الجمعة 21 نوفمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
أخبار

اليابان توافق على إعادة تشغيل أكبر محطة للطاقة النووية في العالم

الجمعة 21/نوفمبر/2025 - 02:16 م
أكبر محطة للطاقة
أكبر محطة للطاقة النووية في العالم

في خطوة تُعيد رسم خريطة الطاقة في اليابان وتعيد البلاد إلى واجهة الاعتماد على الطاقة النووية، منح حاكم محافظة نيغاتا اليابانية، هيديو هانازومي، الموافقة الرسمية على إعادة تشغيل مفاعلين في محطة "كاشيوازاكي كاريوا"، أكبر محطة للطاقة النووية في العالم، التابعة لشركة "طوكيو إلكتريك باور" (تيبكو). وتُمثّل هذه الخطوة تحولاً تاريخياً بعد أكثر من عقد على توقف شبه كامل للطاقة النووية في اليابان عقب كارثة فوكوشيما عام 2011، التي تُعدّ أسوأ حادث نووي منذ تشيرنوبيل.

وجاء الإعلان خلال مؤتمر صحفي عقده الحاكم هانازومي، أكد فيه أن القرار كان نتاج سبع سنوات من التقييمات والمراجعات الدقيقة، سواء على المستوى الفني أو السياسي أو الاجتماعي. وأعلن الحاكم عزمه إحالة القرار إلى الجمعية المحلية من أجل منحه الثقة للاستمرار في منصبه، في خطوة سياسية عادة ما تُرافق قرارات حساسة بهذا الحجم داخل المجتمع المحلي.

طاقة نظيفة وتقليل الاعتماد على الغاز والفحم

تأتي الموافقة في ظل سعي اليابان نحو تعزيز مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد، خاصة الغاز والفحم اللذين تستورد منهما البلاد كميات ضخمة لسد احتياجاتها من الكهرباء. وتُعد محطة "كاشيوازاكي كاريوا"، المعروفة اختصاراً بـ"KK"، أحد الأصول الاستراتيجية التي يمكن أن توفر جزءاً كبيراً من احتياجات الشبكة الكهربائية في شرق اليابان، بما يزيد من مرونة النظام الكهربائي ويعزز فرص الوصول إلى الحياد الكربوني.

كما تأتي هذه الخطوة في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي على الطاقة نتيجة الانتشار المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي وازدهار مراكز البيانات. وتُشير التقديرات إلى أن تشغيل المحطة يمكن أن يساهم في دعم شركات التكنولوجيا الراغبة في تغذية منشآتها بطاقة مستقرة ونظيفة، بعدما أصبح الاستهلاك الكهربائي الهائل لأنظمة الحوسبة الحديثة محوراً للنقاش داخل أسواق الطاقة حول العالم.

أثر متوقع على سوق الغاز الطبيعي

وبحسب تقديرات المحلل ماسانوري أوداكا من شركة "ريستاد إنرجي"، فإن استئناف العمل في الوحدة السادسة بالمحطة قد يساهم في خفض واردات اليابان من الغاز المسال بنحو 130 ألف طن شهرياً، ما قد يلقي بظلاله على سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي، في وقت تعاني فيه الأسواق من تذبذبات مستمرة ترتبط بالطلب الكبير من آسيا وأوروبا.

وتشير بيانات تتبع السفن التي جمعتها بلومبرغ إلى أن اليابان استوردت في المتوسط 5.3 ملايين طن شهرياً من الغاز المسال خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2024. وفي حال استكمال الموافقات النهائية والاختبارات الفنية، يمكن لمحطة "كاشيوازاكي كاريوا" أن تبدأ توليد الكهرباء في وقت قريب.

إرث فوكوشيما ومخاوف محلية

القرار يحمل أبعاداً تاريخية بالنسبة لشركة "تيبكو"، التي كانت تدير محطة "فوكوشيما دايئيتشي" حين وقعت كارثة الانصهار النووي عام 2011. ولا تزال الشركة تتحمل تبعات مالية وتقنية ضخمة منذ ذلك الحادث، إذ سجّلت خلال العام الجاري مخصصات بنحو 903 مليارات ين (5.7 مليار دولار) ضمن خطط تفكيك المحطة المتضررة.

ورغم الدعم الرسمي والسياسي للقرار، لا يزال الملف النووي حساساً لدى المجتمع الياباني. فقد أشار هانازومي إلى أن المحافظة أجرت استطلاعاً شاملاً لرصد موقف السكان من عودة النشاط النووي، كما قام بزيارة ميدانية للمحطة ثم إلى موقع فوكوشيما الأسبوع الماضي من أجل تقييم الوضع ميدانياً. ورغم أن غالبية أعضاء المجلس المحلي ينتمون لـ"الحزب الليبرالي الديمقراطي" الداعم للحاكم، فقد عبّر بعض الأعضاء عن اعتراضهم، مؤكدين أن عملية التصويت قد لا تعكس حجم الجدل المحلي حول القرار.

تحديات العودة إلى الطاقة النووية

منذ كارثة فوكوشيما، لم يُستأنف تشغيل سوى ثلث المفاعلات الـ33 القابلة للعمل داخل اليابان. كما شهدت محطة "كاشيوازاكي كاريوا" مشكلات سابقة تتعلق بالامتثال الأمني، بعدما رفعت هيئة الرقابة في 2021 مستوى التحذير الأمني إلى حدّه الأقصى قبل أن تخفف القيود بعد تحسين منظومة الأمن في 2023. وحتى قبل يوم واحد من إعلان القرار، كشفت الهيئة عن مخالفة تمثلت في سوء تعامل أحد الموظفين مع مستندات حساسة، ما أعاد تسليط الضوء على ضرورة الالتزام الصارم بمعايير الأمان.

ورغم هذه التحديات، تعكس الخطوة التوجه المستقبلي الياباني نحو استعادة الطاقة النووية كركيزة رئيسية في مزيج الطاقة الوطني، سواء لتلبية الطلب المتزايد أو لتحقيق أهداف الاستدامة.