الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
اقتصاد مصر

منطقة الأهرامات هتنور.. طلبات عالمية ضخمة للاستثمار في محيط المتحف المصري الكبير

السبت 20/ديسمبر/2025 - 11:04 م
الأهرامات في الجيزة
الأهرامات في الجيزة

في قلب هضبة الجيزة، حيث تقف أهرامات خوفو وخفرع ومنقرع شاهقة منذ آلاف السنين، ويشهد العالم اليوم إعادة إحياء لعصر ذهبي جديد، مع استثمارات ضخمة تلوح في الأفق.

وافتتاح المتحف المصري الكبير في نوفمبر 2025 لم يكن مجرد حدث ثقافي، بل كان شرارة انفجار اقتصادي يجذب المستثمرين من أنحاء العالم إلى محيط هذه الأرض التاريخية، ومع تكلفته البالغة مليار دولار، ومساحته الشاسعة التي تتجاوز 500 ألف متر مربع، أصبح المتحف بوابة لاستثمارات سياحية وفندقية هائلة، تحول المنطقة من مجرد موقع أثري إلى مركز حيوي نابض بالحياة الاقتصادية.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التفاصيل العميقة لهذا التحول، وكيف أن منطقة الأهرامات المحيطة للمتحف المصري الكبري أصبحت محور استثمارات عالمية كبرى.

لحظة تاريخية تعيد رسم خريطة السياحة العالمية

وكان يوم 1 نوفمبر 2025 يومًا تاريخيًا، حيث شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي افتتاح المتحف المصري الكبير بحضور قادة عالميين ووفود من 79 دولة.

وبعد عقدين من البناء والتأجيلات بسبب التحديات الإقليمية، أصبح المتحف -الذي يعرف أيضًا باسم "متحف القرن" أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة.

ويقع على بعد كيلومترين فقط من أهرامات الجيزة، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية نادرة، بما في ذلك المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون لأول مرة منذ اكتشافها عام 1922، وتمثال رمسيس الثاني الضخم الذي يبلغ ارتفاعه 11 مترًا، ومراكب الشمس الخاصة بالفرعون خوفو.

كما تم الإعلان عن المتحف في عام 1992، وبدأ البناء فعليًا في 2005، بتكلفة تجاوزت المليار دولار، مدعومًا بقروض يابانية واستثمارات دولية.

وخلال الأسابيع الأولى بعد افتتاح المتحف المصري الكبير، استقبل آلاف الزوار يوميًا، مع توقعات بوصول عدد السياح إلى 18-19 مليون بنهاية 2025، مقارنة بـ15 مليون في 2024.

وهذا الافتتاح لم يكن مجرد عرض للآثار، بل كان عرضًا لقدرة مصر على دمج التراث بالحداثة، مع عروض ضوئية وصوتية تحول المنطقة إلى مهرجان ثقافي مستمر.

طلبات استثمارية خليجية ويابانية تتدفق بعد الافتتاح

وفي تصريحات حديثة على هامش مؤتمر تنافسية الاقتصاد المصري، كشف حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، عن تلقي طلبات يومية من مستثمرين أجانب، خاصة من دول الخليج واليابان، لتنفيذ مشروعات سياحية وفندقية في محيط المتحف.

وأكد هيبة أن الافتتاح أشعل شهية المستثمرين، مع رغبات في إقامة مشروعات ترفيهية، خدمات سياحية متكاملة، فنادق بمستويات مختلفة، ومنتجعات سياحة علاجية.

وأوضح أن الهيئة تقدم تسهيلات فورية عند توفر الأراضي، بما في ذلك "الرخصة الذهبية" التي تمنح موافقات سريعة، إلى جانب دراسات جدوى ودعم تمويلي.

المتحف المصري الكبير

وأشار هيبة إلى أن مصر حققت المرتبة التاسعة عالميًا في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2024، والأولى أفريقيًا، مع إطلاق الجيل الثالث من الخريطة الاستثمارية التي تروج لثمانية قطاعات أولوية، بما فيها السياحة. 
وهذه التصريحات تتوافق مع تقارير حديثة تشير إلى زيادة الاهتمام الاستثماري في غرب القاهرة، حيث أصبح محيط المتحف أكثر المناطق طلبًا للاستثمار العقاري.

