"بتكوين" تتجه لتسجيل أسوأ شهر منذ انهيار سوق العملات المشفرة في 2022
تواصل عملة "بتكوين"، أكبر العملات المشفرة من حيث القيمة السوقية، تسجيل تراجعات حادة خلال شهر نوفمبر، في مسار يعيد إلى الأذهان موجة الانهيارات الكبرى التي ضربت سوق الأصول الرقمية في عام 2022. وتواجه السوق حالة ضغط شديدة نتيجة تصفيات واسعة لمراكز تداول تعتمد على الرافعة المالية، إلى جانب تراجع شهية المستثمرين المؤسسيين، في وقت تتزايد فيه مخاوف الأسواق العالمية بشأن تقييمات الأصول ونوايا الفيدرالي الأمريكي المتعلقة بسعر الفائدة.
وبحسب بيانات "بلومبرغ"، هبطت "بتكوين" خلال تعاملات الجمعة بنسبة 6.4% لتصل إلى 81629 دولارًا، قبل أن تعوض جزءًا من خسائرها، مسجلة 84166 دولارًا عند الساعة 7:42 صباحًا بتوقيت لندن. كما تراجعت العملة المنافسة "إيثر" بما يصل إلى 7.6% لتتداول دون 2700 دولار، في انعكاس حاد لضغوط السوق.
أسوأ أداء شهري منذ يونيو 2022
فقدت "بتكوين" نحو 23% من قيمتها خلال نوفمبر الجاري، في أكبر انخفاض شهري لها منذ يونيو 2022، حين أدت أزمة مشروع العملة المستقرة "تيرا يو إس دي" إلى موجة انهيارات واسعة في الشركات العاملة بالقطاع، والتي انتهت لاحقًا بسقوط بورصة "إف تي إكس" (FTX)، أحد أبرز الكيانات في سوق العملات المشفرة.
ورغم التحسن النسبي في الموقف التنظيمي تجاه العملات الرقمية داخل الولايات المتحدة، وتبني الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب موقفًا أكثر دعمًا للتكنولوجيا المالية، فإن "بتكوين" فقدت ما يزيد على 30% من قيمتها مقارنة بذروتها الأخيرة المسجلة في مطلع أكتوبر، في مؤشر على غياب الزخم الإيجابي في السوق.
تصفيات واسعة للرافعة المالية
وشهدت السوق موجة تصفية حادة لمراكز قائمة على الرافعة المالية في 10 أكتوبر، أسفرت عن محو نحو 19 مليار دولار من رهانات العملات المشفرة، ما أدى إلى تقليص القيمة السوقية للأصول الرقمية بنحو 1.5 تريليون دولار. وتعمقت هذه الضغوط خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، حيث تمت تصفية مراكز إضافية بقيمة ملياري دولار، وفق بيانات "كوين غلاس".
وتظهر البيانات أن المؤسسات المالية لا تزال تتردد في "شراء الانخفاض"، حيث سجلت 12 من صناديق بتكوين المتداولة في البورصة داخل الولايات المتحدة تدفقات خارجة صافية بقيمة 903 ملايين دولار يوم الخميس، وهي ثاني أكبر عمليات سحب أسبوعية منذ إطلاقها في يناير 2024. كما تراجع الاهتمام المفتوح في العقود الآجلة الدائمة بنسبة 35% مقارنة بذروته البالغة 94 مليار دولار في أكتوبر.
تراجع معنويات السوق ومخاوف من قرارات الفيدرالي
ويرى محللون أن الضغوط لا تأتي فقط من داخل قطاع العملات المشفرة، بل تعكس أيضًا حالة ارتباك أوسع في الأسواق العالمية، لا سيما بعد أن فقدت الأسهم الأمريكية مكاسبها التي تحققت بدعم نتائج إيجابية من شركات الذكاء الاصطناعي وعلى رأسها "إنفيديا". وتزايدت مخاوف المستثمرين بشأن ارتفاع التقييمات في القطاعات التقنية، إلى جانب الشكوك حول احتمالية خفض الفائدة الأمريكية في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المقرر في ديسمبر.
وقال براتيك كالا، مدير محفظة في "أبولو كريبتو"، إن السوق تشهد "ضعفًا شديدًا في المعنويات على جميع المستويات"، مضيفًا أن هناك ضغوط بيع مصدرها جهة واحدة على الأقل، في ظل غياب الوضوح بشأن مدى عمق التراجع الحالي. من جانبه، أشار توني سيكامور، المحلل في "آي جي أستراليا"، إلى أن السوق قد تختبر "النقطة الحرجة لدى شركة استراتيجي"، الرائدة في الاحتفاظ ببتكوين، موضحًا أن أي تراجع إضافي قد يفعّل طلبات تغطية الهامش المرتبطة بحيازاتها.
وتبقى أسواق العملات المشفرة تحت ضغط مزدوج من التصفية والشكوك الاستثمارية، فيما يترقب المستثمرون إشارات من الفيدرالي الأمريكي ومعطيات بيانات التضخم القادمة التي ستحدد اتجاه الحركة خلال المرحلة المقبلة.
