الأحد 12 مايو 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

الاقتصاد التركي على حافة الإنهيار.. وتحذيرات من ركود وتباطؤ حاد بسبب "غباء" القرارات الاقتصادية

الإثنين 17/أغسطس/2020 - 02:18 م
بانكير

تعيش تركيا على أرضية متزعزعة وانخفاض قيمة عملتها حيث تهدد التحركات النقدية المثيرة للجدل وتداعيات أزمات فيروس فيروس كورونا المتصاعدة اقتصاد أنقرة الهش الذي بات في خطر أكبر وتحذر وكالة فيتش من أن مخاطر الهبوط الحاد للاقتصاد بمعنى تباطؤ حاد أو حتى ركود قد ازدادت.

وكانت هناك أزمة اقتصادية تلوح في الأفق حتى قبل أن يجتاح فيروس كورونا تركيا بشراسة غير متوقعة ولكن العدوى كشفت بسرعة وبلا رحمة الطرق التي ترك بها رجب طيب أردوغان الاقتصاد ضعيفًا مما جعله يواجه التحدي الأكبر خلال 18 عامًا في السلطة.

- أزمات متلاحقة وأدى تفشي المرض إلى تفاقم معدلات البطالة المرتفعة بالفعل والتضخم وأثارت مخاوف جديدة بشأن الاستثمار المكثف لـ"أردوغان" في مشروعات البنية التحتية العملاقة التي حذر المحللون منذ فترة طويلة من أنها مكلفة للغاية ولا يمكن تحملها.

والدولة التي يبلغ عدد سكانها 82 مليون نسمة هي واحدة من الدول القليلة في أوروبا التي لم تطبق الإغلاق الإلزامي على مستوى البلاد وهو أمر تجنبه رئيسها رجب طيب أردوغان على أمل حماية الاقتصاد ولكن بعد ما يقرب من عامين من ضعف العملة والديون المرتفعة وتضاؤل الاحتياطيات الأجنبية وتزايد البطالة فإن تركيا في وضع سيء بشكل خاص لمواجهة الوباء.

- أوقات عصيبة قادمة أكد خبراء أن الاقتصاد التركي سيواجه أوقات عصيبة قادمة لأن تركيا كانت بالفعل في وضع ضعيف من الناحية الاقتصادية الكلية قبل أن يضربها فيروس كورونا فضلا عن أن معظم الشركات قد أغلقت وتبخرت السياحة وكانت البطالة في يناير الماضي 14٪ ومن المحتمل أن تزيد بشكل كبير خلال الأيام المقبلة.

يزعم أردوغان أن حكومته تعاملت مع تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية بشكل أفضل من أي دولة أخرى ولكن الدعوات المقلقة من الجمعيات الطبية في تركيا للمطالبة بشفافية الحكومة ودعمها في مكافحة فيروس كورونا تصاعدت مع ارتفاع عدد الحالات التي تثير تحذيرات من أنها قد تصبح إيطاليا أو إسبانيا المقبلة.

وأثارت التحركات الأخيرة من قبل إدارة أردوغان مخاوف المستثمرين - فقد قيدت تركيا قدرة الأجانب على تداول الليرة في سوق المقايضات الخارجية مما أدى إلى انخفاض العملة إلى أبعد نقطة بين الأسواق الناشئة.

- مزيد من انخفاض العملة والاحيتاطي وتوقع محللون أن تنخفض قيمة الليرة أكثر حيث تأثرت بالفعل بأزمة العملة في البلاد في 2018 و 2019 ، وشهد هذا العام ارتفاع الدولار بنسبة 13 ٪ على العملة التركية ، والتي تم تداولها عند 6.796 للدولار مقارنة بـ 5.946 في بداية العام كما يتوقع بنك MUFG الياباني انخفاض الليرة إلى 7 ليرات مقابل الدولار.

وانخفض إجمالي احتياطيات العملات الأجنبية بسرعة في الأشهر الأخيرة إلى أدنى مستوى له منذ عام 2009 ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى قيام البنك المركزي التركي ببيع الدولارات لدعم الليرة بشكل مصطنع.

وبلغت الاحتياطيات الأجنبية لتركيا باستثناء الذهب ، 77.4 مليار دولار في نهاية فبراير الماضي بحسب صندوق النقد الدولي وفي المقابل تقدر متطلبات التمويل لعام 2020 بنحو 170 مليار دولار.

وقال الخبراء إنه إذا واجهت أي دولة أزمة ديون سيادية فهناك مخاطر من احتمال انتقال العدوى إلى الأسواق الناشئة وتركيا لديها احتياجات تمويلية خارجية كبيرة وأن القطاع الخاص المثقل بالديون بالعملة الأجنبية يضاعف من هذه المخاطر.

- ركود دائم وعواقب كارثية كما حذروا من أن هناك توقعات بركود لمدة عام كامل في تركيا حيث سينهار قطاع السياحة الأمر الذي سيزيد الضغط على العجز المزدوج والليرة الهشة بالفعل والأمر الذي سيؤدي بدوره إلى زيادة التضخم.

كما تراجعت الليرة بعد أن نفى أردوغان بصوت عالٍ قبول أي دعم من صندوق النقد الدولي الذي يؤكد الاقتصاديون أن البلاد بحاجة ماسة إليه حيث لا تملك تركيا أنواع الموارد التي كانت تمتلكها قبل 10 سنوات للتعويض عن الانهيار الاقتصادي بسبب تداعيات أزمات فيروس كورونا وستحتاج تركيا إلى أي نوع من الموارد يمكنها الحصول عليها.

