اليوان يقترب من مستوى قياسي.. توقعات بتراجع الدولار تُشعل مكاسب العملة الصينية
يحوم اليوان الصيني قرب أقوى مستوياته في نحو 15 شهرًا، مقتربًا من كسر حاجز 7 يوانات مقابل الدولار، في ظل موجة دعم متصاعدة من تحويلات الشركات المصدّرة وتوقعات باهتة لأداء العملة الأمريكية خلال العام المقبل.
ففي تداولات الخميس، سجّل اليوان في السوق الداخلية نحو 7.0061 للدولار بحلول منتصف اليوم، وهو مستوى يعكس مكاسب متتالية منذ الربيع الماضي، مدفوعًا بانحسار التوترات التجارية بين بكين وواشنطن وعودة ملحوظة لتدفّقات رؤوس الأموال نحو الأسهم الصينية.
ويرى محللون أن جانبًا كبيرًا من الزخم الحالي يرتبط بعمليات تحويل حيازات الشركات من الدولار إلى اليوان مع اقتراب نهاية العام، إذ تُقدّر بعض المؤسسات المالية أن ما يقرب من 1.2 تريليون دولار من الأرصدة الدولارية لدى الشركات الصينية يجري استقطابها تدريجيًا للعودة إلى الداخل. وفي مذكرة بحثية، قالت شركة «إندستريال سيكيوريتيز» إن «العوامل التي كبحت اليوان في السابق آخذة في التحول إلى مصادر دعم»، معتبرةً أن ما نشهده «قد يكون مجرد بداية لمسار أطول من الارتفاع».
ورغم وتيرة المكاسب السريعة، تحرّك بنك الشعب الصيني للحد من اندفاع العملة تفاديًا لاضطرابات غير مرغوبة في سوق الصرف. فقد تعهّد البنك بالحفاظ على استقرار توقعات المستثمرين وضمان بقاء سعر الصرف «مستقرًا عند مستوى معقول ومتوازن». وفي هذا السياق، حدّد البنك سعر الإرشاد اليومي عند 7.392 للدولار، وهو مستوى أضعف من تقديرات السوق بنحو 244 نقطة أساس، في إشارة لنية تهدئة الصعود دون عرقلته.
وتوضح «إندستريال سيكيوريتيز» أن هذه المقاربة تشير إلى قبول تدريجي داخل البنك المركزي بمسار ارتفاع العملة، مع الحرص على إبقاء الوتيرة تحت السيطرة. ويعكس ذلك توجّهًا حذرًا يوازن بين دعم الثقة في اليوان والحفاظ على تنافسية الصادرات الصينية.
على الجانب الآخر، تسهم مجموعة من العوامل الخارجية في تعزيز موقع العملة الصينية. فبحسب تقرير لشركة «جالاكسي سيكيوريتيز»، يدعم تحسّن الأداء الاقتصادي المحلي، إلى جانب بوادر تخفيضات أوسع في أسعار الفائدة الأمريكية، التوقعات بمواصلة المكاسب. ويعتقد محللون أن أي تراجع أكبر في قوة الدولار — نتيجة اتجاه الاحتياطي الفيدرالي إلى سياسة أكثر تيسيرًا — سيمنح اليوان المزيد من الوقود.
وتشير التقديرات إلى أن اليوان ارتفع بنحو 5% أمام الدولار منذ أوائل أبريل، في وقت تتزايد فيه رهانات المستثمرين على أن العام المقبل قد يشهد استمرار تحسن المعنويات. ومع ذلك، تبقى الحسابات الدقيقة مرهونة بتوازنات دقيقة: فالإفراط في قوة العملة قد يضغط على قطاع التصدير، بينما يمنح الاستقرار المحسوب ثقة أكبر للمستثمرين الأجانب والمحليين على حد سواء.
وفي ضوء المعطيات الراهنة، تتوقع مؤسسات بحثية أن يمتد المسار الصعودي إلى عام 2026 إذا تجاوزت خطط التيسير النقدي الأمريكية توقعات السوق، ما يضع اليوان في موقع أقوى بين العملات الآسيوية الرئيسية. ومع بقاء بنك الشعب الصيني يقظًا لإدارة الوتيرة، يبدو أن العملة الصينية تدخل مرحلة جديدة تتشكل عند تقاطع السياسة النقدية العالمية وتحوّلات ثقة المستثمرين.
