اليوان الصيني يتجه لاختراق حاجز 7 للدولار وسط رهانات قوية على خفض الفائدة الأمريكية
واصل اليوان الصيني تقدمه أمام الدولار الأمريكي خلال تعاملات اليوم الاثنين، مسجلاً أقوى مستوياته في نحو 14 شهراً، في ظل تغير واضح في حركة رؤوس الأموال العالمية لصالح العملات الآسيوية، مع تزايد توقعات الأسواق بأن يشهد شهر ديسمبر أول خفض في أسعار الفائدة الأمريكية منذ أكثر من عام. ويأتي هذا الأداء القوي للعملة الصينية رغم استمرار ضغوط الاقتصاد المحلي وتباطؤ الطلب على الصادرات.
فقد بلغ اليوان مستوى 7.0650 للدولار خلال التعاملات المبكرة، مقترباً من حاجز 7 الذي يمثل مستوى نفسياً مهماً للمستثمرين وصانعي القرار، قبل أن يستقر لاحقاً ضمن نطاق ضيق من التداول. كما سجل اليوان الخارجي، المتداول في الأسواق العالمية خارج البر الرئيسي، ارتفاعاً معتدلاً وسط حالة من التفاؤل الحذر في أسواق العملات.
ويعكس هذا الارتفاع أطول سلسلة مكاسب شهرية يحققها اليوان مقابل الدولار منذ أربع سنوات، مدعوماً بعدة عوامل رئيسية؛ أبرزها المكاسب الواسعة التي حققتها الأسهم الصينية خلال الأسابيع الماضية، إضافة إلى ازدياد تحويلات الشركات الصينية المرتبطة بعائدات الصادرات في نهاية العام، في وقت تتراجع فيه جاذبية الدولار على خلفية إعادة تسعير توقعات السياسة النقدية الأمريكية.
ويؤكد محللون أن مستويات اليوان الحالية توحي بعودة قوية للطلب الاستثماري على العملة الصينية، لكنهم يحذرون من التقلبات الحادة، خصوصاً إذا لم تترافق هذه المكاسب مع تحسن ملموس في مؤشرات الاقتصاد الحقيقي. ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن اختراق مستوى 7 قد يكون ممكناً في المدى القريب، غير أن الثبات دونه يتطلب دعماً مستداماً من جانب السياسة المالية والنقدية لإعادة تنشيط دورة الاقتصاد.
وعلى الرغم من مكاسب العملة، لا تزال التحديات الاقتصادية تضغط على الثقة بالاقتصاد الصيني؛ حيث تظهر البيانات الرسمية الأخيرة استمرار انكماش نشاط المصانع للشهر الثامن على التوالي، وهو ما يعكس ضعف الطلب المحلي والعالمي. وعزّز تقرير خاص صدر اليوم التأكيد على أن قطاع الصناعات التحويلية ما زال بعيداً عن العودة إلى النمو القوي، رغم تدخلات حكومية متكررة لضخ السيولة وتحفيز الاستهلاك.
ويتجه المستثمرون إلى مراقبة ما ستسفر عنه اجتماعات السياسة الاقتصادية في الصين خلال الشهر الجاري، حيث يترقبون إعلان توجهات جديدة تدعم استقرار سعر الصرف وتخفف الضغوط على الصادرات والشركات المتوسطة. ومن بين المؤشرات المهمة للتحرك الرسمي، قيام بنك الشعب الصيني بتحديد نقطة الوسط اليومية لسعر صرف اليوان عند مستوى أكثر قوة، الأمر الذي يعكس رغبة في توجيه السوق نحو مستويات أقوى للعملة دون الإفراط في الصعود.
في المقابل، يواصل الدولار الأمريكي خسائره مع اقتراب الأسواق من تسعير خفض الفائدة بنسبة 25 نقطة أساس في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي المنتظر خلال أيام قليلة، في خطوة قد تمثل نهاية دورة التشديد النقدي التي استمرت بقوة لمواجهة التضخم. ويشير محللون إلى أن هبوط الدولار قد يستمر، خصوصاً إذا دعمت بيانات سوق العمل المقبلة توقعات التيسير خلال الربع الأول من 2026.
ومع اقتراب نهاية العام، تتجه أسواق العملات العالمية نحو مزيد من التحركات المدفوعة بالتغيرات السياسية والاقتصادية، بينما يظل اليوان مرشحاً ليكون أحد أبرز الرابحين إذا استمرت رهانات خفض الفائدة الأمريكية، واستطاعت بكين تحقيق توازن دقيق بين دعم العملة واستقرار القدرة التنافسية للصادرات.
