سر الهبوط التاريخي في أسعار الدواجن والبيض في مصر.. أرخص مستوى منذ 3 سنوات
شهدت أسواق الدواجن والبيض في مصر انهياراً سعرياً غير مسبوق بنهاية نوفمبر 2025، مسجلةً أدنى مستوياتها منذ ما يقرب من 3 سنوات، في ظاهرة وصفها منتجون بأنها "كارثة على الصناعة" رغم فرحة المستهلكين.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض السر وراء الهبوط الكبير في أسعار الداوجن والبيض في مصر، وتأثيره على صناعة الدواجن والمواطنين.
أسعار الدواجن تسجل أدنى مستوى في 33 شهراً
وتراوح سعر كيلو الدواجن البيضاء من أرض المزرعة بين 52 و59 جنيهاً مصرياً حسب الوزن، وهو أقل سعر يسجل منذ مارس 2023، بانخفاض يتجاوز 43% عن الذروة التاريخية المسجلة مطلع 2025 عندما وصل الكيلو إلى 97 جنيهاً.
وفي الأسواق التجزئة يباع الكيلو للمستهلك النهائي بين 65 و75 جنيهاً تقريباً.
أسعار البيض تهبط إلى أدنى مستوى في أكثر من عامين ونصف
وسجل طبق البيض (30 بيضة) من أرض المزرعة 105-110 جنيهات فقط، متراجعاً أكثر من 33% عن أعلى سعر تاريخي تجاوز 160 جنيهاً في يناير 2025.
ويباع الطبق في المحلات حالياً بين 120 و125 جنيهاً، وهو أقل مستوى منذ منتصف 2023.
لماذا انخفضت الأسعار بهذا الشكل الدراماتيكي؟
والسبب الرئيسي هو زيادة هائلة في المعروض تفوق الطلب بكثير، حيث قال أنور العبد، رئيس شركة الأهرام للدواجن: "الإنتاج ارتفع بشكل كبير سواء من المزارع الصغيرة والمتوسطة أو من الشركات الكبرة الكبرى، وكثير من المزارع لديها الآن دورات بأوزان كبيرة جداً، مما ضغط الأسعار للأسفل".
من جانبه، كشف محمد صالح، عضو اتحاد منتجي الدواجن، التسلسل الزمني للأزمة، حيث أكد أن أسعار الكتاكيت انخفضت من عمر يوم من 55 جنيهاً مطلع 2025 إلى 15 جنيهاً فقط حالياً.
وأكد تحول جزء كبير من بيض التفريخ إلى بيض مائدة بسبب انخفاض الطلب على الكتاكيت، وزاد المعروض من بيض المائدة، وبالتالي انهيار سعر الطبق.
وأشار إلى أن الإنهيار دفع أصحاب مزارع الأمهات البياضة وأمهات التسمين إلى بيع الطيور الكبيرة في سوق التسمين بدلاً من الاحتفاظ بها، وكانت النتيجة النهائية، فيضان في معروض الدواجن الحية، وانهيار أسعار التسمين.
خسائر فادحة رغم انخفاض الأسعار للمستهلك
ورغم الفرحة الشعبية بالأسعار المنخفضة، يكبد المنتجون خسائر كبيرة، حيث أن تكلفة إنتاج كيلو الدواجن الحية حالياً 65 جنيهاًا (قبل احتساب تكاليف التدفئة الشتوية والنفوق)، وهو ما يعني حسائر كبيرة للمربين.
أما تكلفة إنتاج طبق البيض تصل إلى 142 جنيهاً بحسب آخر حسابات اتحاد المنتجين، بينما يباع بـ105-110 جنيهات فقط.
هل تنهار صناعة الدواجن؟
ويحذر المنتجون من أن استمرار الأسعار دون تكلفة الإنتاج لفترة طويلة سيؤدي إلى خروج آلاف المزارع من السوق، خاصة مع قرب شهر رمضان 2026 الذي عادةً ما يشهد طلباً مرتفعاً.
واقترح محمد صالح حلاً عاجلاً، قائلاً: "لابد من تدخل حكومي سريع لشراء كميات كبيرة وتجميدها لتكوين مخزون استراتيجي، خاصة أن سعر الدواجن المصرية أصبح أرخص بكثير من المستوردة (الطن البرازيلي 2200 دولار + شحن)".
بوادر تدخل حكومي سريع
وعقدت وزارتا التموين والزراعة وجهاز مستقبل مصر اجتماعاً عاجلاً الأسبوع الماضية لبحث الأزمة.
وكشفت مصادر بشركات دواجن كبرى، أن مفاوضات جارية حالياً مع الشركة القابضة للصناعات الغذائية وجهاز مستقبل مصر لتوريد مئات الآلاف من الطيور بغرض التجميد والتخزين، على أن تطرح لاحقاً في منافذ التموين والمجمعات الاستهلاكية.
والمواطن المصري يحصل اليوم على بروتين بأرخص الأسعار منذ سنوات، لكن المنتجين يرون في هذا الهبوط التاريخي بداية أزمة كبرى قد تعيد المشهد إلى نقص المعروض وارتفاع جنوني في الأسعار خلال أشهر قليلة إذا لم تتدخل الدولة بسرعة.
ومصر تنتج سنوياً 1.5 مليار دجاجة تسمين وأكثر من 15 مليار بيضة مائدة، وأي انهيار في هذه الصناعة الاستراتيجية سيكون له تبعات اقتصادية وغذائية خطيرة.