وتعليقا على خطاب أردوغان حينما قال إن تركيا لن تذعن لبرنامج صندوق النقد الدولي أو أي فرض من شأنه أن يدين بلدنا، أوضح محللون أنه من الغباء استبعاد التعاون مع صندوق النقد الدولي عندما ينزف البنك المركزي التركي احتياطيات العملات الأجنبية النادرة.

ووصف الخبراء خطوة أردوغان بأنها "تبجح يهدف إلى مساعدة البلاد في حفظ ماء الوجه لكن المستثمرين الأجانب لن يتأثروا".

كما اتفق المحللون على أن الخيارات مثل خط الائتمان من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي غير مؤكدة وأن ضوابط رأس المال ستكون كارثية وبدون مساعدة خارجية ومع بطالة جماعية وشيكة واحتياجات تمويل عالية وأزمة صحية قد تنفد خيارات تركيا بسرعة.

- تحركات البنك المركزي التركي وتابعوا أنه بالنظر إلى الوتيرة الحالية لنضوب احتياطي البنك المركزي التركي فإن الوقت ينفد بسرعة بالنسبة للبنك المركزي التركي والليرة وأردوغان فيما يتعلق بخيارات السياسة الاقتصادية.

ويبقى السؤال هل تتجه تركيا نحو أزمة اقتصادية ومالية قد تؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد؟

أكد خبراء أنه من المؤكد أن التطورات الأخيرة في الأسواق المالية للبلاد كانت مثيرة للقلق وفقدت العملة التركية "الليرة" أكثر من 30٪ من قيمتها مقابل الدولار وانخفض سوق الأسهم بنسبة 17٪ أو إذا قمت بقياسها بالدولار كما يفعل بعض المستثمرين الأجانب فإن الانخفاض هو 40٪

وهناك مقياس آخر تتم مراقبته غالبًا في الأسواق وهو تكاليف الاقتراض الحكومي والاقتراض لمدة 10 سنوات بعملتها الخاصة يكلف الآن 18٪ في السنة. حتى الاقتراض بالدولار مكلف بالنسبة لتركيا بتكلفة تقارب 7٪.

وتركيا لديها عجز في تجارتها الدولية حيث أنها تستورد أكثر مما تصدر أو بعبارة أخرى فهي تنفق أكثر مما تكسب ويجب تمويل هذا العجز إما عن طريق الاستثمار الأجنبي أو عن طريق الاقتراض وهذا في حد ذاته ليس غير عادي ولا خطير ولكن عجز تركيا كبير للغاية حيث بلغ 5.5٪ من الدخل القومي أو الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار خبراء الاقتصاد إلى أن هناك سمتان للديون الخارجية لتركيا تزيدان من ضعفها:

أولاً: لديها مستوى مرتفع من الديون المستحقة السداد في المستقبل القريب - قروض يجب سدادها والأموال المقترضة من جديد وباستخدام لغة الأسواق المالية فيجب إعادة تمويل الدين.

وتقدر وكالة التصنيف الائتماني فيتش أن إجمالي احتياجات التمويل لتركيا هذا العام سيكون حوالي 230 مليار دولار.

ثانيًا: اقترضت العديد من الشركات التركية بالعملة الأجنبية وتصبح هذه القروض أكثر تكلفة في السداد إذا انخفضت قيمة العملة الوطنية - وهو ما حدث بالفعل كما أدى ضعف العملة إلى تفاقم مشكلة التضخم المستمرة في تركيا وضعف الليرة يجعل الواردات أكثر تكلفة.

والبنك المركزي التركي لديه هدف تضخم بنسبة 5 ٪ وقبل عام كان التضخم أعلى بكثير من ذلك عند حوالي 10٪ ومنذ ذلك الحين ازداد الوضع تدهوراً مع ارتفاع الأسعار الآن بمعدل سنوي يبلغ حوالي 15٪ كما يشعر مستثمرو الأسواق المالية بالقلق الشديد بشأن آراء أردوغان بشأن السياسة الاقتصادية والضغط الذي يُنظر إليه على أنه يمارسه على البنك المركزي في البلاد.

وهناك خيار سياسي واضح مفتوح أمام البنك المركزي الذي يريد أن يضغط على التضخم وهو رفع أسعار الفائدة حيث أنه يمكن أن يحد من التضخم ويمكن أن يضعف الطلب في الداخل ومن خلال زيادة العوائد المالية في تركيا ، ويشجع المستثمرين على شراء الليرة مما يعزز العملة ويقلل من تكلفة الواردات.

وأشار خبراء المال والأعمال إلى أن المستثمرين غير مقتنعين بأن البنك المركزي التركي سيفعل ما هو مطلوب لتحقيق استقرار العملة والسيطرة على التضخم وهذا بدوره يجعلهم أكثر حذراً بشأن توقعات الأصول المالية التركية كما أن تركيا أيضًا في خطر من التطورات في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب سحب الأموال من الأسواق الناشئة وكان التأثير معتدلاً لكنه عامل مفاقم محتمل لبلدان مثل تركيا ذات نقاط ضعف أخرى.