السبت 20 سبتمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
اقتصاد مصر

دواء مر.. كيف استعدت مصر للخروج من عباءة صندوق النقد الدولي؟

السبت 20/سبتمبر/2025 - 09:00 ص
كيف استعدت مصر للخروج
كيف استعدت مصر للخروج من عباءة صندوق النقد الدولي؟

تشهد الساحة الاقتصادية المصرية حالة من الجدل حول مستقبل الاقتصاد الوطني في ظل قرب انتهاء برنامج التعاون مع صندوق النقد الدولي، فبينما يرى البعض أن التحديات العالمية والإقليمية، لاسيما الصراعات في المنطقة وتذبذب حركة التجارة الدولية، لا تزال تمثل ضغطا على الموارد الدولارية، فإن خبراء الاقتصاد يؤكدون أن مصر استطاعت أن تبني قاعدة قوية من الإصلاحات الهيكلية والصفقات الاستثمارية التي تجعلها في وضع مميز للتعامل مع مرحلة "ما بعد الصندوق".

فالإصلاحات التشريعية، والتوسع في مشروعات البنية التحتية، والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر، إضافة إلى التدفقات الاستثمارية الكبرى التي شهدتها مصر خلال العامين الماضيين، كلها عناصر تشير إلى أن القاهرة تتحرك في مسار إصلاحي متكامل لا يقتصر على التمويل الخارجي، بل يتجاوز ذلك نحو تعزيز الثقة الدولية في قدراتها الاقتصادية.

البهواشي: مصر جاهزة للخروج من عباءة الصندوق

الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي

وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، أن مصر أعدت نفسها بشكل جيد لمرحلة ما بعد التعاون مع صندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أن المناخ الاستثماري أصبح أكثر قدرة على تحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة في جذب الاستثمارات وتحقيق الربحية في وقت قصير، مع ضمان عوائد متوازنة تعود بالنفع على المستثمرين والاقتصاد الكلي في آن واحد.

وأوضح البهواشي، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن الدولة المصرية نفذت إصلاحات واسعة شملت مختلف القطاعات، سواء على المستوى التشريعي أو من خلال تطوير البنية التحتية ودعم القطاعات الاقتصادية الحيوية، إلى جانب التوسع في توطين الصناعات والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر، معتبرا أن هذه الخطوات أسهمت في زيادة الاستثمارات المباشرة المحلية والأجنبية، كما عززت من مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، لتصبح النتائج مرضية بدرجة كبيرة، مؤكدًا أن مصر تسير على الطريق الصحيح.

صندوق النقد منح الاقتصاد المصري شهادة ثقة عالمية

كيف استعدت مصر للخروج من عباءة صندوق النقد الدولي؟

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الحكومة نجحت في إعادة هيكلة الاقتصاد عبر رفع معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي، وخفض أعباء المديونية العامة مع جدولتها على آجال طويلة الأمد، فضلًا عن إزالة الكثير من العقبات التي كانت تعترض الاستثمار، مضيفا أن السياسات الإصلاحية امتدت إلى القطاع النقدي، حيث حقق البنك المركزي طفرة ملحوظة في استقرار سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء للعملة.

وأشار “البهواشي” إلى أن هذه الإصلاحات انعكست على زيادة العائدات الدولارية، متوقعا أن تتعزز هذه الإيرادات بشكل أكبر مع افتتاح المتحف المصري الكبير وما سيحدثه من رواج في قطاع السياحة، مشددا  على أن مصر أصبحت بالفعل مستعدة لمرحلة ما بعد الصندوق، وقادرة على الخروج من عباءته بأمان، موضحا أن التعاون مع صندوق النقد واعتماد برامجه الإصلاحية منح مصر شهادة ثقة في قوة اقتصادها، ورسالة طمأنة للمستثمرين الأجانب.

كما بيّن أن تقارير المراجعة الدورية للصندوق ترتبط بها تقارير صادرة عن مؤسسات التصنيف الدولية والبنك الدولي، وهو ما ينعكس إيجابًا على قرارات المستثمرين بشأن ضخ مزيد من التدفقات الاستثمارية، مؤكدا أن تمويلات الصندوق، رغم أنها ليست كافية لتغيير بنية الاقتصاد، فإنها تمثل مرجعية مهمة تدعم الثقة وتعزز من جاذبية السوق المصرية أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

خطاب: مصر جاهزة لمرحلة ما بعد الصندوق

الخبير الاقتصادي أحمد خطاب

أكد الخبير الاقتصادي أحمد خطاب أن الاقتصاد المصري يشهد معدلات نمو ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، خاصة في قطاعات الاستثمار العقاري والصناعي والتجاري والزراعي، وهو ما يعكس قدرة الدولة على تعزيز جاذبية السوق أمام المستثمرين المحليين والأجانب.

