مش رقم خيالي.. سيناريوهات تفتح الطريق نحو 15 ألف دولار.. أسعار الذهب رايحة على فين؟
تسارعت وتيرة التحولات في أسعار الذهب عالميا، مدفوعة بمزيج معقد من الضغوط الاقتصادية والمالية والتوترات الجيوسياسية، لتعيد المعدن الأصفر إلى صدارة المشهد الاستثماري كأحد أهم الملاذات الآمنة في عالم يتسم بارتفاع مستويات عدم اليقين.
وفي ظل هذا المشهد، لم تعد التحركات القياسية لـ أسعار الذهب مجرد انعكاس لعوامل آنية، بل مؤشرًا على تغيرات هيكلية أوسع في النظام الاقتصادي العالمي، فبين خفض أسعار الفائدة، وتباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى، وتصاعد النزاعات التجارية، تتشكل أرضية جديدة تدفع الذهب إلى مستويات غير مسبوقة، وسط توقعات تمتد آثارها إلى ما بعد عام 2026.
أسعار الذهب عالميا نحو 15 ألف دولار للأونصة
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد الغباري، الرئيس التنفيذي لشركة الأكاديمية في دبي، إن العالم يعيش ما وصفه بـ«الاقتصاد الوهمي»، موضحًا أن حجم الاقتصاد العالمي يقدر بنحو 134 تريليون دولار، في وقت تتزايد فيه الفجوة بين القيم المالية والاقتصاد الحقيقي.
وأشار الغباري، في تصريحات تليفزيونية للعربية، إلى أن تمسك المستثمرين بالذهب باعتباره مخزنا حقيقيا للثروة قد يفتح الطريق أمام وصول أسعاره، على المدى الطويل، إلى مستويات قد تلامس 15 ألف دولار للأونصة، مؤكدًا أن هذه الرؤية لا ترتبط بعام 2026 تحديدًا، بل تمتد ضمن إطار زمني أطول.
ارتفاع أسعار الذهب 62% في 2025
وأوضح الغباري أن القفزات السعرية التي حققتها أسعار الذهب منذ جائحة كورونا، وصولًا إلى عام 2025 الذي شهد ارتفاعا بنحو 62%، تعكس اتجاها صعويا راسخا، مرجحا استمرار تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال السنوات المقبلة.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة الأكاديمية في دبي، أن الأسعار الحالية، التي بلغت نحو 4353 دولارا للأونصة، جاءت بعد مرحلة صعود متواصل قبل اختراق مستوى 4000 دولار، دون فترات استقرار واضحة، وهو ما يعكس قوة الزخم الشرائي.
أسباب ارتفاع أسعار الذهب
أشار الغباري إلى أن هناك مجموعة من العوامل المحورية التي تدعم استمرار صعود أسعار الذهب، من بينها ضعف سعر الدولار الأمريكي، وتراجع عوائد السندات، وتصاعد المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، وهو ما دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بنحو 25 نقطة أساس.
وأضاف الغباري ان من بين الأسباب التي ساهمت أيضا في صعود أسعار الذهب عالميا، التوترات الجيوسياسية المتزايدة عالميا، معتبرا أن هذه العوامل مجتمعة تمنح الذهب فرصة لتحقيق قمم سعرية غير مسبوقة خلال عام 2026.
فقدان الثقة في الدولار وتأثيره على أسعار الذهب
من جانبه، أكد نور الدين محمد، رئيس شركة تارجيت للاستثمار، أن أسعار الذهب عادت إلى تسجيل ارتفاعات قوية عقب اجتماع الفيدرالي، محققًا مستويات تاريخية جديدة، في ظل فقدان الثقة في الدولار الأمريكي، ما عزز توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة.
وأشار محمد في تصريحات لتليفزيون العربية، إلى أن استمرار دورة خفض الفائدة الأمريكية يدعم بقاء الزخم الصعودي لـ أسعار الذهب، مع توقعات بامتداد هذا الاتجاه إلى عام 2026.
ولفت رئيس شركة تارجيت للاستثمار إلى أن السياسات التجارية الأمريكية تمثل أحد مصادر القلق الرئيسية للأسواق العالمية، خاصة في ظل توجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التعريفات الجمركية.
وأوضح أن قرار الصين تقليص اعتمادها على رقائق شركة إنفيديا الأمريكية قد يقود إلى رد تصعيدي من البيت الأبيض، عبر فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية، ما من شأنه تعميق حالة عدم اليقين في الأسواق.
توقعات أسعار الذهب في 2026
وأضاف أن تصاعد هذه التوترات التجارية والجيوسياسية قد يدفع الذهب إلى مستويات أكثر جرأة، مرجحًا أن تصل أسعاره إلى نحو 5 آلاف دولار للأونصة بحلول عام 2026، في ظل بحث المستثمرين عن أدوات تحوط تحمي رؤوس أموالهم من تقلبات المشهد الاقتصادي العالمي.
وفي المحصلة، تعكس التوقعات المتزايدة لـ أسعار الذهب قراءة عميقة لمشهد عالمي يتسم بتآكل اليقين وتداخل الاقتصاد بالسياسة، حيث لم يعد المعدن الأصفر مجرد أداة تحوط تقليدية، بل مقياسًا مباشرًا لمدى الثقة في النظام المالي العالمي.
وبين رهانات طويلة الأجل على إعادة تسعير الثروة الحقيقية، وتقديرات أقرب زمنيا تشير إلى قمم تاريخية محتملة خلال 2026، يظل الذهب في قلب المعادلة، بوصفه المستفيد الأكبر من اضطراب السياسات النقدية وتصاعد النزاعات التجارية، ما يعزز مكانته كأحد أبرز أصول المرحلة المقبلة.
