لا نقص.. لا غلاء.. لا وسطاء.. مصر تؤمن مخزون القمح رغم استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟
تواجه مصر تحديًا مستمرًا في تأمين احتياجاتها من القمح مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الرابع، لكن الدولة نجحت فعليًا في تحويل هذا التحدي إلى فرصة لإعادة هيكلة منظومة القمح بالكامل من خلال جهاز "مستقبل مصر للتنمية المستدامة"، الذي أصبح المسؤول الوحيد عن إدارة توفير القمح وتأمين احتياجات أكثر من 100 مليون مواطن دون أي تقلبات سعرية أو نقص في الخبز المدعوم.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تفاصيل الخطة المصرية لتأمين احتياجات القمح خلال الفترة المقبلة.
الاستهلاك الشهري والاعتماد على الاستيراد
وتستهلك مصر نحو 750 ألف طن من القمح شهريًا، يتم استيراد 60% منها من الخارج، في حين يغطي الإنتاج المحلي 40% فقط من الاحتياجات الوطنية.
وهذا الرقم جعل مصر عرضة في السابق لأي اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، خاصة بعد توقف جزء كبير من صادرات أوكرانيا وتقلب إمدادات روسيا.
دور جهاز "مستقبل مصر" في إعادة هيكلة المنظومة بالكامل
وكلفت الحكومة المصرية جهاز "مستقبل مصر" بإدارة منظومة القمح من الألف إلى الياء، من خلال استراتيجية مزدوجة تجمع بين، زيادة الإنتاج المحلي بشكل كبير، وتنظيم الاستيراد بطريقة مركزية وذكية
ونجح الجهاز بالفعل في رفع الإنتاج المحلي بأكثر من مليون طن إضافي مقارنة بالموسم السابق، من خلال التوسع السريع في الرقعة الزراعية واستخدام تقنيات زراعية حديثة، مما قلل الضغط على الاستيراد وساهم في استقرار منظومة التموين.
إنشاء "إدارة الشراء الموحد" وإنهاء فوضى الأسعار
وأسس جهاز "مستقبل مصر" بالتعاون مع وزارتي الزراعة والتموين "إدارة الشراء الموحد"، التي جمعت كل عمليات استيراد القمح تحت مظلة واحدة.
وهذا القرار أنهى تمامًا ظاهرة تفاوت الأسعار بين الجهات المختلفة، ووضع حدًا نهائيًا لتقلبات السوق، وضمن وصول القمح اللازم لإنتاج الخبز المدعوم يوميًا دون أي تأخير أو اضطراب.
تنويع مناشئ الاستيراد وكسر احتكار الموردين
وأعاد الجهاز رسم خريطة تجارة الحبوب في مصر من خلال تنويع مصادر الاستيراد لتشمل روسيا، أوكرانيا، رومانيا، بلغاريا، فرنسا، ومختلف دول حوض البحر الأسود.

وهذا التنويع خلق منافسة شرسة بين الموردين الدوليين، مما أدى إلى انخفاض الأسعار التي تحصل عليها مصر وتحسين شروط الدفع والتعاقد بشكل غير مسبوق.
صفقات مباشرة عملاقة وتجاوز الوسطاء
وانتقل الجهاز إلى التعامل المباشر مع أكبر شركات تجارة الحبوب في العالم، من خلال صفقات شهرية ضخمة تتراوح بين 500 و600 ألف طن.
وهذا التحول ألغى الاعتماد على الوسطاء والموردين الصغار، وبنى شبكة توريد قوية ومستقرة، ومنح مصر ثقلًا تفاوضيًا هائلًا في السوق العالمية.
نظام المقايضة التجارية
وفي خطوة عبقرية لتخفيف الضغط على احتياطي العملة الأجنبية، بدأ جهاز "مستقبل مصر" تطبيق نظام المقايضة التجارية مع كبرى الشركات العالمية، حيث يتم تبادل الحاصلات الزراعية المصرية – خاصة الموالح والبطاطس – مباشرة مقابل شحنات القمح.
والجهاز تلقى بالفعل عروضًا خليجية قوية لشراء كميات كبيرة من المنتجات المصرية، مما يحول الاستيراد إلى منظومة تجارية مربحة ذات قيمة مضافة.
احتياطي استراتيجي آمن
ورغم استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، ورغم الارتفاعات العالمية في أسعار الحبوب، لم تشهد السوق المصرية أي نقص أو اختناقات في إمدادات القمح.
والاحتياطي الاستراتيجي ظل في مستويات آمنة طوال الفترة، واستقرت أسعار الخبز المدعوم تمامًا، بفضل التنسيق بين جهاز "مستقبل مصر" ووزارة التموين التي نجحت أيضًا في تنقية البطاقات التموينية لضمان وصول الدعم لمستحقيه فقط.
من الاعتماد الكامل إلى السيطرة الكاملة
وما بدأ كأزمة بسبب الحرب تحول إلى نموذج ناجح للأمن الغذائي، وجهاز "مستقبل مصر" نجح في، زيادة الإنتاج المحلي بأكثر من مليون طن، وتوحيد الشراء وإنهاء تقلبات الأسعار، وتنويع المصادر وكسر احتكار الموردين، وإبرام صفقات مباشرة عملاقة، بالإضافة إلى تطبيق المقايضة التجارية لتوفير العملة الصعبة
وبهذه الإجراءات المتكاملة، ضمنت مصر مخزونها من القمح بشكل كامل ومستدام، وحمت مواطنيها من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، بل وحولت التحدي إلى فرصة لتعزيز مكانتها في سوق الحبوب العالمية.