وقال خطاب، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن مصر تمكنت خلال العامين الماضيين من جذب استثمارات أجنبية مباشرة تجاوزت قيمتها 35 مليار دولار من خلال صفقة "رأس الحكمة"، إلى جانب تدفقات استثمارية من قطر بلغت 7.5 مليار دولار، فضلا عن استثمارات عقارية ضخمة تقدر بنحو 20 مليار دولار في مشروع "مراسي ريد"، مشيرا إلى أن هذه الصفقات تمثل مؤشرات قوية على ثقة المستثمرين، مع توقع دخول المزيد من الشركات العربية والغربية خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف أن هذه التطورات الاقتصادية تعكس استعداد مصر الجيد لمرحلة ما بعد التعاون مع صندوق النقد الدولي، معتبرًا أن حجم الاستثمارات التي تم ضخها قادرة على تعويض ما كانت توفره قروض الصندوق.

طلبات الصندوق "دواء مر لا بد من تناوله"

وشدد الخبير الاقتصادي، على أن اللجوء إلى الصندوق لا يقتصر على التمويل، بل يهدف بالأساس إلى الحصول على شهادة ثقة تعزز من طمأنة الدول الأجنبية وتدعم تدفقات الاستثمارات المباشرة.

ولفت خطاب إلى أن بعض مطالب الصندوق كانت قاسية على الاقتصاد المصري، لكنه وصفها بأنها بمثابة "الدواء المر الذي لا بد من تناوله"، مستشهدا بقرار رفع الدعم الذي مثل خطوة صعبة وأدى إلى ارتفاع معدلات التضخم، إلا أن المجتمع تمكن من استيعاب تداعياته، موضحا أن استمرار منظومة الدعم كان سيعرقل النمو في القطاعات الصناعية والصحية والتعليمية والتجارية، مؤكدًا أن رفع الدعم كان إجراء ضروريا لتحقيق الإصلاح.

وأشار خطاب إلى أن الحكومة المصرية لم تتردد في رفض بعض نصائح الصندوق التي لم تتناسب مع طبيعة الاقتصاد أو احتياجات المجتمع المصري، وهو ما يعكس مرونة في التعامل مع متطلبات المؤسسات الدولية.

كيف استعدت مصر للخروج من عباءة صندوق النقد الدولي؟

تحسن الاقتصاد رهن الأوضاع الجيوساسية  

وتوقع أن يشهد الاقتصاد المصري مزيدا من التحسن بعد انتهاء برنامج التعاون مع الصندوق، لكنه ربط ذلك بتطورات الأوضاع الإقليمية، لاسيما الصراعات الدائرة في المنطقة والتي أربكت حركة التجارة العالمية وأثرت على إيرادات قناة السويس باعتبارها ركيزة أساسية في تدفقات النقد الأجنبي لمصر.

وأضاف أنه بعد القمة الإسلامية العربية الأخيرة في قطر، قد يكون هناك تحرك إيجابي باتجاه إنهاء الحرب على غزة، وهو ما يأمل الجميع أن يسهم في استعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة، بما ينعكس على الاقتصاد المصري.

وأختتم الخبير الاقتصادي تصريحاته بالتأكيد على أن انتهاء قرض صندوق النقد الدولي وتحسن المؤشرات الاقتصادية سيفتحان المجال أمام مصر لتحقيق نمو أكبر من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وزيادة الصادرات، وتوسيع حجم التبادل التجاري، وتطوير الصناعة الوطنية.

الاقتصاد المصري بات يمتلك قاعدة متينة

كيف استعدت مصر للخروج من عباءة صندوق النقد الدولي؟

وتكشف مجمل هذه الرؤى أن الاقتصاد المصري بات يمتلك قاعدة متينة من الإصلاحات والصفقات الاستثمارية الكبرى التي تعزز جاهزيته لمرحلة ما بعد التعاون مع صندوق النقد الدولي، حيث ساهمت الإصلاحات الهيكلية والتشريعية، إلى جانب التدفقات الاستثمارية الأجنبية، في بناء ثقة متزايدة بالسوق المصرية، رغم استمرار التحديات العالمية والإقليمية. 

ومع ذلك، يبقى استقرار المنطقة وتطورات حركة التجارة الدولية عاملا حاسما في دعم التطلعات المستقبلية لمزيد من النمو، وزيادة الصادرات، وجذب الاستثمارات، بما يرسخ موقع مصر كأحد أبرز الاقتصادات الصاعدة في المنطقة.