300 ألف فدان.. مصر تتأهب لقفزة زراعية غير مسبوقة بحلول 2030

في خطوة حاسمة نحو تعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات، تسابق الحكومة الزمن لإضافة 300 ألف فدان جديدة إلى الرقعة الزراعية قبل نهاية العام الحالي، ضمن مشروع "مستقبل مصر" الزراعي.
ويأتي هذا الإعلان في سياق خطة طموحة لرفع المساحات المنزرعة إلى أكثر من 13 مليون فدان بحلول عام 2030، كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال فعاليات موسم حصاد القمح 2025 في مايو الماضي.
ومع اقتراب نهاية السنة، تشهد الجهود تسريعاً ملحوظاً في الاستصلاح، مدعومة باستثمارات تصل إلى 300 مليار جنيه لتحويل الأراضي الصحراوية إلى حقول إنتاجية، مما يعزز من قدرة مصر على مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية العالمية.
ويعد هذا المشروع جزءاً من رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، حيث يركز على الاستفادة الأمثل من الموارد المائية والطاقة، مع التركيز على المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة.
ووفقاً لتقارير حديثة من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، تم استصلاح بالفعل 350 ألف فدان في المراحل الأولى، مع خطط لإضافة 800 ألف فدان إجمالاً بحلول سبتمبر 2025، مما يجعل الـ300 ألف فدان هدفاً واقعياً وملحوظاً في التقدم الشهري الحالي، وهو ما نستعرض تفاصيله في هذا التقرير، من بانكير.
خطة الاستصلاح الزراعي
وتبدأ الخطة الزراعية المصرية لعام 2025 بتوسيع الرقعة الزراعية من 10.7 ملايين فدان حالياً إلى 12.3 ملايين فدان بنهاية 2026، مع وصولها إلى 13.5 مليون فدان بحلول 2030، كما حددتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في خطة الميزانية العامة للسنة المالية 2025/2026.
ويعتمد هذا التوسع على مشروعات قومية كبرى مثل "الدلتا الجديدة" و"توشكى"، حيث يستهدف استصلاح 4.5 ملايين فدان إضافية بحلول 2027، بما في ذلك 2 ملايين فدان في 2025 وحدها.
وفي سياق هذه الخطة، يعد إضافة 300 ألف فدان قبل ديسمبر 2025 خطوة حاسمة، حيث يركز الجهاز القومي لـ"مستقبل مصر" على مناطق الضبعة والوادي الجديد.
ووفقاً لتصريحات الرئيس السيسي في مايو 2025، "إضافة مليوني فدان يوفر ملايين فرص العمل، ويقلل من فاتورة الاستيراد السنوية التي تصل إلى 20 مليار دولار"، وهذا التوسع ليس مجرد زيادة مساحة، بل يشمل تطوير البنية التحتية، مثل حفر 5,000 بئر ري وإنشاء قنوات تصريف تصل طولها إلى 600 كيلومتر، لضمان كفاءة استخدام المياه بنسبة تصل إلى 20% أعلى من الطرق التقليدية.
مشروع مستقبل مصر القاطرة الزراعية للتنمية المستدامة
ويبرز مشروع "مستقبل مصر" كمحور رئيسي لهذه الخطة، حيث يقع على امتداد طريق روض الفرج-الضبعة، ويغطي 2.2 مليون فدان إجمالياً، حيث تم استصلاح 350 ألف فدان بالفعل باستخدام 2,600 جهاز ري محوري حديث، مما سمح بزراعة الموسمين الصيفي والشتوي لمحاصيل مثل البطاطس، البنجر، والقمح.
وفي 2025، شهد المشروع افتتاح الطور الأول من المدينة الصناعية، بتكلفة 8 مليار جنيه، تشمل مصانع لتصنيع الغذاء وصوامع تخزين بسعة 100 ألف طن.
ووفقاً للمدير التنفيذي للجهاز، العقيد بهاء الغنام، يهدف المشروع إلى زراعة 1.05 مليون فدان لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض، مع توفير 10 آلاف فرصة عمل مباشرة و360 ألف غير مباشرة.
كما يشمل إنشاء مزارع تسمين لـ18 ألف رأس ماشية، مما يعزز الثروة الحيوانية ويقلل الاستيراد بنسبة 50% في اللحوم، وهذه الجهود تتوافق مع استراتيجية التنمية الزراعية 2030، التي تخصص 144.8 مليار جنيه للقطاعين الزراعي والري في 2025/2026، لرفع الإنتاج إلى 2.6 تريليون جنيه.

واستثمرت الدولة 190 مليار جنيه في محطات معالجة مياه الصرف الزراعي، مثل محطة البرلس (5.6 مليون متر مكعب يومياً)، لإعادة استخدام 7.5 مليون متر مكعب يومياً.
كما يستخدم الري الحديث في 4 ملايين فدان، مما يوفر 28% من الطاقة والمياه مقارنة بالطرق التقليدية، وبالإضافة إلى ذلك، يشمل المشروع بناء سد الضيراط الجديد لري 1.6 مليون فدان في صعيد مصر، وتوسيع الغطاء النباتي لمواجهة التصحر.
وفي إطار الشراكات الدولية، وقعت مصر اتفاقيات مع الصين لإنشاء صوامع تخزين، ومع السعودية لتوسيع الزراعة الذكية، مما يعزز التصدير إلى أكثر من 5 مليارات دولار في الخضروات والفواكه بحلول 2025.
فرص عمل واستقرار غذائي
وسيؤدي إضافة 300 ألف فدان إلى توفير 600 ألف فرصة عمل للأسر الريفية، خاصة الشباب والمرأة، مما يقلل معدل الفقر في المناطق الريفية بنسبة 10-15%.
واقتصادياً يتوقع خفض فاتورة الاستيراد الغذائي بنسبة 20%، مع زيادة الصادرات الزراعية إلى 10.6 مليارات دولار في 2025، مدعومة بمشروع 100 ألف صوبة زراعية لزراعة الخضروات والفواكه.
وعلى الصعيد الاجتماعي، يشمل المشروع إنشاء مجتمعات زراعية متكاملة، مثل مجمع الخدمات الذكية في الوادي الجديد (130 فداناً)، لربط المناطق بالخدمات الحكومية/ كما يدعم برنامج "حياة كريمة" 332 مجمعاً زراعياً، مما يحسن دخل 1,500 قرية.
وبحلول 2030، ستصل إنتاجية الفدان إلى 3.3 طن للقمح، تغطي 70% من الاحتياجات المحلية.
مستقبل الزراعة المصرية
وتعد رؤية 2030 الإطار الشامل لهذه الخطة، مع تخصيص 70-75% من الاستثمارات العامة للمشاريع الخضراء، للوصول إلى نمو اقتصادي 7%، ويشجع القطاع الخاص على الاستثمار بنسبة 66% من الإجمالي، من خلال الزراعة التعاقدية وتكنولوجيا الري الدقيقة.
وفي سبتمبر 2025، أعلنت وزارة الزراعة عن تمويل 9.2 مليار جنيه للمزارعين الصغار، مما يعزز التمكين الشبابي، ومع اقتراب نهاية العام، تظل مصر ملتزمة بهدفها، حيث أشارت التقارير الأخيرة إلى استصلاح 150 ألف فدان في الأشهر الثلاثة الماضية، وهذا التقدم ليس مجرد أرقام، بل خطوة نحو مستقبل غذائي آمن، يعتمد على الابتكار والشراكة.