السبت 15 نوفمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
تحليل

هل تنفض مصر غبار الديون؟.. خبراء يحددون روشتة عاجلة للتخلص من أعباء الدين

السبت 15/نوفمبر/2025 - 12:01 م
الديون المصرية
الديون المصرية

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المتسارعة، بما في ذلك ارتفاع أسعار الفائدة والتوترات الجيوسياسية، تبرز مصر كواحدة من الدول الناشئة التي تسعى لاستعادة التوازن المالي من خلال استراتيجيات مدروسة لخفض الدين العام.

ووفقاً لتقارير البنك المركزي المصري الأخيرة، انخفض الدين الخارجي إلى 152.9 مليار دولار بنهاية يونيو 2024، مقارنة بـ168 مليار دولار في ديسمبر 2023، مما يعكس نجاحاً جزئياً في سداد التزامات تصل إلى 15 مليار دولار خلال الفترة الماضية.

ومع ذلك، يظل الدين العام يمثل تحدياً كبيراً، حيث يتجاوز 95% من الناتج المحلي الإجمالي، ويتطلب خططاً شاملة للوصول إلى أقل من 80% بحلول 2030.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تصريحات وزير المالية الدكتور حول خفض الدين، إلى جانب آراء خبراء اقتصاديين بازرين، حول الخطط والسيناريوهات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف.

مسار نزولي مدعوم بإنجازات ملموسة

وأكد الدكتور أحمد كوجك، وزير المالية الذي تولى المنصب في يوليو 2024، في تصريحات حديثة أدلى بها في أكتوبر 2025، نجاح الحكومة في خفض معدلات الدين العام تدريجياً إلى مستويات أكثر أماناً، بفضل الإجراءات الإصلاحية وزيادة الاعتماد على التمويل المحلي بالعملة المصرية.

وأشار كوجك، الذي لعب دوراً رئيسياً في مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي، إلى أن الإطار المالي الكلي تم تحديثه ليشمل مستهدفات مالية واضحة، مع استراتيجية وضع الدين في مسار نزولي على المدى المتوسط، إلى جانب إعداد ورصد تنفيذ الميزانية السنوية وإدارة المخاطر المالية.

وفي سياق الخطة المستقبلية، أعلن كوجك عن هدف خفض الدين الخارجي تدريجياً بما بين 1-2 مليار دولار سنوياً خلال العام المالي 2025/2026، مع الاعتماد على خفض الفائدة العالمية المتوقع بنحو 50 نقطة أساس، مما سيخفف عبء الدين الذي يأتي 45% منه بفائدة متغيرة.

كما شدد على استخدام الفائض الأولي، الذي بلغ 591.4 مليار جنيه في موازنة 2024/2025، و50% من إيرادات برنامج الطروحات لخدمة الدين مباشرة، مع وضع سقف للاقتراض يتطلب موافقة الرئيس والبرلمان. 

وزير المالية

وأضاف كوجك أن صفقات مثل رأس الحكمة، التي ساهمت بـ12 مليار دولار في الخزانة، ساعدت في خفض العجز الكلي إلى 7.3% من الناتج المحلي، مع توقع ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي إلى 53.3 مليار دولار بنهاية 2025.

وهذه الإجراءات، حسب الوزير، ستضع الاقتصاد في مسار نزولي، مع إطالة متوسط عمر الدين إلى 4 سنوات، لتقليل الاعتماد على التمويلات السريعة، مع التركيز على دعم القطاع غير الرسمي لتعزيز النمو وزيادة الإيرادات الضريبية.

تحول هيكلي شامل لاقتصاد منتج

من جانبه، يرى الدكتور سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي، أن خفض الدين يتطلب "تحولاً هيكلياً كاملاً في الاقتصاد"، لا يقتصر على الإجراءات المالية التقليدية.