المشروعات الاستثمارية المستهدفة في محيط الأهرامات والمتحف الكبير

وتتنوع الطلبات الاستثمارية لتشمل مشروعات تحول المنطقة إلى وجهة سياحية متكاملة تعمل على مدار 24 ساعة، ومن أبرزها:

فنادق فاخرة ومتوسطة: مثل مشروع "سوفيتل ليجند الأهرامات" باستثمار 170 مليون دولار من مستثمرين إماراتيين، ومشروع فورسيزونز بالشراكة مع مجموعة طلعت مصطفى على مساحة 350 ألف متر مربع، كما تلقت الهيئة طلبات لإنشاء فنادق يابانية تركز على السياحة الثقافية.

مرافق ترفيهية وتجارية: تشمل مطاعم عالمية، مراكز تسوق، ومناطق ترفيهية تستفيد من العروض الضوئية والصوتية حول الأهرامات، حيث يخطط لممشى سياحي يربط المتحف بالأهرامات، مع إضافة حدائق ومناطق خضراء.

سياحة علاجية وثقافية: مشروعات تستغل الموقع التاريخي لتقديم خدمات صحية متكاملة، مثل منتجعات تجمع بين الاسترخاء والزيارات الثقافية.

تطوير البنية التحتية: يشمل المخطط العمراني من مطار سفنكس الدولي إلى دهشور، مع تحديد مواقع للفنادق والأنشطة الترفيهية، مدعومًا بتوسيع شبكة الطرق والنقل العام.

وهذه المشروعات تعكس تحولًا استراتيجيًا، حيث يُتوقع أن يرفع المتحف مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 15% بحلول 2027.

الرخصة الذهبية وإصلاحات مناخ الأعمال 2025

وتقدم الهيئة العامة للاستثمار حوافز جذابة لتشجيع هذه الطلبات، مثل الرخصة الذهبية التي تمنح موافقات فورية، إعفاءات ضريبية لمدة تصل إلى 10 سنوات، ودعم تمويلي من خلال شراكات مع بنوك دولية.

واتخذت الدولة إصلاحات هيكلية خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك تبسيط الإجراءات الإدارية وتطوير المناطق الحرة، مما جعل مصر جاذبة للاستثمارات الأجنبية التي بلغت 15 مليار دولار في 2024.

وفي خطة 2025/2026، تستهدف وزارة التخطيط 116.2 مليار جنيه استثمارات سياحية، بنمو 60.5% عن العام السابق، معظمها من القطاع الخاص.

وهذه الحوافز ساهمت في زيادة الإيرادات السياحية إلى 13.6 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من 2025، بنمو 20%.

تأثير المتحف على الاقتصاد السياحي والاستثماري

وساهم افتتاح المتحف في طفرة اقتصادية واضحة. خلال الشهر الأول، زادت الإيرادات السياحية بنسبة ملحوظة، مع توقعات بجذب 30 مليون سائح بحلول 2030.

وأدى ذلك إلى إضافة آلاف الغرف الفندقية الجديدة في غرب القاهرة، وخلق ملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

كما أصبح محيط المتحف مركزًا للاستثمار العقاري، مع مبيعات تصل إلى 3.5 مليار جنيه في 2025، وتوقعات بوصولها إلى 10 مليارات في 2026.

ومع ذلك، تواجه المنطقة تحديات مثل ضمان الاستدامة البيئية وحماية المواقع الأثرية من التوسع العمراني، لكن الحكومة تؤكد على مخططات متوازنة.

مستقبل منطقة الأهرامات

وتتنبأ التقارير بأن تشهد المنطقة طفرة تحولها إلى مدينة سياحية متكاملة، تجمع بين التراث والحداثة، ومع ربط المتحف بمطار سفنكس والطرق السريعة، يتوقع زيادة الإيرادات السياحية إلى 20 مليار دولار سنويًا.

وهذا الازدهار يعزز التنمية المستدامة، مدعومًا بشراكات وطنية ودولية، ويضع مصر كوجهة رائدة في السياحة الثقافية.

ومع الطلبات العالمية المتزايدة والافتتاح الناجح، تبدو منطقة الأهرامات على أعتاب عصر ذهبي، والمتحف المصري الكبير ليس مجرد صرح أثري، بل محرك اقتصادي يعيد إحياء حضارة مصر القديمة في سياق حديث، يجذب العالم ويثري الاقتصاد الوطني.