موعد المراجعتين الخامسة والسادسة لصندوق النقد الدولي مع مصر
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المستمرة، يعد موعد المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج الدعم المالي بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي (IMF) حدثًا حاسمًا للاقتصاد المصري.
ووفقًا للإعلانات الرسمية الأخيرة، من المقرر إجراء هاتين المراجعتين المدموجتين في أوائل ديسمبر 2025، مما يفتح الباب أمام صرف شريحة تمويلية تصل إلى 2.4 مليار دولار.
يأتي هذا التطور بعد سلسلة من المناقشات الشاقة بين السلطات المصرية والصندوق، وسط جهود لتعزيز الإصلاحات الهيكلية وتقليص دور الدولة في الاقتصاد.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التفاصيل المحدثة بناءً على أحدث البيانات من مصادر رسمية وتقارير دولية، وتحليل الآثار المتوقعة والتحديات المتبقية.
من الاتفاق الأولي إلى الدمج الاستراتيجي
وبدأ برنامج "تسهيل الصندوق الممدد" (EFF) بين مصر وصندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022 بقيمة أولية قدرها 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرًا، بهدف دعم الإصلاحات الاقتصادية وتلبية احتياجات ميزان المدفوعات.
وفي مارس 2024، تم توسيع البرنامج إلى 8 مليارات دولار بعد إقرار المجلس التنفيذي للصندوق، مع صرف 1.3 مليار دولار في المراجعة الرابعة.
ومع ذلك، واجهت المراجعة الخامسة تأخيرًا بسبب بطء تنفيذ بعض الإصلاحات الهيكلية، مما دفع الصندوق إلى دمجها مع المراجعة السادسة في يوليو 2025.
وهذا الدمج، كما أوضحت جولي كوزاك، مديرة إدارة الاتصال بالصندوق، يمنح السلطات المصرية وقتًا إضافيًا لتحقيق الأهداف الرئيسية، بما في ذلك تقليص الدين العام وتعزيز مشاركة القطاع الخاص.
وحتى الآن، صرفت نحو 3.5 مليار دولار من البرنامج، مع تركيز الإصلاحات على خفض التضخم من ذروته عند 38% في سبتمبر 2023، وتعزيز الاحتياطي النقدي.
ووفقًا لتقرير الصندوق في أكتوبر 2025، شهد الاقتصاد المصري تحسنًا تدريجيًا، مع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.3% في العام المالي 2025/2026، مدعومًا بزيادة السياحة والتحويلات المالية.
الجدول الزمني للمراجعات الحاسمة
وأكدت جولي كوزاك، أن بعثة الصندوق ستزور القاهرة مطلع ديسمبر لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة، بالإضافة إلى المراجعة الأولى لـ"صندوق الصلابة والاستدامة" (RSF) بقيمة 274 مليون دولار.
وهذا الموعد يأتي بعد مشاورات مكثفة في اجتماعات الصندوق والبنك الدولي في واشنطن أكتوبر 2025، حيث أشاد جهاد عزور، مدير دائرة الشرق الأوسط والآسيا الوسطى، بتقدم مصر رغم التحديات الجيوسياسية مثل اضطرابات قناة السويس.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، في مؤتمر صحفي سابق، إن "الحكومة على تتواصل شبه يومي مع الصندوق، والبعثة ستزور مصر خلال أسابيع قليلة".
وكان الجدول السابق يتوقع إنهاء المراجعة في سبتمبر أو أكتوبر، لكنه تأخر بسبب الحاجة إلى إنجاز طروحات حكومية، مع هدف إتمام 4 طروحات على الأقل قبل نهاية 2025.
وهذا الجدول يعكس التزام مصر بـ8 مراجعات كل 6 أشهر، مع صرف الشريحة الجديدة بعد إقرار المجلس التنفيذي.
تركيز على القطاع الخاص وتقليص الدور الحكومي
وتعد المراجعة المدمجة فرصة لتقييم شامل للإصلاحات، حيث يطالب الصندوق بتوسيع دور القطاع الخاص وتقليص سيطرة الدولة على الأصول.
وفي تقرير يوليو 2025، أشار الصندوق إلى "تقدم مختلط"، مع بطء في خفض الإعفاءات الضريبية للشركات الحكومية، وتحسين بيئة الأعمال.
ومن الإجراءات الرئيسية: طرح 11 شركة حكومية في البورصة خلال العام المالي 2025/2026، بما في ذلك "مصر للصناعات الدوائية" وبنوك مثل القاهرة والإسكندرية.
وأضاف وزير المالية أحمد كجوك في تصريحات لـ"بلومبرج" أن الحكومة تشارك خطة متوسطة الأجل مع الصندوق تشمل إصلاحات في الطاقة والسياحة، مدعومة بصفقات استثمارية كبيرة مثل 35 مليار دولار من الإمارات و7.5 مليار من قطر.
دعم الاحتياطي وتعزيز الثقة الدولية
وإذا نجحت المراجعة، ستحصل مصر على 2.4 مليار دولار من EFF و274 مليون من RSF، مما يرفع الإجمالي المصروف إلى نحو 6 مليار دولار.
وهذا الدعم يأتي في وقت حاسم، حيث انخفضت إيرادات قناة السويس بنحو 6 مليارات دولار في 2024 بسبب التوترات الإقليمية، لكنه سيعزز الاحتياطي النقدي.
كما يتوقع أن يساهم في خفض التضخم إلى 3.5% من عجز الحساب الجاري في 2025/2026، وفقًا لتوقعات الصندوق.
ومن الناحية الإيجابية، أشارت تقارير "رويترز" إلى أن هذه الشريحة ستعزز الثقة الدولية، مما يجذب استثمارات إضافية من الخليج، خاصة في الطاقة والسياحة.
ويمثل موعد المراجعتين في أوائل ديسمبر اختبارًا حقيقيًا لالتزام مصر بالإصلاحات، مع إمكانية تعزيز الاستقرار الاقتصادي إذا نجح، ومع تزايد الضغوط العالمية، تبقى الحاجة ماسة إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتحقيق نمو شامل.


