خسائر مصانع السكر في مصر 2025.. أزمة تهدد الصناعة الوطنية
تواجه صناعة السكر في مصر تحديات جمة رغم تحقيق إنتاج قياسي تجاوز 3 ملايين طن سنويًا، حيث تتكبد المصانع خسائر مالية فادحة تصل إلى 10 مليارات جنيه مصري.
وهذه الأزمة تنبع من منافسة غير عادلة مع الواردات الرخيصة، وارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي، وسط مخزون راكد يبلغ 1.3 مليون طن.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الأسباب الرئيسية للخسائر، الإجراءات الحكومية، والتأثيرات على القطاع.
أسباب الخسائر في مصانع السكر المصرية
وتعاني مصانع السكر في مصر، سواء الحكومية أو الخاصة، من خسائر تتراوح بين 3 آلاف و6 آلاف جنيه لكل طن مباع.
والسبب الرئيسي هو المنافسة غير العادلة من شركات تستورد السكر الخام بأسعار منخفضة، ثم تكرره محليًا وتبيعه بسعر أقل من التكلفة المحلية، وهذا يجبر المصانع المحلية على البيع بخسارة لتدبير السيولة اللازمة لسداد مستحقات المزارعين وتجنب فوائد البنوك.
ووفقًا لرئيس إحدى الشركات الخاصة، يصل المخزون الراكد إلى 1.3 مليون طن بسبب فتح باب الاستيراد بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج المحلي.
كما أن انخفاض الأسعار العالمية للسكر إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات شجع على تدفق كميات كبيرة من السكر الخام والمكرر إلى السوق المصرية، مما أدى إلى انخفاض سعر الطن المحلي إلى 26 ألف جنيه، بينما تتجاوز تكلفته 30 ألف جنيه.
وفي مصانع السكر الحكومية التابعة لوزارة التموين، تفاقمت الخسائر بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع أسعار البيع.
والخسائر تتراوح بين 3 إلى 4 آلاف جنيه للطن، وعدم خفض الأسعار سيؤدي إلى الاقتراض مع أعباء فوائد إضافية، حيث تجاوزت مستحقات المزارعين في مصنع واحد 5 مليارات جنيه.
وهذا الوضع يهدد استدامة الصناعة، مع تحذيرات من إغلاق مصانع وفقدان آلاف الوظائف إذا استمر الوضع الحالي.
إجراءات الحكومة المصرية لدعم صناعة السكر
وردًا على هذه الأزمة، أصدرت وزارة الاستثمار قرارًا بحظر استيراد السكر المكرر لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في فبراير 2026، بهدف حماية الصناعة المحلية من الفائض.
وقال وزير التموين شريف فاروق إن الوزارة تدعم شركات إنتاج السكر من البنجر والقصب من خلال هذا الحظر، بالتنسيق مع وزارتي الاستثمار والزراعة، وجهاز مستقبل مصر، بالإضافة إلى مساعدة البنوك في توفير الإتاحات المالية.
كما خفضت الحكومة السعر الاسترشادي لتوريد بنجر السكر لموسم 2025-2026 بنسبة 16.6% إلى 2000 جنيه للطن، مقارنة بـ2400 جنيه في الموسم السابق، لموازنة الإنتاج وتجنب الفائض بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي.

ومع ذلك، يستمر استيراد السكر الخام، حيث يتم تكريره محليًا وبيعه بأسعار زهيدة، مما يثير مطالبات بفرض رسوم حماية أو كوتا استيراد لضمان تكافؤ الفرص.
وفي نوفمبر 2025، حظرت مصر استيراد وتصدير السكر لأول مرة منذ سنوات لإنقاذ 15 مصنعًا من الخسائر، مع التركيز على إيقاف الخسائر وحماية المصانع.
وقال رئيس شعبة السكر في اتحاد الصناعات حسن الفندي إن هذا القرار خلق حماية للمصانع، مع مخزون يغطي 13 شهرًا، لكن فوائد البنوك المرتفعة لا تزال تضغط على المنتجين.
تأثير الأزمة على القطاع المصرفي والمزارعين
وامتدت الأزمة إلى القطاع المصرفي، حيث تتحفظ البنوك عن منح تمويلات جديدة لمصانع السكر المعتمدة على البنجر بسبب المخاطر.
وقال مدير عام تمويل الشركات في بنك حكومي إن أكبر مصنع للسكر من البنجر يواجه أزمة ديون بسبب ضعف التدفقات النقدية وعدم العمل بالطاقة الكاملة.
أما البنوك الخاصة، فتمنح تسهيلات لمصانع تعتمد على الخام المستورد، حيث لا تواجه خسائر مشابهة.
وعلى صعيد المزارعين، زرعت مصر 750 ألف فدان من البنجر في الموسم الماضي، بزيادة 25%، لكن التوقعات تشير إلى انخفاض المساحات في الموسم المقبل بعد تخفيض أسعار التوريد.
وبلغ إنتاج مصر من السكر 3.12 مليون طن في 2025، مع 620 ألف طن من القصب و2.5 مليون طن من البنجر، وفقًا لرئيس مجلس المحاصيل السكرية مصطفى عبد الجواد.
والاستهلاك يفوق 3.4 مليون طن، وتستورد الحكومة الفرق بالتعاون مع القطاع الخاص.
توقعات المستقبل لسوق السكر في مصر
ويتوقع الخبراء تحسنًا في وضع مصانع السكر مع زيادة الطلب في رمضان المقبل، وقرار وقف الاستيراد.
وقال حازم المنوفي، عضو شعبة المواد الغذائية، إن أسعار السكر لن ترتفع في رمضان بسبب المخزون العالي الذي يغطي عامًا كاملاً، مع دخول إنتاج القصب في يناير وبنجر السكر بعده.
وحاليًا، يباع الطن من المصنع بـ26 ألف جنيه، ويتراوح سعره للمستهلك بين 28 و35 جنيهًا للكيلو.
ومع ذلك، يطالب الخبراء بفرض رسوم إغراق على الواردات لتساوي تكاليف الإنتاج المحلي، محذرين من أن الخسارة في البيع أقل ضررًا من تراكم الفوائد البنكية، حيث تزيد كلفة كل طن راكد بـ4 آلاف جنيه.
ويعتمد مستقبل الصناعة على توازن بين الإنتاج المحلي والواردات، لضمان استدامة 16 شركة كبرى في البلاد، ثماني منها حكومية.
