النفط الفنزويلي تحت المجهر الأمريكي.. مداخيل مادورو في مواجهة قيود واشنطن
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حصارًا مركزًا على ناقلات النفط الفنزويلية الخاضعة للعقوبات، في خطوة تستهدف تقويض قدرة نظام الرئيس نيكولاس مادورو على تمويل وارداته الأساسية وتلبية الالتزامات المالية للدولة. ويأتي هذا الإجراء في وقت تعتمد فيه فنزويلا على النفط لتوفير أكثر من 95% من إيراداتها الخارجية، حيث بلغت المبيعات النفطية المفوترة نحو 1.3 مليار دولار شهرياً خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025.
وأشار مسؤولون إلى أن هذا التحرك يواكب تصنيف مادورو "منظمة إرهابية أجنبية"، ما يوسع نطاق الملاحقة الجنائية لأي دعم مادي يُقدَّم للنظام، بما في ذلك تسديد الديون أو مدفوعات الموردين. ويُتوقع أن يؤدي هذا التصعيد إلى تجنب أسطول ناقلات النفط العالمي التعامل مع النفط الفنزويلي، وهو ما بدا واضحاً بعد احتجاز ناقلة النفط "سكيبر" في 10 ديسمبر، الأمر الذي دفع أربع ناقلات عملاقة لتغيير مسارها سريعاً.
على الرغم من أن النفط الفنزويلي يمثل حوالي 1% من الإنتاج العالمي، إلا أن الإجراءات الأمريكية تؤثر على سلسلة التوريد وأسعار الطاقة، إذ صعدت العقود المستقبلية لخام "برنت" بنحو 2%، بينما تظل الأسعار ضمن مستويات منخفضة نسبياً منذ 2021، بسبب وفرة المعروض في الأسواق العالمية.
من الناحية القانونية، يشكّل هذا الإجراء نوعاً من الحصار البحري الجزئي، إذ يستهدف ناقلات محددة دون فرض إغلاق كامل للمياه أو المجال الجوي الفنزويلي، ما يختلف عن الحصار التقليدي. لكن خطر التصعيد يبقى قائماً، خاصة إذا حاول مادورو استخدام قواته البحرية لكسر القيود، أو إذا تحركت الولايات المتحدة للاستيلاء على السفن الراسية، وهو احتمال قائم وفق تحليلات المسؤولين.
يعكس الحصار الأمريكي ضغوطاً مالية كبيرة على فنزويلا، إذ يعتمد النظام على واردات الوقود المكرر والمواد اللازمة لتخفيف ثقل النفط الخام الثقيل. أي توقف في الصادرات أو القيود على ناقلات النفط قد يؤدي إلى شل الاقتصاد واستنزاف الاحتياطيات الأجنبية، التي تقدر بنحو 13 مليار دولار، مع الإشارة إلى أن غالبية هذا المبلغ غير سائل أو غير متاح للنظام.
ورغم تفوق الولايات المتحدة العسكري الكبير، فإن أي تصعيد مباشر يُحتمل أن يكون قصيراً وغير متكافئ، لكنه قد يقوّض استقرار البلاد على المدى الطويل، ويضع النظام الفنزويلي أمام خيارات صعبة بين مواجهة الضغط الأمريكي أو التكيف مع انخفاض الإيرادات النفطية.
يبقى السؤال محوريًا: هل سيظل هذا الإجراء أشبه بـ"حجر" على حركة ناقلات النفط، أم أنه سيمثل مدخلاً لتصعيد أوسع يهدد المؤسسة العسكرية في فنزويلا ويقود إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي؟
