واشنطن في مأزق سياسي واقتصادي مع دخول الإغلاق الحكومي يومه التاسع والثلاثين
تواصل الولايات المتحدة الأمريكية معاناتها جراء الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخها الحديث، والذي دخل يومه التاسع والثلاثين دون بوادر حقيقية لانفراج الأزمة، مع تفاقم تداعياته على الاقتصاد والخدمات العامة وقطاعي النقل والرعاية الصحية.
ورغم محاولات الكونجرس الأمريكي كسر الجمود السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، فإن الخلافات العميقة حول قانون الرعاية الصحية الميسرة (أوباماكير) وتمويل الحكومة ما زالت تعرقل أي اتفاق لإنهاء الإغلاق المستمر منذ أكثر من خمسة أسابيع.
واقترح الديمقراطيون، الذين حققوا مكاسب واسعة في الانتخابات الأخيرة، تمديد الاعتمادات الضريبية المرتبطة بـ«أوباماكير» لمدة عام واحد فقط مقابل إنهاء الإغلاق وتمرير مشروع قانون تمويلي مؤقت، غير أن الجمهوريين رفضوا المقترح، معتبرين أنه "ولد ميتًا" ويفتقر إلى الجدية، وفق تصريحات لعدد من أعضاء مجلس الشيوخ.
وفي الوقت ذاته، يسعى الجمهوريون بقيادة السيناتور جون ثيون إلى تمرير تشريع مؤقت يمكن من تمويل وزارات الزراعة وشؤون المحاربين القدامى، إلى جانب إدارة الغذاء والدواء والكونجرس نفسه حتى نهاية سبتمبر 2026، بينما يُرجَّح أن تحصل باقي الوكالات الفيدرالية على تمويل مؤقت حتى نهاية يناير المقبل.
ورغم هذا التحرك، لا تزال مواقف الحزبين متباعدة، إذ يرفض الجمهوريون إدراج أي بنود تتعلق بقانون «أوباماكير» في مشروع القانون الجديد، في حين يصرّ الديمقراطيون على أن تمديد الإعانات الضريبية شرط أساسي لاستئناف المفاوضات.
وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر إن موقف الجمهوريين يمثل "خطأً فادحًا"، مؤكداً استعداد حزبه للتفاوض "فور إقرار تمديد الإعانات". في المقابل، شدد السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام على رفض تمديد العمل بالقانون لعام إضافي، قائلاً: "حان الوقت لتغيير هذا النظام المعطّل".
ومع استمرار حالة الجمود، تتفاقم آثار الإغلاق يوماً بعد آخر، إذ لم يتقاضَ مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين رواتبهم، فيما تواجه أموال الطوارئ المخصصة لدفع أجور العسكريين وتمويل المساعدات خطر النفاد. كما تتكدس معاملات ضريبية وقروض للشركات الصغيرة وطلبات اتحادية لم تُعالج بعد بسبب توقف العديد من الإدارات.
وفي قطاع النقل، أمرت هيئة الطيران الفيدرالية (FAA) شركات الطيران بتقليص الرحلات بنسبة 10% بحلول منتصف نوفمبر، مع تحذيرات من رفع النسبة إلى 20% إذا استمرت الأزمة، ما يهدد بتعطيل حركة السفر خلال عطلة عيد الشكر المقبلة، وهي من أكثر فترات العام ازدحامًا في الولايات المتحدة.
أما على الصعيد الاجتماعي، فقد تأخرت صرف إعانات برنامج المساعدات الغذائية التكميلية لملايين الأسر ذات الدخل المحدود، بينما يواجه 24 مليون أمريكي زيادة كبيرة في أقساط التأمين الصحي، بعد أن ارتفعت الأسعار عدة أضعاف مقارنة بالعام الماضي.
وتُقدّر تكلفة الإغلاق الحكومي بنحو 15 مليار دولار أسبوعيًا، وفق تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس، الذي حذر من تراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 1.5 نقطة مئوية بحلول منتصف نوفمبر، وسط تراجع ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوياتها منذ ثلاث سنوات.
ورغم تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، لا تزال الانقسامات الحزبية تحول دون التوصل إلى تسوية، بينما يلتزم الرئيس السابق دونالد ترمب الصمت مكتفيًا بتوجيه رسائله لأنصاره عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مقر إقامته في فلوريدا، في وقت تتصاعد فيه الدعوات لمشاركته المباشرة في المفاوضات.
ويرى مراقبون أن استمرار الإغلاق لفترة أطول قد يُحدث صدمة اقتصادية حقيقية، خاصة إذا استمر شلل مؤسسات الدولة الفيدرالية وتوسع نطاق التأثير إلى قطاعات النقل والطاقة والتعليم والرعاية الاجتماعية، مما قد يجعل هذه الأزمة الأخطر سياسيًا واقتصاديًا منذ عقود.
- الإغلاق الحكومي الأمريكي
- الكونجرس الأمريكي
- الديمقراطيون
- الجمهوريون
- دونالد ترمب
- قانون أوباماكير
- الرعاية الصحية الميسرة
- جون ثيون
- تشاك شومر
- هيئة الطيران الفيدرالية
- FAA
- الاقتصاد الأمريكي
- المساعدات الغذائية
- الناتج المحلي الإجمالي
- العجز الفيدرالي
- واشنطن
- الحزب الجمهوري
- الحزب الديمقراطي
- أزمة الإنفاق
- الولايات المتحدة
