اليوان الصيني يتراجع من أعلى مستوياته في 14 شهراً بعد إجراءات تهدئة رسمية
تراجع اليوان الصيني خلال تعاملات اليوم الثلاثاء مبتعدًا عن الذروة التي سجلها أمام الدولار الأمريكي في الجلسة السابقة، وذلك بعد أن وجّه البنك المركزي الصيني إشارة واضحة إلى الأسواق تشير إلى تحفظه تجاه الارتفاع المتسارع للعملة خلال الفترة الأخيرة.
ويواصل المتعاملون مراقبة سعر التثبيت اليومي الذي يحدده بنك الشعب الصيني، باعتباره المؤشر الأكثر وضوحًا على توجهات السلطات تجاه تحركات اليوان في سوق الصرف. وعلى الرغم من اعتماد المركزي منذ نوفمبر من العام الماضي على تثبيت العملة عند مستويات أقوى من توقعات السوق بهدف دعمها، فقد اتجه خلال الأيام الأخيرة لاعتماد سعر تثبيت أضعف من التقديرات للجلسة الرابعة على التوالي، وهي أطول سلسلة منذ سبتمبر الماضي. وتُفسر هذه الخطوة على أنها محاولة للحد من وتيرة صعود العملة الصينية.
وقبل افتتاح السوق، قام البنك المركزي بتحديد سعر التثبيت عند 7.0794 يوان للدولار، وهو الأضعف منذ 26 نوفمبر، وبفارق واضح عن توقعات المتعاملين التي أشارت إلى 7.0746 يوان، مما شكل ضغطًا على اليوان في التداولات اللاحقة. ويسمح للبنوك بتداول سعر اليوان الفوري ضمن نطاق ±2% حول هذا السعر بشكل يومي.
وبحلول الساعة 04:12 بتوقيت غرينتش، تم تداول اليوان المحلي عند 7.0745 يوان للدولار، متراجعًا من المستوى الذي سجّله في الجلسة السابقة وهو 7.0650 يوان، بينما استقر اليوان الخارجي قرب 7.0709 يوان. وقال متعامل في أحد البنوك الأجنبية إن خطوة التثبيت الأخيرة «تحمل إشارة واضحة لوقف ارتفاع اليوان السريع مقابل الدولار».
ويحافظ اليوان رغم هذا التراجع النسبي على دعم مهم يأتي من زيادة الطلب الموسمي على العملة المحلية من جانب الشركات الصينية مع اقتراب نهاية العام، حيث تقوم العديد من الشركات بتسوية إيراداتها الخارجية لتغطية التزامات مالية وإدارية تتعلق بالأجور والموازنات السنوية.
ويشير محللو أسواق المال إلى أن الصادرات الصينية أظهرت أداءً قويًا خلال العام الجاري، ما زاد من عمليات تحويل العملات الأجنبية إلى اليوان، في وقت تتزايد فيه التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال ديسمبر، وهو ما قد يحد من قوة الدولار ويدفع الشركات للاستفادة من مستويات اليوان الحالية قبل حدوث تقلبات محتملة.
ويُعدّ ارتفاع اليوان بحوالي 3.2% منذ بداية العام مؤشرًا على واحد من أفضل الأعوام أداءً للعملة الصينية منذ 2020. ومع ذلك، يحذر خبراء الاقتصاد من أن التحركات السريعة في اتجاه واحد قد تربك السوق، وتدفع المتعاملين إلى سلوك جماعي مفاجئ. وقد أكد غوان تاو، كبير الاقتصاديين العالميين في بنك أوف تشاينا إنترناشيونال ومسؤول سابق بهيئة تنظيم سوق الصرف، ضرورة تجنب «الرهان على اتجاه واحد في تحركات العملات»، مشددًا على أهمية الحفاظ على توازن السوق واستقراره.
ومن المتوقع أن تستمر السلطات النقدية في اتباع نهج حذر خلال الفترة المقبلة، لتحقيق معادلة صعبة بين دعم قوة العملة ومنع أي ارتفاعات مبالغ فيها قد تؤثر على تنافسية الصادرات الصينية.
