الدولار النيوزيلندي يهبط إلى أدنى مستوى في 6 أشهر بعد خفض الفائدة المفاجئ

سجل الدولار النيوزيلندي انخفاضاً حاداً يوم الأربعاء ليصل إلى أدنى مستوى له منذ ستة أشهر، عقب قرار مفاجئ من بنك الاحتياطي النيوزيلندي بخفض سعر الفائدة النقدي الأساسي بمقدار 50 نقطة أساس، ليصل إلى 2.5%، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من ثلاث سنوات، في خطوة تعكس قلق البنك العميق بشأن التباطؤ الاقتصادي المحلي وتزايد المخاطر الانكماشية.
ووفقاً لبيانات السوق، تراجع الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.9% إلى 0.5747 دولار أمريكي، وهو المستوى الأدنى منذ اضطرابات أبريل الماضي المرتبطة بالتوترات التجارية. وجاء الهبوط بعد جلسة الثلاثاء التي شهدت خسارة نسبتها 0.8% نتيجة فشل العملة في تجاوز مستوى المقاومة الفني عند 0.5844 دولار. كما لم تُسجَّل مستويات دعم قوية قبل مستوى 0.5700 دولار، ما يزيد احتمالات استمرار التراجع في المدى القريب.
وقال بيان البنك المركزي إن قرار الخفض العاجل جاء بعد نقاشات داخل لجنة السياسة النقدية، التي درست إمكانية خفض تدريجي بمقدار 25 نقطة أساس فقط، لكنها خلصت إلى أن التحرك الأكبر ضروري لتقليل مخاطر الركود الاقتصادي المطوّل. وترك البنك الباب مفتوحاً أمام مزيد من التخفيضات، مؤكداً أنه "سيواصل مراقبة مؤشرات النمو والتضخم لضمان استقرار الأسعار ودعم التوظيف الكامل".
وفي الوقت نفسه، أشارت بيانات معهد الإحصاء النيوزيلندي إلى أن الاقتصاد انكمش بنسبة 0.9% خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهو أكبر تراجع منذ عام 2020، ما دفع المستثمرين إلى ترجيح أن البنك المركزي سيتبنى دورة تيسير نقدي ممتدة خلال الأشهر المقبلة. وتشير الأسواق حالياً إلى تسعير شبه كامل لخفض إضافي بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر المقبل، مما قد يدفع سعر الفائدة إلى 2.25% قبل نهاية العام، مع توقعات بمزيد من التراجع إلى 2.0% بحلول 2026.
وفي تعليقاته على التطورات، قال مارسيل ثيليانت، رئيس قسم الاقتصاد لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة كابيتال إيكونوميكس:
"إذا جاءت بيانات التضخم للربع الثالث أعلى من التوقعات، فقد يقرر البنك المركزي إنهاء دورة التيسير النقدي، لكن استمرار القلق بشأن تباطؤ النشاط يشير إلى أن مزيداً من الخفض لا يزال وارداً".
على صعيد السندات، انخفضت عوائد السندات النيوزيلندية لأجل عامين بمقدار 5 نقاط أساس إلى 2.5419%، وهو أدنى مستوى منذ مطلع عام 2022، بينما هبطت العوائد لأجل عشر سنوات بأكثر من 7 نقاط أساس، مما يعكس توقعات قوية بتراجع إضافي في أسعار الفائدة مستقبلاً.
وفي الأسواق الإقليمية، تراجع الدولار الأسترالي بنسبة 0.2% إلى 0.6565 دولار أمريكي بعد انخفاضه 0.5% الليلة السابقة، وسط حالة ترقب لتقرير أسعار المستهلكين الأسترالي للربع الثالث، الذي سيكون حاسماً في تحديد توجهات بنك الاحتياطي الأسترالي بشأن سياسته النقدية. وتشير العقود الآجلة إلى وجود احتمال بنسبة 35% لخفض الفائدة الأسترالية في نوفمبر و56% في ديسمبر المقبل.
ورغم ضعف الأداء أمام الدولار الأمريكي، أظهر الدولار الأسترالي قوة أمام الين الياباني، حيث ارتفع بنسبة 2.7% منذ بداية الأسبوع ليصل إلى 100.20 ين، وهو أعلى مستوى في 11 شهراً، بدعم من اتساع الفجوة في أسعار الفائدة بين البلدين.
ويؤكد المحللون أن سياسات التيسير النقدي في نيوزيلندا قد تضعف العملة على المدى المتوسط، لكنها قد تمنح الاقتصاد دفعة من خلال دعم الصادرات وتحفيز الإنفاق المحلي، خاصة في ظل تراجع معدلات التضخم دون المستويات المستهدفة.