السبت 05 يوليو 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
تحليل

الشقق هترخص ولا هتزيد؟.. تأثير تعديلات ضريبة القيمة المضافة على أسعار العقارات في مصر؟

السبت 05/يوليو/2025 - 05:00 م
تأثير ضريبة القيمة
تأثير ضريبة القيمة المضافة على أسعار العقارات في مصىر

أشعلت التعديلات التشريعية الجديدة على قانون ضريبة القيمة المضافة موجة من الجدل داخل أروقة الاقتصاد المصري، بعد أن أقرّ مجلس النواب إخضاع قطاع المقاولات للسعر العام للضريبة بنسبة 14% بدلًا من خضوعه لضريبة الجدول بنسبة 5%، مع السماح بخصم الضريبة المسددة على جميع المدخلات، سواء كانت سلعية أو خدمية.

التحول المفاجئ في آلية احتساب الضريبة على أحد أكثر القطاعات حساسية وتأثيرًا على الاقتصاد الكلي، فتح الباب أمام سلسلة من التساؤلات: هل نحن بصدد موجة جديدة من ارتفاع أسعار العقارات؟ أم أن الإصلاح الضريبي سيفضي إلى نتائج عكسية تُخفف العبء عن السوق وتعيد التوازن بين كلفة البناء وسعر البيع؟

تأثير تعديلات ضريبة القيمة المضافة على أسعار العقارات 

بعيدًا عن الأرقام المجردة، تكمن أهمية التعديل في تغير جوهري بالبنية الضريبية، إذ لم تعد ضريبة المقاولات تُفرض بنظام "الجدول" غير القابل للخصم، بل أصبحت ضمن منظومة القيمة المضافة القابلة لخصم المدخلات. 

ويُفترض نظريًا أن هذا التغيير يخفف العبء الحقيقي على المقاول، نظرًا لإمكانية خصم الضرائب التي تم سدادها على مستلزمات الإنتاج، والتي تُشكل أكثر من 70% من تكلفة بناء العقار.

إلا أن هذا الطرح، رغم منطقيته المحاسبية، لم يُقنع الجميع، فبينما يرى البعض أن هذه الخطوة تمثل إصلاحًا هيكليًا طال انتظاره، يرى آخرون أنها ستُفضي إلى ارتفاع فعلي في الأسعار نتيجة اضطراب السوق وعدم جاهزية الكيانات الصغيرة للتعامل مع المنظومة الجديدة.

تأثير ضريبة القيمة المضافة على أسعار العقارات في مصىر

السوق العقارية.. بين الانكماش والتعافي 

رغم تأكيد مصلحة الضرائب أن التعديل لن يؤدي إلى أي زيادات سعرية، وأنه سيُخفف من التكلفة الإجمالية لخدمة المقاولة، فإن حالة من عدم اليقين لا تزال تخيم على المشهد، وسط ترقب لكيفية ترجمة التعديلات إلى أرقام فعلية في جداول التسعير والموازنات التقديرية للمشروعات قيد التنفيذ.

المصلحة أشارت إلى أن الضريبة كانت تُحمَّل سابقًا ضمن تكلفة المقاولة، بينما باتت الآن قابلة للخصم، ما يعني أن المقاول لن يتحمل سوى الفارق الحقيقي بعد خصم المدخلات، مما قد يؤدي في المجمل إلى خفض تكلفة البناء وليس زيادتها.

غرفة التطوير العقاري:  0.5% زيادة في السعر أو أقل

أكد أسامة سعد الدين، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، أن التعديلات الأخيرة في تطبيق ضريبة القيمة المضافة على العقارات أعادت الأمور إلى وضعها الطبيعي، مشيرًا إلى أن النسبة المعتمدة حاليًا تبلغ 14% بدلًا من 5% التي كانت تُفرض مؤقتًا على بعض الأعمال المجدولة.

وأوضح سعد الدين، في تصريحات تليفزيونية، أن تحديد القيمة الخاصة بضريبة القيمة المضافة لا يندرج تحت اختصاص المطورين العقاريين، وإنما يعود إلى الجهة المانحة، مشيرًا إلى أن العرف الجاري في السوق يقتضي بأن يكون المقاول هو الجهة التي تتحمل سداد الضريبة.

وحول الجدل القائم بشأن تأثير التغيير في نسبة الضريبة من 5% إلى 14% على أسعار العقارات، أكد سعد الدين أن الزيادة ستكون محدودة للغاية، إذ أن البند الذي طرأ عليه التعديل لا يمثل سوى جزء ضئيل من تكلفة المنتج العقاري النهائي، مشيرا إلى أن نسبة التغير المتوقعة في أسعار العقارات نتيجة لتعديل الضريبة لن تتجاوز 0.5% أو أقل في القيمة النهائية للوحدة العقارية.

وأكد المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، أن المطورين العقاريين قادرون على التعامل مع هذه الزيادة بمرونة، من خلال أدوات وآليات مختلفة لتفادي تحميل المستهلك أي أعباء إضافية.

