ارتفاع معدل البطالة في إيطاليا إلى 6% خلال أغسطس الماضي وسط تحديات اقتصادية متصاعدة

أعلن مكتب الإحصاء الوطني الإيطالي، اليوم الخميس، أن معدل البطالة ارتفع إلى 6.0% خلال شهر أغسطس الماضي، مقارنة بـ 5.9% في يوليو بعد المراجعة بالخفض، في مؤشر يعكس التحديات المستمرة التي يواجهها سوق العمل الإيطالي. وأشار المكتب إلى أن القراءة جاءت أعلى من توقعات تسعة محللين اقتصاديين كانوا قد رجحوا استقرار المعدل عند حدود 5.9%.
وأوضح التقرير أن الاقتصاد الإيطالي فقد خلال أغسطس صافي عدد من الوظائف، وهو ما يشير إلى أن سوق العمل لا يزال هشًا أمام تقلبات الاقتصاد المحلي والعالمي. ويأتي هذا التطور في وقت يواجه فيه الاقتصاد الإيطالي ضغوطًا متعددة، أبرزها تباطؤ معدلات النمو وتراجع النشاط الصناعي، إضافة إلى تراجع الطلب الخارجي على الصادرات، وهو ما انعكس على أداء سوق العمل.
ضغوط محلية وعالمية
تشير البيانات الاقتصادية إلى أن إيطاليا، ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، تشهد تباطؤًا واضحًا في قطاعات الإنتاج الصناعي والخدمات، خاصة في مجالات السياحة والتجزئة، نتيجة تراجع القوة الشرائية للأسر وارتفاع تكاليف المعيشة. ويأتي ذلك بالتوازي مع استمرار الضبابية بشأن الاقتصاد العالمي، سواء بسبب التوترات الجيوسياسية أو تباطؤ الاقتصاد الصيني وتراجع الطلب في أسواق أوروبا.
وفي هذا السياق، يرى خبراء اقتصاديون أن الزيادة الطفيفة في معدل البطالة قد لا تبدو كبيرة على الورق، لكنها تحمل دلالات هامة حول هشاشة سوق العمل، خاصة مع استمرار معدلات بطالة الشباب عند مستويات أعلى بكثير من المتوسط العام، وهو ما يضع الحكومة الإيطالية أمام تحديات إضافية في معالجة قضية التشغيل.
انعكاسات على السياسة النقدية والاقتصادية
يواصل البنك المركزي الأوروبي متابعة تطورات سوق العمل في منطقة اليورو باعتبارها أحد المؤشرات الجوهرية في رسم السياسة النقدية. ورغم أن معدل البطالة في إيطاليا يظل أقل من متوسط منطقة اليورو، إلا أن التحدي يكمن في استدامة النمو وخلق فرص عمل ذات جودة عالية.
وبحسب المحللين، فإن استمرار الضغوط التضخمية وتباطؤ النمو يضع صانعي السياسات في روما أمام معادلة صعبة، حيث يتطلب الأمر إجراءات اقتصادية متوازنة لدعم النمو من جهة، والحفاظ على استقرار الأسعار من جهة أخرى. وتشمل هذه الإجراءات تحفيز الاستثمار المباشر، وتقديم حوافز للشركات لتوظيف الشباب، إلى جانب الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
إصلاحات هيكلية مطلوبة
ويرى مراقبون أن معالجة ملف البطالة في إيطاليا يحتاج إلى إصلاحات هيكلية عميقة، لا تقتصر فقط على تحفيز التوظيف، بل تشمل أيضًا تطوير البنية التحتية للتعليم والتدريب المهني وربطها بسوق العمل، بالإضافة إلى إصلاح سوق العمل نفسه لجعله أكثر مرونة واستيعابًا للتغيرات.
كما يشير الخبراء إلى أن الحكومة الإيطالية بحاجة إلى تعزيز برامج دعم الابتكار وريادة الأعمال، بما يسهم في خلق وظائف جديدة في القطاعات المستقبلية، فضلًا عن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الإيطالي.
على الرغم من أن معدل البطالة في إيطاليا ما زال ضمن نطاق مقبول مقارنة بسنوات سابقة، إلا أن التطورات الأخيرة تثير القلق بشأن قدرة الاقتصاد على مواصلة النمو في ظل الظروف الحالية. وبينما تعمل الحكومة على تعزيز بيئة الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال، يظل التحدي الأكبر هو توفير فرص عمل مستدامة للشباب والفئات الأكثر تأثرًا، بما يضمن استقرار سوق العمل ودعم تنافسية الاقتصاد الإيطالي على المدى الطويل.