الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
أخبار

الاتحاد الأوروبي يؤجل إقرار اتفاق التجارة الحرة مع دول أمريكا الجنوبية وسط انقسامات داخلية

الجمعة 19/ديسمبر/2025 - 10:00 ص
الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

قرر الاتحاد الأوروبي تأجيل إقرار اتفاقية التجارة الحرة المرتقبة مع تكتل دول ميركوسور في أمريكا الجنوبية، بعد فشله في الالتزام بالمهلة التي حددها لنفسه هذا الأسبوع، وذلك في ظل تصاعد الخلافات داخل القارة الأوروبية، ولا سيما المخاوف المرتبطة بتأثير الاتفاق على المزارعين الأوروبيين.

وبحسب تطورات المشاورات الأخيرة، اتجه قادة الاتحاد الأوروبي إلى تأجيل استكمال الاتفاق إلى يناير المقبل، بدلًا من حسمه قبل نهاية العام، رغم تحذيرات من أن التأخير قد يضعف مصداقية التكتل في السياسة التجارية العالمية. ويأتي هذا التأجيل في وقت يشهد فيه النظام التجاري الدولي توترات متزايدة، ما يعزز أهمية الاتفاق من الناحية الاقتصادية والجيوسياسية.

وكان عدد من القادة الأوروبيين قد حذروا من أن عدم إقرار الاتفاق في الموعد المحدد قد يعرضه لخطر التعثر الكامل، مؤكدين أن قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات استراتيجية في التجارة الدولية باتت محل اختبار حقيقي، خاصة مع تنامي المنافسة العالمية وتغير موازين النفوذ الاقتصادي.

فرنسا وإيطاليا في صدارة المعارضين

وجاء قرار التأجيل بعد تحرك قادته فرنسا وإيطاليا في اللحظات الأخيرة، حيث طالبتا بضمانات إضافية لحماية المزارعين الأوروبيين من تداعيات فتح الأسواق أمام المنتجات الزراعية القادمة من دول أمريكا الجنوبية. وترى هاتان الدولتان أن الاتفاق، بصيغته الحالية، لا يوفر حماية كافية للقطاع الزراعي الأوروبي في مواجهة المنافسة السعرية والاختلاف في معايير الإنتاج.

في المقابل، أبدت بعض الدول الأوروبية الأخرى رغبة واضحة في المضي قدمًا نحو إقرار الاتفاق، معتبرة أنه يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز الصادرات الأوروبية وتوسيع الأسواق، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجه التجارة العالمية.

ضغوط من أمريكا الجنوبية وتطمينات سياسية

على الجانب الآخر، كثف قادة دول أمريكا الجنوبية ضغوطهم السياسية لإتمام الاتفاق، حيث أشار الرئيس البرازيلي إلى وجود استعداد سياسي داخل بعض العواصم الأوروبية لدعم الاتفاق خلال الأسابيع المقبلة، مؤكدًا أن الاعتراضات الحالية ذات طابع داخلي مرتبط بحسابات سياسية وضغوط من جماعات المزارعين.

وأوضح أن هناك ثقة في إمكانية التوصل إلى توافق خلال فترة قصيرة، شريطة منح بعض الدول الأوروبية الوقت الكافي لإدارة التوازنات الداخلية وتهدئة المخاوف الاجتماعية المرتبطة بالاتفاق.

اتفاق تاريخي بآثار اقتصادية واسعة

ويُعد اتفاق التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وتكتل ميركوسور من أكبر الاتفاقات التجارية في التاريخ، إذ استغرق التفاوض حوله نحو 25 عامًا، وشهد فترات طويلة من التعثر وإعادة التفاوض، خاصة بسبب قضايا البيئة ومعايير الزراعة وسلامة الغذاء.

ومن المتوقع أن يؤدي الاتفاق إلى إنشاء سوق موحدة تضم نحو 780 مليون مستهلك، مع الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع، من بينها السيارات والمنتجات الصناعية، إلى جانب توسيع وصول أوروبا إلى الأسواق الزراعية الكبرى في أمريكا الجنوبية.

كما يُنظر إلى الاتفاق باعتباره أداة استراتيجية تمنح الطرفين بدائل تجارية عن الولايات المتحدة، في ظل سياسات الرسوم الجمركية التي انتهجتها الإدارة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة.

أبعاد جيوسياسية وحسابات مستقبلية

إلى جانب المكاسب الاقتصادية، يحمل الاتفاق أبعادًا جيوسياسية مهمة، إذ يعزز حضور الاتحاد الأوروبي في منطقة تشهد توسعًا ملحوظًا للنفوذ الصيني، سواء كمصدر للسلع الصناعية أو كمستورد رئيسي للمواد الأولية.

ورغم إضافة بنود جديدة تهدف إلى حماية المزارعين الأوروبيين من الصدمات السعرية أو الزيادات المفاجئة في الواردات، لا تزال الخلافات قائمة، ما يجعل الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد مصير أحد أكثر الاتفاقات التجارية طموحًا في تاريخ الاتحاد الأوروبي.