الأحد 21 سبتمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
اقتصاد مصر

من القطن إلى السيارات الكهربائية.. مصر تبني إمبراطورية صناعية جديدة

الأحد 21/سبتمبر/2025 - 01:48 م
قلاع مصر الصناعية
قلاع مصر الصناعية

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، تبرز مصر كمركز صناعي إقليمي يعتمد على "قلاعها الصناعية"، وهي مصطلح يستخدم مجازيًا لوصف المنشآت والمجمعات الصناعية الكبرى التي تشكل عماد التنمية الصناعية.

ومع بدء السنة المالية 2025/2026، أعلنت الحكومة عن خطط طموحة لتطوير هذه القلاع، بما في ذلك طرح آلاف القطع الأرضية الصناعية وإحياء مصانع تاريخية.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التطورات الأخيرة، في القلاع الصناعية الكبرى في مصر، ليبرز كيف تساهم هذه القلاع في تعزيز التصدير، خلق فرص العمل، وتحقيق التنمية المستدامة.

قلاع الصناعة في مصر وأهميتها الاستراتيجية

والمجمعات الصناعية الكبرى والمناطق المتخصصة تمثل ركائز الاقتصاد الوطني، مثل شركات الغزل والنسيج، الكيماويات، والسيارات، وهذه القلاع ليست مجرد مصانع، بل نماذج للتكامل الصناعي التي تعتمد على الموارد المحلية مثل القطن المصري أو الغاز الطبيعي.

ووفقًا لاستراتيجية التنمية الصناعية 2024-2030، تهدف هذه القلاع إلى زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% بحلول 2030، مع التركيز على توطين التكنولوجيا وتعزيز التصدير.

وفي السنوات الأخيرة، شهدت مصر تحولًا جذريًا تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أعيد إحياء صناعات متعثرة وأنشئت مناطق صناعية جديدة، حيث يعد هذا التوجه أكثر أهمية مع ارتفاع الطلب العالمي على المنتجات المصرية، خاصة في أفريقيا والشرق الأوسط.

أبرز قلاع الصناعة في مصر

ومن أبرز هذه القلاع شركة مصر للغزل والنسيج وصباغي البيضا بكفر الدوار في محافظة البحيرة، التي وصفها المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، بأنها "قلعة صناعية تشهد تطويرًا شاملاً".

وأكد شيمي خلال زيارته للشركة أنها جزء من المشروع القومي لتطوير صناعة الغزل والنسيج، الذي يهدف إلى تعظيم قيمة القطن المصري واستعادة الريادة العالمية، حيث يشمل التطوير تركيب خطوط إنتاج حديثة بتكلفة ملايين الجنيهات، مما يعزز التنافسية في الأسواق الدولية ويوفر آلاف فرص العمل لأبناء الدلتا.

ويعد مصنع "كيما 2" بأسوان قلعة كيماوية رئيسية، الذي تم تدشينه في مارس 2025 بتكلفة 12 مليار جنيه، حيث ينتج اليوريا والأمونيا باستخدام تكنولوجيا أمريكية وهولندية، مما يجعل مصر مصدرًا رئيسيًا للأسمدة عالميًا.

وهذا المشروع، الذي يغطي 288 قطعة أرض صناعية في قنا، يعكس التوجه نحو الصناعات الثقيلة، ويستهدف تقليل الاعتماد على الواردات بنسبة 30% بحلول نهاية 2025.

وفي قطاع السيارات، تعود مصر إلى الواجهة كقلعة صناعية بعد عقود من التراجع، ففي 2025، أعلن عن إعادة تشغيل مصانع "النصر" للإنتاج، مع خطط لتوطين صناعة السيارات الكهربائية بالشراكة مع شركات أوروبية.

وهذه القلاع ليست محصورة في الشمال، ففي الصعيد، يبرز مجمع "هو" بنجع حمادي في قنا، الذي يضم 420 وحدة صناعية على 74 فدانًا، ويغطي قطاعات غذائية وهندسية.

قلاع مصر الصناعية

طرح الأراضي ودعم الاستثمار

وشهد عام 2025 طفرة في تطوير القلاع الصناعية، مع إطلاق الطرح الحادي عشر للأراضي الصناعية عبر منصة "مصر الصناعية الرقمية"، حيث أعلن الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، في أغسطس 2025 عن طرح 1386 قطعة أرض كاملة المرافق في 23 محافظة و35 منطقة صناعية، بمساحة إجمالية 6.8 مليون متر مربع.

ويبدأ التقديم إلكترونيًا من 1 إلى 11 سبتمبر 2025، بتخفيضات تصل إلى 50% على رسوم الدراسة وإعفاء من ضمانات مالية، ومنذ إطلاق المنصة في سبتمبر 2024، تم تخصيص 1685 قطعة أرض بـ4.6 مليون متر مربع لمشروعات جديدة وتوسعات، مما جذب استثمارات بقيمة 3.5 مليار دولار في 2025، بزيادة 15% عن 2024.

وفي مارس 2025، طرحت 2172 قطعة في 22 محافظة بـ13.3 مليون متر مربع، بينما في يونيو طرحت 1800 قطعة في 20 محافظة، وهذه الطروحات الدورية كل ثلاثة أشهر تضمن الشفافية وتستهدف توطين الصناعات مثل الأدوية والغذاء.

وبالإضافة إلى ذلك، أعلن عن إنشاء مدن صناعية جديدة مثل أطفيح (26 ألف فدان) وجرجوب في الصعيد، لتوزيع الثقل الصناعي وخلق اقتصاد محلي مستدام.

الدور الاقتصادي والاجتماعي للقلاع الصناعية

وتلعب هذه القلاع دورًا حاسمًا في الاقتصاد المصري، حيث توفر أكثر من 8 ملايين فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. في 2025، ساهمت في زيادة الصادرات الصناعية بنسبة 20%، خاصة في الغزل والنسيج الذي يمثل 70% من الصادرات.

كما تدعم التحول الأخضر، مع إنشاء أول منطقة صناعية خضراء بالتعاون مع اليونيدو، تعتمد على الطاقة النظيفة وإعادة التدوير.

واجتماعيًا تركز القلاع على تدريب العمالة الشابة، مع برامج في 13 مركز تكنولوجي.

أما في سوهاج، يكمل ترفيق مدينة الروبيكي للجلود فرص عمل لآلاف الشباب، بينما في أسوان يدعم مصنع كيما 2 الزراعة المحلية.

وهذه المشاريع تقلل من الهجرة إلى المدن الكبرى وتعزز التنمية المتوازنة.

وتؤكد مصر التزامها بتحويل قلاعها الصناعية إلى محركات نمو، مع خطط لجذب 3.5 مليار دولار استثمارات إضافية، وهذه الجهود ليست مجرد بناء مصانع، بل بناء مستقبل مستدام يعتمد على الابتكار والشراكات الدولية.

ومع استمرار الطروحات والتطويرات، ستظل مصر من أكبر القلاع الصناعية في الشرق الأوسط، مساهمة في رؤية 2030 للاقتصاد الأخضر والتنافسي.