120 مليار دولار.. مصر تصبح أكبر سوق إنشاءات عقارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

تتجه أنظار المستثمرين العالميين اليوم إلى السوق العقاري المصري، الذي يعيش واحدة من أكثر فترات نشاطه منذ عقود، وهذا الزخم لا يأتي مصادفة، بل هو نتيجة مسار طويل من التخطيط الحكومي، والتوسع في المشروعات القومية العملاقة، وخلق مدن جديدة تحمل مواصفات عصرية قادرة على استيعاب النمو السكاني السريع.
فعلى مدار السنوات الأخيرة، تحولت مدن مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة من مجرد مخططات على الورق إلى واقع ينبض بالحركة، ما ساهم في رفع متوسط أسعار الوحدات السكنية بنسبة 16.5% على أساس سنوي، كما بلغ متوسط سعر المتر السكني في مدينة مثل الشيخ زايد نحو 115 ألف جنيه، وفي القاهرة الجديدة حوالي 98 ألف جنيه، وهو ما يعكس تصاعد الطلب على العقار في المناطق العمرانية الحديثة.
565.5 مليار دولار قيمة مشروعات البناء المستقبلية في مصر
وكشف تقرير صادر مؤخرا عن "نايت فرانك" العالمية يقدم صورة واضحة لحجم السوق العقاري في المصري، حيث تجاوزت قيمة مشروعات البناء المستقبلية 565.5 مليار دولار، ما يضع مصر في المرتبة الثالثة بين أكبر أسواق الإنشاءات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الأهم أن قيمة المشروعات الجاري تنفيذها حاليًا تصل إلى 120 مليار دولار، وهي أرقام تعكس قدرة السوق على التحول إلى مركز إقليمي للبناء والتطوير، ليس فقط على مستوى حجم الإنفاق، بل من حيث تنوع المشاريع بين سكنية وتجارية وإدارية وبنية تحتية.

فرص استثمار عقاري في مصر لم تستغل بعد
وبحسب التقرير، لا يزال أكثر من نصف المشروعات العقارية (51%) في مرحلة الدراسة، فيما بلغت نسبة المشروعات في مرحلة التصميم نحو 39%، وهذه المؤشرات تكشف عن مخزون ضخم من الفرص التي لم تصل بعد إلى مرحلة التنفيذ، ما يفتح الباب أمام شركات التخطيط والهندسة والمكاتب الاستشارية والمستثمرين للدخول المبكر والاستفادة من النمو المتوقع في السوق خلال الفترة المقبلة.
وفي هذا السياق، أكد فيصل دوراني، رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط في "نايت فرانك"، أن حجم التطوير العمراني في مصر "استثنائي" على مستوى المنطقة، ليس فقط من حيث المساحة أو عدد المشاريع، بل أيضا من حيث تنوعها وتوزعها الجغرافي، وهذا التنوع خلق بيئة مثالية للمستثمرين المحليين والدوليين لاقتناص فرص نمو عالية العائد.
أما زينب عادل، مديرة مكتب الشركة في مصر، فشددت على أن النجاح في السوق العقاري المصري يتطلب معرفة دقيقة بطبيعة السوق واللوائح المنظمة له، مؤكدة أن الإلمام بهذه التفاصيل يقلل المخاطر ويعظم من العوائد الاستثمارية.

274 ألف جنيه سعر المتر في القطاع التجاري
لم يقتصر النشاط على القطاع السكني فحسب، بل امتد إلى القطاع التجاري الذي يشهد تنافسا على تطوير مساحات مكتبية عالية الجودة، وتراوحت تكلفة إنشاء المباني المكتبية بهيكل خارجي وتشطيبات أساسية بين 565 و775 دولارا للمتر المربع، بينما بلغت تكلفة المساحات الإدارية كاملة التشطيب نحو 1,210 دولارات للمتر المربع وفقا لمعايير البناء العالمية.
وتكشف البيانات أن القاهرة الجديدة تستحوذ على 73% من سوق المكاتب الإدارية في العاصمة، حيث بلغ متوسط سعر المتر للمكاتب العادية نحو 274 ألف جنيه، فيما وصل سعر المتر للمساحات الفاخرة إلى 466 ألف جنيه، وهو ما يعكس قوة الطلب على المساحات المجهزة وفق المعايير الدولية.

مصر لاعبا رئيسيا في في قطاع العقارات
بهذه المؤشرات، لا تبدو مصر مجرد سوق ناشئ في قطاع العقارات والإنشاءات، بل لاعب رئيسي يعيد تشكيل الخريطة الاستثمارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وإذا ما استمرت وتيرة التطوير الحالية، فإن السنوات المقبلة قد تشهد انتقال القاهرة ومدنها الجديدة إلى مصاف المراكز الإقليمية الرائدة في مجالات العمران والاستثمار العقاري، مدعومة بمزيج من الطلب المحلي المتنامي ورغبة المستثمرين الدوليين في التواجد داخل أكبر سوق إنشاءات في المنطقة.