وأكدت رؤوف، في تصريحات لـ "بانكير"، أن الدولة قد أنجزت بنية تحتية قوية ساهمت في دفعة اقتصادية لجميع القطاعات، لكن القطاعات المتعثرة تحتاج إلى إعادة هيكلة فورية.

الدكتور سمير رؤوف

وعلى سبيل المثال، في قطاع الزراعة، يدعو إلى دراسات واضحة لتطوير الصادرات عبر إدخال الصناعات التحويلية، مثل تحويل الطماطم الخام إلى منتجات مجففة أو صلصة، مما يرفع القيمة المضافة ويجعل القطاع أكثر جاذبية.

أما قطاع السياحة، فيحتاج إلى زيادة السياح من 14 إلى 20 مليون سنوياً، مع تضاعف الغرف الفندقية وتنويع الفئات السياحية (ثقافية، بيئية، علاجية).

وشدد رؤوف على خطة رفع الصادرات إلى 100 مليار دولار بحلول 2030 كمحرك رئيسي، معتبراً أن اقتصاداً منتجاً قوياً سيجعل سداد الديون "أمراً يسيراً".

ويحدد سيناريوهات: الأول يعتمد على نمو يفوق 6% سنوياً للوصول إلى أقل من 80% دين/ناتج بحلول 2030، بينما الثاني يتطلب تدخلات إضافية في حال التأخير، مثل خفض الإنفاق غير الضروري.

10 محاور للخلاص من تبعية صندوق النقد

أما الدكتور حسن هيكل، الخبير الاقتصادي، فيصف خفض الدين بأنه "ليس بالتمني، بل مجهود وتخطيط ورغبة حقيقية في الخلاص من صندوق النقد".

وحدد عشرة محاور هيكلية، بدءاً بزيادة الصادرات مع التركيز على القيمة المضافة، مستنكراً أن تصل صادرات إسرائيل إلى 60.2 مليار دولار رغم الحرب، بينما مصر عند 44.85 مليار، وتركيا 262 مليار.

ودعا هيكل، في تصريحات لـ "بانكير"، إلى سياسات "الإنتاج من أجل التصدير" بمتابعة مركزية، وخفض العجز التجاري بحد الاستيراد الترفي عبر رسوم جمركية.

الدكتور حسن هيكل

كما طالب بمحاربة الإسراف الحكومي، خاصة في الهيئة الوطنية للإعلام (خسائر 11.4 مليار جنيه)، واقترح رقمنتها لتحويلها إلى مصدر ربح عبر اشتراكات وإعلانات يوتيوب، مع تأهيل العاملين كما في مصلحة الجمارك. 

ويشمل اقتراحاته ضم 20% من إيرادات الهيئات الرابحة إلى الخزانة فوراً، تنمية الزراعة والصناعة رقمياً، دعم البحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات بإعفاءات ضريبية، مضاعفة المناطق الحرة، ودعم القطاعات المتضررة من رفع أسعار الوقود.

كما اقترح تشجيع الادخار بأوعية جديدة وتخفيض الفائدة، وحظر بيع الأراضي للأجانب قبل عرضها على المصريين بالخارج.

وكشف هيكل عن احتكار المكاتب الكبرى لمراجعة الشركات في قناة السويس كسبب للتنمية البطيئة، داعياً لفتح الباب للمراجعين الصغار.

وتوقع أن نجاح الإصلاحات يرفع الصادرات إلى مستويات تركيا، بخفض الدين إلى أقل من 70%، أو تأخير يتطلب زيادة الضرائب.

وتتقاطع تصريحات وزير المالية والخبراء في التأكيد على الإصلاحات الهيكلية كأساس، مع التركيز على الصادرات والإيرادات غير النفطية.

وخفض الدين ليس مجرد هدف مالي، بل فرصة لاقتصاد مستدام يعزز الاستقلالية ويحسن حياة المواطنين، مع توقعات إيجابية لنمو يصل 5.2% في 2025 إذا نجحت الخطط.