الأسواق الأمريكية تتراجع رغم رهانات خفض الفائدة.. محضر الفيدرالي لا يشعل الزخم
أنهت الأسهم الأمريكية جلسة الثلاثاء على تراجع طفيف، رغم ارتفاع رهانات المستثمرين على قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل، بعد نشر محضر اجتماعه الأخير في ديسمبر. ورغم أن الوثيقة دعمت التوجه نحو مزيد من التيسير إذا استمر التضخم في الانحسار، فإن ضعف السيولة وغياب محفزات جديدة كبّحا موجة صعود حذرة في وول ستريت.
وتراجع مؤشر إس آند بي 500 بنحو 0.1% مسجلاً ثالث جلسة هبوط متتالية ضمن نطاق تداول ضيق، في حين ارتفعت عوائد سندات الخزانة واستقر العائد على السندات لأجل 10 سنوات قرب 4.12%. كما ارتفع مؤشر الدولار الفوري، في إشارة إلى استمرار حالة البحث عن الملاذات الدفاعية.
انقسام داخل الفيدرالي
أظهر المحضر أن غالبية صانعي السياسة يميلون إلى خفض الفائدة إذا واصل التضخم الهبوط بشكل مستدام، لكنه في الوقت نفسه كشف عن انقسامات داخلية بشأن توقيت الخطوة وحجمها، بعد قرار خفض ربع نقطة مئوية في الاجتماع السابق. هذا التباين عزّز رهانات السوق على سياسة أكثر ميلاً للتيسير، لكنه أبقى المستثمرين في حالة ترقب للبيانات المقبلة.
وقالت أماندا أغاتي، كبيرة مسؤولي الاستثمار في PNC Asset Management، إن السوق “تحتاج إلى فيدرالي داعم حتى تواصل الصعود”، لكنها حذّرت من أن أسواق السندات تبعث إشارات قلق من اتساع العجز والدين، ما قد يدفع العوائد الطويلة للبقاء مرتفعة نسبياً.
ضبابية سياسية إضافية
زادت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الغموض، بعد إشارته إلى امتلاكه مرشحاً مفضلاً لرئاسة الفيدرالي، وتلميحه إلى احتمال إقالة جيروم باول. ورغم أن الأسواق لا تسعّر هذا الاحتمال حالياً، فإن المتعاملين يرون أن أي تصعيد سياسي قد يؤثر على الثقة إذا ترافق مع تشدد نقدي غير متوقع.
وفي موازاة ذلك، أظهرت بيانات تسارعاً طفيفاً في أسعار المنازل خلال أكتوبر، فيما رجّحت تقديرات المتعاملين خفضين للفائدة في العام المقبل بدلاً من ثلاثة كانوا يتوقعونها في وقت سابق.
تباين عالمي وفقدان للزخم
على صعيد العملات، قفز اليوان الصيني فوق مستوى 7 يوانات للدولار لأول مرة منذ 2023، فيما تراجعت الأسهم الآسيوية بشكل محدود، مقابل مكاسب أوسع في أوروبا بدعم من صعود أسعار المعادن. ومع اقتراب نهاية العام، فقدت المؤشرات العالمية جزءاً من زخْمها بعد مكاسب قوية، بينما ينتظر المستثمرون ما بعد عطلة العيد قبل اتخاذ رهانات كبيرة.
المعادن والطاقة في الواجهة
عاد الذهب والفضة إلى الارتفاع بعد تقلبات حادة، حيث استعادت الفضة معظم خسائرها، وارتفع الذهب هامشياً بعد هبوط تجاوز 4%. وفي المعادن الصناعية، واصل النحاس أطول موجة مكاسب منذ 2017، بينما صعد النيكل إلى أعلى مستوى منذ مارس مع أنباء عن خطط إندونيسية لخفض المعروض. وفي الطاقة، استقرت أسعار النفط مع توازن المخاوف الجيوسياسية مقابل توقعات فائض الإمدادات.
وبين انتظار البيانات المقبلة وتزايد مؤشرات التباطؤ الموسمي، تبدو الأسواق الأمريكية عالقة بين آمال خفض الفائدة ومخاطر الضبابية السياسية والاقتصادية — ما يجعل بداية العام الجديد اختباراً حقيقياً لشهية المخاطرة.
