كيف يمكن زيادة حجم الاقتصاد المصري بـ 67%؟.. مؤسسة دولية كبرى تضع الخطة
تخيل أن مصر تستطيع، خلال سنوات معدودة فقط، أن تضيف إلى حجم اقتصادها ما يعادل اقتصاد دولتين متوسطتي الحجم مجتمعتين، بأكثر من 600 مليار دولار إضافية تتدفق إلى الناتج المحلي الإجمالي، ليس من اكتشاف نفط جديد، بل من قرار بسيط وجريء.
وهذا بالضبط ما كشفه البنك الدولي هذا الأسبوع في تقريره الجديد "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية في مصر"، وهو ما نستعرضه بالكامل في هذا التقرير، من بانكير.
تقرير البنك الدولي حول الاقتصاد المصري
أصدر البنك الدولي هذا الأسبوع تقريرًا شاملاً يحمل عنوان "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية في مصر"، يكشف فيه عن سيناريو طموح يمكن أن يرفع حجم الاقتصاد المصري بنسبة تصل إلى 67% على المدى المتوسط إلى الطويل، من خلال تحقيق هدفين أساسيين: التوظيف الكامل للشباب وسد فجوة التوظيف بين الجنسين.
ووفقًا للتقرير، فإن تحقيق "التوظيف الكامل" للشباب المصري سيرفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 36%، فيما سيضيف سد فجوة الجنسين في سوق العمل زيادة إضافية بنسبة 68%.
وعند جمع هذين السيناريوهين معًا، يمكن للاقتصاد المصري أن ينمو بنسبة إجمالية تصل إلى 67% تقريبًا خلال السنوات القادمة، مع توقعات بتحقيق معدل نمو سنوي يتجاوز 6% من 2026 وحتى 2050.
أزمة الوظائف رغم انخفاض معدل البطالة الرسمي
ورغم أن معدل البطالة الرسمي في مصر يبدو منخفضًا نسبيًا، إلا أن البنك الدولي يحذر من أزمة حقيقية في خلق فرص العمل الكافية، فكل عام يدخل سوق العمل المصري حوالي 1.3 مليون شاب جديد، بينما لا يتم خلق سوى نحو نصف مليون وظيفة فقط سنويًا.
كما تظهر الفجوة الأكبر في مشاركة المرأة، حيث تعاني الغالبية العظمى من النساء المصريات إما من البطالة أو من عدم المشاركة أصلاً في القوى العاملة.
ويؤكد البنك أن هذا الاختلال يبرز الحاجة الملحة لتسريع وتيرة خلق فرص العمل، والإمكانات الهائلة التي يمتلكها شباب مصر لبناء مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا.

الرقم السحري لزيادة الناتج المحلي
ويبرز التقرير الحلول في التالي:
- التوظيف الكامل للشباب يعني زيادة الناتج المحلي بنسبة 36%.
- سد فجوة التوظيف بين الجنسين يعني زيادة إضافية بنسبة 68%.
- الإجمالي المتوقع عند تحقيق الهدفين معًا هو زيادة حجم الاقتصاد بنحو 67%.
ويتوقع البنك أن يؤدي تطبيق هذه السيناريوهات إلى خلق ما يصل إلى 2.3 مليون فرصة عمل سنويًا، مع نمو مستدام يتجاوز 6% سنويًا حتى عام 2050.
المحرك الرئيسي للنمو وخلق الوظائف
وينتج القطاع الخاص حاليًا نحو 75% من الناتج المحلي الإجمالي المصري، ويشغل أكثر من 80% من القوى العاملة، مما يجعله المحرك الطبيعي لتحقيق هذه الأهداف.
ولكن البنك الدولي يشير إلى عوائق هيكلية كبيرة تحول دون استغلال كامل إمكاناته، حيث أن الائتمان المصرفي للقطاع الخاص لا يتجاوز 30% من الناتج المحلي (مقابل 47% في الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى و135% في الدول ذات الدخل المتوسط).
كما يوجد 561 كيانًا مملوكًا للدولة في 18 قطاعًا اقتصاديًا، مما يحد من المنافسة والابتكار، بالإضافة إلى حواجز تجارية ولوجستية تقلل تنافسية الصادرات المصرية، ولكن الحكومة المصرية تملك الآن خطة طموحة لتذليل تلك العقبات.
روشتة البنك الدولي لتحقيق الـ67%
ووضع البنك الدولي مجموعة من الشروط التي ستجعل الاقتصاد يقق القفزة الكبيرة في النمو، وهي على النحو التالي:
- تسهيل حصول الشركات على الأراضي الصناعية والعمالة الماهرة ورأس المال.
- توسيع الوصول إلى التمويل خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة.
- استكمال برامج التحول الرقمي (مصر الرقمية – التوقيع والمدفوعات الإلكترونية).
- تقليص زمن الإفراج الجمركي (من 16 يومًا إلى 8 أيام حاليًا والهدف يومان).
- تحديث التعليم الفني والتدريب المهني ليتناسب مع احتياجات سوق العمل المستقبلي.
قصص نجاح فعلية مدعومة من البنك الدولي
وأكد التقرير، أن مشروع "تحفيز ريادة الأعمال لخلق فرص العمل"، خلق أكثر من 400 ألف وظيفة، ودعم 200 ألف مستفيد (40% نساء و40% شباب).
وبرنامج التنمية المحلية في الصعيد، استفادت منه 79 ألف شركة وخلق 9 آلاف فرصة عمل جديدة، بالإضافة إلى استثمار مؤسسة التمويل الدولية (IFC) في سلسلة «كازيون»، باستثمارات 45 مليون دولار لتوسيع 750 متجرًا جديدًا وخلق 30 ألف وظيفة خلال 5 سنوات.
من القيمة المنخفضة إلى القيمة المضافة العالية
وحذر التقرير من أن معظم الوظائف التي أنشئت خلال العقدين الماضيين كانت في قطاعات منخفضة القيمة المضافة (البناء – التجزئة – النقل)، ويحدد القطاعات ذات الإمكانات العالية للمستقبل، وهي:
- الصناعات التحويلية غير النفطية (المنسوجات – الأدوية – الأغذية – الإلكترونيات – السيارات)
- الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر
- تكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية
- الرعاية الصحية
- السياحة عالية القيمة
وقال ستيفان غيمبير، مدير قسم مصر واليمن وجيبوتي في البنك الدولي: "يمثل خلق وظائف أكثر وأفضل التحدي الأكثر إلحاحًا والفرصة الأكبر لمستقبل مصر، وتتخذ مصر بالفعل خطوات مهمة لتمكين الشركات كمحرك لخلق فرص العمل، وسيكون الالتزام المستدام رفيع المستوى ضروريًا لضمان استفادة جميع المصريين من هذه الجهود".

