البنك المركزي الروسي يخفض الفائدة إلى 16% مع تباطؤ التضخم وتزايد الضغوط المعيشية
خفض البنك المركزي الروسي، يوم الجمعة، سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس ليصل إلى 16%، في خطوة جاءت متوافقة مع توقعات المحللين، وذلك في ظل تباطؤ معدلات التضخم وضعف وتيرة النمو الاقتصادي، في وقت يواصل فيه الاقتصاد الروسي توجيه جزء كبير من موارده نحو الأنشطة العسكرية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.
وجاء قرار خفض الفائدة بالتزامن مع انعقاد المؤتمر الصحفي السنوي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أشار إلى أن التباطؤ الاقتصادي الراهن يُعزى بدرجة كبيرة إلى السياسة النقدية المتشددة التي اتبعها البنك المركزي خلال الفترة الماضية بهدف كبح التضخم والحد من الضغوط السعرية.
وقال البنك المركزي الروسي في بيان رسمي إن «المؤشرات الأساسية لنمو الأسعار الحالية شهدت انخفاضًا ملحوظًا خلال شهر نوفمبر»، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن توقعات التضخم ارتفعت بشكل طفيف خلال الأشهر الأخيرة، في ظل استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية.
وأضاف البنك أن التضخم قد يشهد ارتفاعًا مؤقتًا في بداية عام 2026 نتيجة زيادة الضرائب، لكنه توقع أن يعود مسار الأسعار إلى الانخفاض التدريجي بعد ذلك، ليصل معدل التضخم إلى المستهدف البالغ 4% بحلول عام 2027، وهو الهدف الذي تسعى إليه السلطات النقدية منذ سنوات.
وأكد البنك المركزي أن العوامل الجيوسياسية لا تزال تمثل أحد أبرز مصادر المخاطر وعدم اليقين أمام الاقتصاد الروسي، سواء على مستوى التجارة الخارجية أو تدفقات الاستثمار أو استقرار الأسواق المالية.
من جانبه، شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على استقلالية البنك المركزي، مؤكدًا أنه يتخذ قراراته بمسؤولية كبيرة ودون تدخل سياسي مباشر. وقال بوتين: «يحاول البنك المركزي أن يتخذ قراراته بشكل مستقل، وأنا أحاول عدم التدخل في هذه القرارات، بل أحميه من أي تأثير أو ضغط خارجي… البنك المركزي لا يواجه التحديات فقط، بل يتصرف بمسؤولية كبيرة».
وفيما يتعلق بمسار التضخم، توقع بوتين أن ينخفض معدل التضخم إلى 5.6% خلال عام 2025، مقارنة بنحو 9.5% في العام الماضي، بينما قدّر البنك المركزي معدل التضخم بنحو 5.8% حتى منتصف ديسمبر. غير أن هذه التقديرات الرسمية لا تحظى بثقة كاملة لدى شريحة من المواطنين الروس، بحسب ما أظهرته مداخلات الجمهور خلال برامج الاتصال الجماهيري.
وسلطت تساؤلات المواطنين الضوء على الضغوط المعيشية المتزايدة، خاصة مع الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية. ونقل مقدمو البرامج شكوى أحد المواطنين من منطقة سامارا، أفاد بأن راتبه الشهري البالغ 50 ألف روبل لم يعد كافيًا لإعالة أسرته المكونة من ثلاثة أطفال، في ظل تضاعف أسعار الدواجن خلال العام الجاري.
كما عُرضت رسالة من طفل في جنوب منطقة روستوف تساءل فيها عن أسباب ارتفاع أسعار الطعام والخبز في الكافتيريا المدرسية، في وقت لا تشهد فيه رواتب والديه أي زيادة.
ورد بوتين بأن بيانات التضخم تمثل متوسطات عامة، موضحًا أن بعض السلع الغذائية، لا سيما المنتجات البروتينية مثل اللحوم والدواجن، قد تشهد زيادات أسرع من المعدل العام، ما ينعكس بشكل مباشر على ميزانيات الأسر، مضيفًا: «لا شيء جيد في ذلك»، في إقرار بتأثير التضخم غير المتكافئ على مستويات المعيشة.
