توقعات المؤسسات الاستثمارية الكبرى لاجتماع البنك المركزي المقبل.. هل يستمر خفض أسعار الفائدة؟
مع اقتراب نهاية العام، تترقب الأسواق المالية المصرية اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري المقرر عقده في 25 ديسمبر الجاري، والذي يعد الاجتماع الثامن والأخير لعام 2025.
يأتي هذا الاجتماع وسط توقعات واسعة من بنوك الاستثمار الكبرى بخفض أسعار الفائدة، مدعومة بانخفاض معدلات التضخم وتحسن سعر صرف الجنيه، بالإضافة إلى قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأخيرة.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التوقعات بناءً على استطلاعات حديثة وتحليلات خبراء، من البنوك الاستثمارية الكبرى.
أسعار الفائدة في مصر
ويأتي اجتماع ديسمبر بعد سلسلة من الخفوضات في أسعار الفائدة خلال 2025، حيث خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بإجمالي 625 نقطة أساس على أربع مراحل: 225 نقطة في أبريل، 100 نقطة في مايو، 200 نقطة في أغسطس، و100 نقطة في أكتوبر.
ووفقاً لموقع البنك المركزي، تبلغ أسعار عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية حالياً 21% و22% و21.5% على الترتيب.
وهذا الخفض يمثل أول دورة تيسير نقدي منذ أربع سنوات ونصف، بعد رفع إجمالي بلغ 1900 نقطة أساس بين مارس 2022 ومارس 2024 لمواجهة التضخم.
وفي نوفمبر 2025، تباطأ التضخم في المدن المصرية إلى 12.3% على أساس سنوي، مقارنة بـ12.5% في أكتوبر، مع ارتفاع شهري بنسبة 0.3% فقط.
كما بلغ معدل التضخم الأساسي 12.5% في نوفمبر، مما يعكس تباطؤاً عاماً في الضغوط التضخمية.
ويستهدف البنك المركزي خفض التضخم إلى نطاق 5-9% بحلول الربع الرابع من 2026، و3-7% بحلول 2028.
وبالإضافة إلى ذلك، تحسن سعر صرف الجنيه المصري بشكل ملحوظ خلال الأشهر الخمسة الماضية، مدعوماً بتدفقات النقد الأجنبي مع موسم السياحة، ليصل إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من عام.
توقعات بنوك الاستثمار الكبرى لقرار ديسمبر 2025
وتحدث خبراء ثمانية بنوك استثمارية رائدة، عن توقعاتهم جميعًا بخفض أسعار الفائدة بين 50 و100 نقطة أساس في الاجتماع الأخير للعام.

وتشمل البنوك المشاركة: "إي إف جي"، "النعيم"، "الأهلي فاروس"، "مباشر المالية"، "كايرو كابيتال"، "ثاندر"، و"التجاري" لتداول الأوراق المالية، ومن أبرز التوقعات:
- هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث في "الأهلي فاروس": يتوقع خفضاً بـ100 نقطة أساس، مستنداً إلى انخفاض التضخم في نوفمبر.
- محمد أبو باشا، من "إي إف جي القابضة": خفض 100 نقطة، مشيراً إلى تأثير محدود لزيادة أسعار الوقود على التضخم.
- مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث في "عربية أون لاين": بين 50-100 نقطة، بفضل تحسن التضخم وارتفاع الجنيه أمام الدولار.
- سلمى حسين، مديرة إدارة البحوث في "نعيم": خفض 50 نقطة، مع الإشارة إلى التضخم الأقل من المتوقع وقرار الفيدرالي الأمريكي.
- أحمد عبد النبي، رئيس قطاع البحوث في "مباشر": 100 نقطة، مدعوماً بخفض الفائدة الأمريكية وتباطؤ التضخم.
- عمرو الألفي، رئيس استراتيجيات الأسهم في "التجاري": 100 نقطة، بناءً على قرار الفيدرالي وتباطؤ التضخم.
- أحمد أبو حسين، رئيس "كايرو كابيتال سيكيوريتيز": 100 نقطة، بسبب التراجع الملحوظ في التضخم.
وهذه التوقعات تتفق مع اتجاه عام في الأسواق، حيث يبلغ سعر الفائدة الحقيقي في مصر نحو 8.5% (الفائدة الاسمية مطروحاً منها التضخم)، مما يمنح مساحة لمزيد من التيسير النقدي دون مخاطر تضخمية كبيرة.
أسباب التوقع بخفض أسعار الفائدة في نهاية العام
وتعزى التوقعات الإيجابية إلى عدة عوامل، أولاً، تباطؤ التضخم في نوفمبر إلى 12.3%، وهو أقل من التوقعات البالغة 13.1% حسب استطلاع لـ14 محللاً.
وثانياً، قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة في ديسمبر 2025، مما شجع بنوك الخليج على اتباع الخطى نفسها، ويتوقع تأثيره على مصر للحفاظ على جاذبية الاستثمارات.
وثالثاً، تحسن سعر الصرف والتدفقات الأجنبية، مما يقلل الضغط على الاحتياطيات النقدية.
ومع ذلك، هناك تباين في التوقعات، حيث أبقى البنك المركزي على الأسعار دون تغيير في نوفمبر 2025 بعد ارتفاع مفاجئ في التضخم.
ويرى بعض الخبراء، أن الظروف الحالية تدعم خفضاً إضافياً، بينما يحذر آخرون من مخاطر إعادة تسارع التضخم إذا لم يتم مراقبة السيولة بعناية.
تأثير قرارات الاحتياطي الفيدرالي على الاقتصاد المصري
وأثار قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة في ديسمبر 2025 جدلاً حول تأثيره على مصر، ووفقاً لتقارير حديثة، يتوقع أن يشجع هذا على تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة مثل مصر، مما يدعم خفضاً محلياً.
كما يقلل من تكاليف الاقتراض الخارجي، مما يساعد في إدارة الدين العام. ومع ذلك، يحذر محللون من أن أي تأخير في الخفض المصري قد يؤدي إلى تقلبات في سعر الصرف.
ما ينتظره الاقتصاد المصري في 2026
ومع اقتراب اجتماع 25 ديسمبر، تتجه الأنظار نحو قرار قد يحدد مسار الاقتصاد في 2026، وتوقعات بنوك الاستثمار تشير إلى خفض محتمل بـ50-100 نقطة أساس، مما قد يعزز النمو الاقتصادي ويجذب الاستثمارات.
ومع ذلك، يظل التحدي في الحفاظ على التوازن بين مكافحة التضخم ودعم النشاط الاقتصادي، حيث تشير تقارير إلى إمكانية خفوضات إضافية تصل إلى 500-800 نقطة أساس في 2026، حسب تطورات التضخم.
وسيظل الاقتصاد المصري مرهوناً بتطورات عالمية مثل قرارات الفيدرالي وأسعار الطاقة، لكن الاتجاه الحالي يبشر بمرحلة تيسير نقدي مستدام.


