 2033، فسترفع الإنتاج إلى 320 ألف طن، بينما تكمل المرحلة الثالثة في 2035 القدرة الكاملة بـ400 ألف طن.
والدراسات المبدئية، بما في ذلك الجدوى الفنية والاقتصادية، ستكمل في 2026، مع التركيز على آلية الربط بالشبكة الوطنية إذا لزم الأمر.
والاجتماع الأخير بين الوزير عصمت والتحالف ركز على الجوانب التكنولوجية، بما في ذلك استخدام أحدث ألواح الطاقة الشمسية ذات الكفاءة العالية، مما يقلل التكاليف بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالمشاريع التقليدية.
وهذا الجدول الزمني يعكس التزام التحالف بالمعايير الدولية، مع ضمان استدامة المشروع لعقود قادمة.
أهمية الهيدروجين الأخضر وفرص التصدير من مصر إلى أوروبا
ويمثل الهيدروجين الأخضر عماد المشروع، حيث ينتج بدون انبعاثات كربونية، مما يدعم أهداف مصر في خفض الانبعاثات بنسبة 37% بحلول 2030 وفقًا للاتفاق الباريسي.
والمحطة الأولى خارج الشبكة ستضمن إنتاجًا متواصلًا بتكلفة منخفضة، مستفيدة من 15 جيجاواط شمسية.
والتصدير المستهدف لأوروبا – التي تسعى لاستيراد 10 ملايين طن سنويًا بحلول 2030 – سيحقق إيرادات تصديرية تصل إلى مليارات الدولارات، معززًا ميزان المدفوعات المصري.
وهذا المشروع يضع مصر على الخريطة العالمية للهيدروجين، مشابهًا لمشاريع في المغرب والسعودية، لكنه يتفوق بحجمه وموقعه الاستراتيجي قرب قناة السويس.
التأثير الاقتصادي والبيئي لاستثمار 15 مليار دولار في الطاقة المتجددة بسيناء
واقتصاديًا، سيساهم المشروع في خلق أكثر من 20 ألف وظيفة، خاصة في المناطق النائية مثل جنوب سيناء، مما يقلل البطالة ويعزز السياحة البيئية.
وبيئيًا، سيوفر ملايين الأطنان من الوقود الأحفوري سنويًا، مساهمًا في مكافحة التغير المناخي، وعلى المستوى الوطني، يدعم هدف الـ42% طاقة متجددة، مما يقلل فاتورة استيراد الغاز ويحسن الأمن الطاقي.
والتحالف يدرس توسيع الشراكات مع بنوك تنموية دولية لتمويل المراحل اللاحقة، مما يعزز الثقة في نجاح المشروع.
ومع هذا التحالف، تعلن مصر عن عصر جديد في الطاقة المتجددة، حيث يحول جبل الطور من منطقة صحراوية إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة.