تأثير ضريبة القيمة المضافة على أسعار العقارات في مصىر

تحليل لتعديلات ضريبة القيمة المضافة 

من أبرز ملامح التعديل الجديد إلغاء ضريبة الجدول على أنشطة المقاولات والتشييد، حيث تم حذف البند الذي كان يُخضع هذه الأنشطة لضريبة غير قابلة للخصم، ليُطبق عليها السعر العام مع خصم كامل للضريبة على المدخلات، سواء كانت مواد بناء، معدات، خدمات هندسية، أو مقاولين من الباطن.

ويعتبر متخصصون أن التحول إلى ضريبة قطعية في بعض القطاعات، يُعيد رسم الخريطة الضريبية لتكلفة بعض الخدمات والسلع المرتبطة بالمقاولات، ويُمهِّد لتوازن مالي طويل المدى.

ورغم المخاوف، تبدو المؤشرات الأولية في صالح السوق، حال تنفيذ التعديلات بشكل منضبط وعادل، إذ يمكن أن يؤدي هذا التغيير إلى:

خفض تكاليف البناء:

وذلك من خلال خصم ضريبة المدخلات، ما يخفف من الأعباء الفعلية على الشركات، ويتيح فرصا أكبر للمنافسة بين المطورين العقاريين.

استقرار أو تراجع نسبي في أسعار العقارات:

سيشهد السوق العقاري استقرار أو تراجع نسبي في الأسعار نتيجة تراجع تكلفة التنفيذ، مما يُعزز من قدرة شريحة أكبر من المواطنين على شراء وحدات سكنية في ظل التضخم الحالي.

تأثير ضريبة القيمة المضافة على أسعار العقارات في مصىر

هل تعيد تعديلات ضريبة القيمة المضافة تنظيم السوق العقاري؟

بعيدًا عن الأثر المباشر على الأسعار، يُمثّل هذا التعديل جزءًا من خطة أوسع لإصلاح المنظومة الضريبية، وتوسيع القاعدة المحاسبية، وتحقيق الشفافية، وتضييق الفجوة بين الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي، وهي خطوات تأتي ضمن التزامات مصر تجاه برامج الإصلاح المتفق عليها مع مؤسسات التمويل الدولية.

ووفقًا لمشروع موازنة 2025-2026، تستهدف الحكومة تحصيل 1.1 تريليون جنيه من ضريبة القيمة المضافة، مقابل 828 مليارًا العام الحالي، ما يكشف عن طموح مالي كبير، لا يقتصر على رفع نسب التحصيل، بل يتجاوزها إلى ضبط الهيكل الضريبي ذاته.

تكلفة بناء العقارات قبل وبعد تطبيق تعديلات ضريبة القيمة المضافة 

تكلفة بناء العقارات بعد تعديلات ضريبة القيمة المضافة ستكون أقل نسبيا من التكلفة قبل تطبيق التعدلات، فعلى سبيل المثال في حالة تنفيذ مشروع إنشاء مبنى سكني بتكلفة إجمالية تبلغ 20 مليون جنيه، مع احتساب تكلفة المدخلات من مواد بناء وأجور عمالة وغيرها بقيمة 12 مليون جنيه، يتضح من الحسابات أن التعديلات الأخيرة على نظام ضريبة القيمة المضافة أحدثت فارقًا ملحوظًا في التكلفة النهائية.

ففي النظام السابق، كانت ضريبة الجدول تُفرض بنسبة 5% على إجمالي العقد، أي ما يعادل مليون جنيه من تكلفة العقار البالغة 20 مليون جنيه، بالإضافة إلى عدم السماح بخصم ضريبة القيمة المضافة على المدخلات والتي كانت تبلغ 1.68 مليون جنيه، لتصل التكلفة الإجمالية إلى 22.68 مليون جنيه.

أما بعد التعديل، فقد أُلغيت ضريبة الجدول، وتم تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14% على قيمة العقد، بما يعادل 2.8 مليون جنيه، مع السماح بخصم ضريبة المدخلات البالغة 1.68 مليون جنيه، ليصبح صافي الضريبة المستحقة 1.12 مليون جنيه فقط، وترتفع بذلك التكلفة النهائية إلى 21.12 مليون جنيه.

وبمقارنة التكلفة قبل وبعد التعديل، يتبين تحقيق وفر مالي قدره 1.56 مليون جنيه، أي بنسبة تخفيض تصل إلى نحو 6.88% من إجمالي التكاليف.

بين تحديات التطبيق وفرص الهيكلة 

التعديل يحمل في جوهره منافع هيكلية قد تحدث تحسنا ملموسا على مستوى التكاليف والاستثمار، بشرط توافر شفافية في الإجراءات، وقدرة السوق على التأقلم، ودعم الكيانات الصغيرة والمتوسطة على الالتزام بمنظومة الخصم والاسترداد.

أما التخوف من ارتفاع الأسعار، فيظل مرهونًا بعوامل متعددة، أبرزها مدى التزام السوق بالأسعار العادلة، ومدى قدرة الجهات الرقابية على التصدي لأية محاولات لاستغلال التعديل كذريعة لرفع أسعار الوحدات دون مبرر اقتصادي حقيقي.