السبت 16 أغسطس 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
اقتصاد مصر

اقتصاد مصر ينتعش.. لكن لماذا لا يشعر المواطن بالتحسن؟

السبت 16/أغسطس/2025 - 09:30 ص
المواطنين في مصر
المواطنين في مصر

في شوارع مصر النابضة بالحياة، حيث تتداخل أصوات الحياة اليومية مع آمال المستقبل، يعيش المواطن المصري لحظات من التفاؤل الحذر، في حين أن التصريحات الرسمية تتحدث عن تجاوز الأزمة الاقتصادية، وتؤكد على خطوات واضحة نحو الاستقرار، من استقرار سعر الصرف إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية. 

ولكن على الرغم من هذه الإنجازات، يظل شعور المواطن بالتحسن بعيد المنال، ولماذا؟ لأن التعافي الاقتصادي رحلة طويلة، تتطلب وقتًا لتنعكس مكاسبها على حياة الناس.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الأسباب التي تجعل الشعور بالتحسن يحتاج إلى صبر، مع تسليط الضوء على الجهود الحكومية والتحديات الطبيعية لعملية التعافي.

خطوات ثابتة نحو الاستقرار الاقتصادي

وعلى مدار السنوات الماضية، واجهت مصر تحديات اقتصادية كبيرة، شملت تقلبات في قيمة العملة، ارتفاع التضخم، وضغوط على الموازنة العامة. لكن الجهود الحكومية الأخيرة، مثل تحرير سعر الصرف وتوسيع الشراكات الدولية، أسهمت في تحقيق استقرار نسبي.

ووفقًا لتقارير حديثة، تحسنت احتياطيات النقد الأجنبي، وزادت الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية، ومع ذلك، يظل السؤال: لماذا لا يشعر المواطن بهذا التحسن بعد؟ الإجابة تكمن في الطبيعة التدريجية للتعافي الاقتصادي.

أسباب تأخر الشعور بالتحسن  

ورغم التقدم في استقرار الاقتصاد الكلي، لا يزال التضخم يؤثر على أسعار السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود، في حين تشير بيانات حديثة إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسب مرتفعة خلال السنوات الأخيرة، مما يجعل الأسر بحاجة إلى وقت لتتكيف مع هذه التغيرات.

والزيادات في الأسعار، حتى لو كانت جزءًا من إصلاحات اقتصادية ضرورية، تحتاج إلى فترة لتستقر قبل أن يشعر المواطن بتحسن في قدرته الشرائية.

كما أن الإصلاحات الاقتصادية، مثل تطوير البنية التحتية أو جذب الاستثمارات الأجنبية، تتطلب وقتًا لتحقيق نتائج ملموسة.

المواطنين في مصر

وعلى سبيل المثال، مشاريع مثل العاصمة الإدارية الجديدة أو تطوير المناطق الصناعية تهدف إلى خلق فرص عمل وتحسين الاقتصاد، لكن فوائدها تحتاج إلى سنوات لتصل إلى المواطن العادي، وهذا التأخير طبيعي في الإصلاحات الكبرى، حيث تبدأ النتائج الكلية قبل أن تنعكس على مستوى الأفراد.

وقرارات مثل رفع أسعار الوقود أو الأسمدة، تهدف إلى تحقيق الاستدامة الاقتصادية، لكنها تسبب ضغوطًا مؤقتة على المواطنين والشركات، وهذه الإجراءات، رغم أهميتها لتصحيح المسار الاقتصادي، تتطلب فترة انتقالية لتتكيف معها الأسواق والأفراد، مما يؤخر شعور المواطن بالتحسن.

كما أن تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية، مثل زيادة الصادرات أو استقرار العملة، لا يترجم فورًا إلى تحسن في الحياة اليومية، وعلى سبيل المثال، يشير منشور على إكس إلى أن قيمة الجنيه المصري تأثرت بشدة خلال السنوات الماضية، مما جعل تكاليف المعيشة مرتفعة، وهذا يعني أن الأسر تحتاج إلى وقت لاستعادة توازنها المالي.

لماذا يحتاج التعافي إلى صبر؟

والتعافي الاقتصادي ليس حدثًا فوريًا، بل عملية تدريجية تعتمد على تراكم الإنجازات، في حين أن الجهود الحكومية، مثل تعزيز الاحتياطي الأجنبي أو إبرام اتفاقيات مع مؤسسات دولية، تمثل خطوات أساسية، لكنها تحتاج إلى وقت لتؤتي ثمارها على مستوى الأفراد.

وعلى سبيل المثال، زيادة الاستثمارات الأجنبية قد تخلق فرص عمل في المستقبل، لكن الأسر التي تواجه ارتفاع الأسعار اليوم لا تشعر بهذا التحسن فورًا، وهذا التأخير ليس عيبًا في السياسات، بل جزء طبيعي من ديناميكيات الاقتصاد.

كيف يمكن تسريع وصول التحسن إلى المواطن؟

ولتقريب الشعور بالتحسن، يمكن للحكومة اتخاذ خطوات إضافية، مثل:  

  • تعزيز الدعم المباشر: توسيع برامج الدعم النقدي المؤقت للأسر الأكثر احتياجًا لتخفيف الضغط خلال الفترة الانتقالية
  • التواصل الشفاف: توضيح الجدول الزمني للإصلاحات وتوقعاتها للمواطنين، مما يساعد على بناء الثقة.
  • دعم القطاعات الحيوية: التركيز على القطاعات التي تؤثر مباشرة على المواطن، مثل الزراعة والصناعات الصغيرة، لخفض تكاليف السلع الأساسية.
  • توسيع فرص العمل: تسريع وتيرة خلق فرص العمل من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

ورحلة التعافي الاقتصادي في مصر مستمرة، والخطوات التي اتخذتها الحكومة تشير إلى مستقبل أفضل، ولكن كما في أي رحلة كبيرة، يحتاج المواطن إلى وقت ليشعر بثمار هذه الجهود.

والاستقرار الاقتصادي يبني أساسًا قويًا، لكن تحويله إلى تحسن ملموس في حياة الناس يتطلب صبرًا وجهودًا مستمرة.