مستهدفة 4 مليارات دولار.. مصر تطلق خطة تاريخية لاقتحام السوق السعودية بقوة في 2026
في لحظة تاريخية مع انطلاق منتدى التجارة والاستثمار المصري-الخليجي، أزاحت الحكومة المصرية الستار عن خطة طموحة لرفع صادراتها إلى المملكة العربية السعودية بنسبة تصل إلى 15% خلال عام 2026، لتصل إلى حاجز الـ4 مليارات دولار لأول مرة، مقابل هدف 3.7 مليار دولار بنهاية 2025.
وهذه الخطوة، التي كشف عنها مسؤول حكومي رفيع لـ"الشرق"، ليست مجرد أرقام، بل إعلان حرب اقتصادية ناعمة تهدف إلى إعادة رسم خريطة التجارة العربية، مستفيدة من زخم الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة والرياض، ودعم سعودي غير مسبوق يتجاوز 35 مليار دولار استثمارات خاصة، وودائع حكومية تصل إلى 10.3 مليار دولار.
ومع انطلاق المنتدى الذي يجمع قادة الأعمال من السعودية والإمارات والكويت وقطر وعمان والبحرين، تتحول مصر من مجرد مصدر تقليدي إلى شريك صناعي وتكنولوجي، يستهدف مضاعفة التبادل التجاري عبر تكامل سلعي وصناعة سيارات مشتركة.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تفاصيل الخطة المصرية لتعزيز الصادرات إلى المملكة العربية السعودية.
زيادة 10-15% في 2026 للوصول إلى 4 مليارات دولار
والجهود المصرية تركز على تعزيز حضور المنتجات المصرية في السوق السعودية عبر قطاعات استراتيجية، مشيرًا إلى أن الهدف الجديد يبني على نمو قوي في 2024.
وتأتي هذه الخطة في توقيت حاسم، مع استعدادات لمنتدى التجارة والاستثمار المصري-الخليجي، الذي يعد منصة رئيسية لتوقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية جديدة.
مضاعفة التبادل التجاري وتطوير صناعة السيارات
وخلال لقاء وفد حكومي سعودي مع وزير الاستثمار حسن الخطيب أمس الأحد، أكد الجانب السعودي إمكانية مضاعفة حجم التبادل التجاري عبر آليات واضحة.
وركز النقاش على تعزيز التكامل السلعي، تطوير صناعة السيارات والصناعات المكملة، وبحث تشغيل شركات سعودية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأشار بيان حكومي إلى أن هذه الخطوات ستعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
السعودية ثاني أكبر مستثمر بعدد الشركات
وشهد العام المالي الماضي تأسيس نحو 6500 شركة جديدة من مستثمرين عرب في مصر برؤوس أموال 257 مليون دولار،حيث احتلت السعودية المرتبة الثانية بعدد الشركات (781 شركة)، خلف سوريا (4800 شركة)، وفق وثيقة حكومية.
ويعكس هذا الرقم ثقة المستثمرين السعوديين في المناخ الاستثماري المصري، مع استثمارات القطاع الخاص السعودي تصل إلى 35 مليار دولار حتى أكتوبر 2024.
السعودية أكبر سوق للحاصلات الزراعية المصرية
وتعد السعودية من أهم الأسواق للمنتجات المصرية، حيث تحتل المرتبة الأولى بين مستوردي الحاصلات الزراعية من حيث الكميات، والثانية من حيث القيمة.
كما تأتي في الصدارة كمستورد للصناعات الغذائية المصرية، وفق الوزير المفوض التجاري عبد العزيز الشريف، رئيس جهاز التمثيل التجاري المصري.
وأضاف الشريف أن الجهود تركز على المنتجات الهندسية والغذائية، إضافة إلى قطاعي الإنشاءات والمقاولات.
صادرات مصر تقفز 24.5% إلى 3.432 مليار دولار
وارتفع إجمالي التبادل التجاري بين مصر والسعودية بنسبة 3.2% في 2024 ليصل إلى 5.86 مليار دولار.
وقفزت الصادرات المصرية بنحو 24.5% إلى 3.432 مليار دولار، بينما انخفضت الواردات بنسبة 16.8% إلى 2.426 مليار دولار.
ويظهر هذا التوازن تقدمًا في تقليل العجز التجاري، مع تركيز مصر على تعزيز الصادرات غير النفطية.
تعاون فني مستمر تحت مظلة المجلس الأعلى للتنسيق
وأكد عصام النجار، رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، استمرار التعاون الفني والتقني بين البلدين، حيث يتم هذا التعاون ضمن المجلس الأعلى للتنسيق المصري السعودي، الذي يرأس لجنته المشتركة وزير الاستثمار، لضمان توافق المتطلبات الرقابية وتسهيل التجارة.
جدير بالذكر، أن الدعم السعودي للدولة المصرية مستمر منذ فتر، ففي مارس 2022، أودعت السعودية 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري، ليصل إجمالي الودائع إلى 10.3 مليار دولار.
وجاء هذا الدعم في ظل خروج أموال أجنبية إثر الحرب في أوكرانيا، مساهمًا في استقرار الاحتياطي النقدي المصري.
اتفاقية حماية الاستثمارات ومجلس التنسيق الأعلى
ووافق مجلس النواب المصري في مارس 2025 على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، الموقعة في أكتوبر 2024.
وخلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أعلن تشكيل مجلس التنسيق الأعلى.
وصرح وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال اجتماعات العلمين صيف 2024 برغبة مشتركة في دفع العلاقات، مع توجيهات قيادية سعودية بأن تكون المملكة شريكًا استراتيجيًا لمصر.
شركات مصرية تتجه للسعودية
وأشار محمد البهي، رئيس لجنة التعاون العربي باتحاد الصناعات المصرية، إلى أن السعودية تمثل فرصة واعدة للاستثمارات المصرية.
وتوقع توجه العديد من الشركات المصرية للتوسع في السوق السعودية خلال الفترة القادمة.
وتتركز الصادرات المصرية إلى السعودية في النحاس، الملابس الجاهزة، الأجهزة الكهربائية، الفواكه والحاصلات الزراعية، المنتجات الغذائية والهندسية والكيماوية، ومواد البناء.
أما الواردات من السعودية فتشمل الوقود والزيوت المعدنية، اللدائن، المنتجات الكيماوية، الألمنيوم، والورق.
وتمثل الخطة المصرية للوصول إلى 4 مليارات دولار في 2026 خطوة نوعية نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية، مدعومة بمنتدى التجارة الخليجي والاتفاقيات الثنائية، ومع استمرار التعاون، يتوقع تحقيق نمو مستدام يعكس قوة التحالف المصري-السعودي في قلب الاقتصاد العربي.
