هذه الأسباب تجعل البنك المركزي يقرر خفض الفائدة بآخر اجتماع في 2025
تشهد أسعار الفائدة في مصر حالة من الترقب المتزايد، في ظل تداخل عوامل داخلية مستقرة مع متغيرات خارجية مواتية، أعادت رسم خريطة الخيارات أمام لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، حيث أنه بعد فترة من التشدد النقدي الذي فرضته موجات تضخمية وضغوط عالمية متلاحقة، تبرز اليوم مؤشرات مختلفة تعكس تراجع حدة المخاطر، واتساع هامش الحركة أمام صانع القرار، بما يفتح الباب أمام تحول تدريجي نحو سياسات أكثر تحفيزا للاقتصاد.
فبين تراجع الضغوط التضخمية، وتحسن المؤشرات النقدية، واتساع هامش الحركة أمام المسئولين عن السياسات النقدية في مصر، تبرز توقعات قوية باتجاه خفض الفائدة خلال الاجتماع المرتقب للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، باعتباره أداة لتحفيز النمو وتنشيط السوق، دون تهديد للاستقرار المالي خلال الأوضاع الراهنة.
البهواشي: تحجيم التضخم أبرز أسباب تخفيض الفائدة
ورجح الخبير الاقتصادي محمد البهواشي اتجاه لجنة السياسة النقدية إلى خفض أسعار الفائدة خلال الاجتماع المرتقب، مرجحا أن يأتي الخفض في حدود 100 نقطة أساس، استنادًا إلى تطورات داخلية وخارجية متزامنة، موضحا أن الاجتماع السابق للجنة كان مؤهلًا لاتخاذ خطوة الخفض، إلا أن الارتفاع الذي شهدته أسعار المحروقات آنذاك دفع نحو تأجيل القرار، تحسبًا لتداعياته التضخمية.

وأضاف البهواشي، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن المشهد الاقتصادي الحالي يعكس تحجيما واضحا لمعدلات التضخم، وهو ما يفرض بطبيعته إعادة النظر في مستوى التشدد النقدي، والاتجاه نحو تخفيف السياسة عبر خفض أسعار الفائدة.
وأوضح أن التطورات العالمية، وعلى رأسها خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، تمنح صانع القرار المحلي هامش أمان إضافيًا، وتقلل من احتمالات تأثر تدفقات الاستثمارات الأجنبية قصيرة الأجل أو ما يعرف بالأموال الساخنة، حتى في حال خفض الفائدة بنسبة تصل إلى 1%.

ولفت إلى أن تحسن المؤشرات النقدية يعزز هذا التوجه، مشيرًا إلى زيادة الحصيلة الدولارية، وتراجع قيمة الدولار، إلى جانب تعافي قيمة الجنيه، باعتبارها عوامل تمنح صانع السياسة النقدية قدرة أكبر على التحرك بثقة نحو قرار الخفض، مؤكدًا أن مجمل هذه المعطيات يرجّح سيناريو خفض الفائدة بنحو 100 نقطة أساس.
خطاب: خفض الفائدة الأمريكية حافز كبير
أكد الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، عضو مجلس الأعمال المصري الكندي، أن البنك المركزي يمتلك في المرحلة الراهنة مساحة كافية للتحرك نحو خفض أسعار الفائدة، سواء بواقع 50 نقطة أساس أو 100 نقطة أساس، بما يعادل نصف نقطة مئوية إلى نقطة مئوية كاملة.

وأضاف خطاب، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن هذا التوجه يتماشى مع السياق العالمي، في ظل اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة، باعتبار أن مصر جزء من المنظومة الاقتصادية الدولية.
وأشار خطاب إلى أن الدولة تدخل مرحلة مهمة على صعيد المبادرات الاقتصادية، تشمل تعميق الصناعة، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب المبادرات الصناعية والسياحية المرتبطة بالفنادق والمنشآت السياحية، موضحًا أن نجاح هذه التوجهات يتطلب مرونة أكبر داخل الجهاز المصرفي لتمويل هذه المشروعات ودفعها نحو التوسع والنمو.

وأضاف أن استقرار معدلات التضخم واتجاهها نحو التراجع خلال الفترة الأخيرة يدعمان قرار خفض الفائدة، إلى جانب حصول مصر على تمويلات متوقعة من البنك الدولي، والنظرة المستقبلية المستقرة التي منحتها مؤسسات دولية للاقتصاد المصري عند مستوى B+.
ولفت عضو مجلس الأعمال المصري الكندي، إلى النشاط الملحوظ في قطاع السياحة، مؤكدًا أن خفض الفائدة يسهم في تنشيط السوق، سواء من خلال تحفيز الاستثمار أو زيادة الاستهلاك في السلع الاستراتيجية وطويلة الأجل مثل السيارات والأجهزة الكهربائية.
وحذر خطاب من مخاطر تباطؤ المبيعات في بعض القطاعات الصناعية، مشيرًا إلى أن استمرار ضعف حركة البيع قد يقود إلى مظاهر ركود تمتد آثارها إلى قطاعات مترابطة، مثل السيارات والأجهزة الكهربائية ومواد البناء، وهو ما يستدعي تحركا نقديا يستهدف تنشيط السوق ودعم الإنتاج.
خفض الفائدة لتنشيط الاستثمارات الأجنبية المباشرة
وفي ضوء هذه الرؤى، يتضح أن خفض أسعار الفائدة بات خيارًا مطروحا بقوة على طاولة صانع القرار، مدعوما بتراجع الضغوط التضخمية، وتحسن المؤشرات النقدية، وتوافق الاتجاه المحلي مع المسار العالمي للسياسات النقدية الدولية.
وبينما تختلف تقديرات الخبراء بشأن حجم خفض أسعار الفائدة في مصر، تتفق القراءات على أن الهدف الأوسع يتمثل في تنشيط السوق، ودعم القطاعات الإنتاجية والخدمية، ورفع معدلات النمو الاقتصادي إلى مستويات أعلى وأكثر استدامة، بما يعزز فرص تحقيق تحسن ملموس في الأداء الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة.
