مصر تبدأ تحرير أسعار الغاز الطبيعي للمصانع الجديدة بمراجعة ربع سنوية للأسعار
بدأت الحكومة المصرية تطبيق سياسة تحرير تدريجي لأسعار الغاز الطبيعي الموجه إلى المصانع الجديدة، في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة منظومة الطاقة وتحقيق تسعير حر بالكامل دون دعم خلال الفترة المقبلة، وفقًا لما كشفه مسؤول حكومي رفيع المستوى في تصريحات خاصة لـ"الشرق".
وأوضح المسؤول أن القرار الجديد يقضي ببيع الغاز الطبيعي للمصانع الجديدة بسعر غير مدعوم يُحتسب بناءً على متوسط تكلفة الغاز المنتج محليًا والمستورد سواء عبر خطوط الأنابيب أو الغاز المسال، مع إضافة دولار واحد لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مشيرًا إلى أن الأسعار ستخضع للمراجعة كل ثلاثة أشهر وفقًا لتغيرات السوق والمعادلات السعرية العالمية.
وأكد أن الحكومة المصرية لن تتحمل أي أعباء مالية لدعم الغاز الطبيعي الموجه إلى المصانع الجديدة، مشيرًا إلى أن وزارة البترول والثروة المعدنية تعمل حاليًا على وضع آلية لتحرير سعر الغاز تدريجيًا للمصانع القائمة، بما يضمن الوصول إلى نظام تسعير مرن يعكس التكلفة الحقيقية للإنتاج والاستهلاك.
يأتي هذا القرار في ظل تنامي الفجوة بين العرض والطلب المحلي على الغاز الطبيعي نتيجة تراجع إنتاج بعض الحقول في البحر المتوسط، وهو ما دفع الحكومة إلى تكثيف جهودها في عمليات البحث والاستكشاف، وتعزيز الشراكات مع كبرى الشركات العالمية العاملة في القطاع، وفي مقدمتها شركة شيفرون الأمريكية التي تقود حاليًا عمليات حفر واستكشاف في غرب البحر المتوسط.
وكانت الحكومة قد بدأت اعتبارًا من 16 سبتمبر الماضي تطبيق زيادة في أسعار الغاز الطبيعي للمصانع، بحد أدنى دولار واحد لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، على أن يختلف السعر وفقًا لطبيعة النشاط الصناعي.
فقد حددت الأسعار الجديدة عند 4.5 دولار لصناعة الأسمدة الأزوتية، و5.75 دولار لصناعات الأسمدة غير الأزوتية والحديد والصلب، و12 دولارًا لصناعة الأسمنت، و4.75 دولار للأنشطة الصناعية الأخرى، و4 دولارات لمحطات الكهرباء، و210 جنيهات مصرية لمعامل الطوب.
واستثنت الحكومة أربعة مصانع كبرى من هذه الزيادة، هي: المصرية للأسمدة، وموبكو، وإيبك، وميثانكس، وذلك بسبب ارتباطها بعقود طويلة الأجل مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، والتي تربط سعر الغاز بمتغيرات أسعار اليوريا والأمونيا والميثانول عالميًا.
ويأتي الاتجاه نحو تحرير أسعار الغاز ضمن خطة الحكومة لتشجيع الاستخدام الكفء للطاقة، وتحقيق عدالة تسعيرية بين القطاعات الصناعية، فضلًا عن جذب استثمارات جديدة في قطاع الغاز الطبيعي، خاصة في ضوء ارتفاع تكلفة الإنتاج والاستيراد وتأثر السوق المحلي بتقلبات الأسعار العالمية.
كما أشار المسؤول إلى أن وزارة البترول تسعى إلى تطوير آليات جديدة لتسعير الغاز تعتمد على معادلات مرنة، تراعي تطورات السوق الدولية وتكلفة الإنتاج المحلي، بما يتيح لمصر تحقيق توازن بين دعم الصناعة والحفاظ على استدامة موارد الطاقة.
وتعمل الدولة بالتوازي على تقديم حوافز إضافية للشركات الأجنبية العاملة في مجال الاستكشاف والإنتاج، تشمل السماح لها بتصدير جزء من إنتاجها الجديد لتسوية المستحقات المالية المتراكمة، إلى جانب رفع أسعار شراء حصة الشركاء الأجانب من الغاز بهدف تحفيز ضخ المزيد من الاستثمارات في الحقول الجديدة وزيادة معدلات الإنتاج.
ويؤكد خبراء الطاقة أن هذه الخطوة تمثل تحولًا هيكليًا في سياسات تسعير الغاز الطبيعي في مصر، وتفتح الباب أمام تحقيق كفاءة اقتصادية في استخدام الموارد، وتقلل من أعباء الموازنة العامة، مع تعزيز تنافسية القطاعات الإنتاجية التي تعتمد على الطاقة كمكون رئيسي في التكلفة.
