المركزي التركي يبقي على هدف التضخم عند 16% بنهاية 2026 وسط توقعات بخفض الفائدة
أبقى البنك المركزي التركي على هدفه الطموح لخفض معدل التضخم إلى 16% بنهاية عام 2026، في خطوةٍ فسّرها محللون بأنها إشارة واضحة إلى تباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرار الضغوط التضخمية وتحديات السياسة النقدية.
وخلال عرضه لتقرير التضخم الفصلي في إسطنبول اليوم الجمعة، أوضح فاتح قرة خان، محافظ البنك المركزي التركي، أن السياسة النقدية ستحافظ على نهجٍ متوازنٍ يضمن السيطرة على الأسعار وتحقيق الاستقرار النقدي، مشيرًا إلى أن معدل التضخم المستهدف لعام 2026 يبلغ نصف المعدل المتوقع في نهاية العام الحالي.
ويأتي هذا القرار بعد سلسلة من عمليات خفض الفائدة التي نفذها البنك خلال الأشهر الماضية، حيث تم تقليص سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 100 نقطة أساس ليصل إلى 39.5% في الاجتماع الأخير، وهو ما يُعد إشارة إلى تباطؤ تدريجي في دورة التيسير النقدي التي بدأها البنك بعد فترة طويلة من التشديد لمواجهة موجات التضخم الحادة.
ورغم التوجه نحو خفض الفائدة، أكد قرة خان أن البنك المركزي سيواصل اتخاذ قراراته بناءً على البيانات الاقتصادية الفعلية وتطورات التضخم، لافتًا إلى أن الهدف النهائي هو تحقيق استقرار اقتصادي مستدام دون تعريض العملة أو السوق المالي لمخاطر جديدة.
وأشار تقرير البنك إلى أن معدل التضخم السنوي تباطأ في أكتوبر إلى 32.9%، متجاوزًا التوقعات الإيجابية، بعد تسارع مفاجئ في سبتمبر. ومع ذلك، رفع البنك تقديراته للتضخم في نهاية 2025 إلى نطاق يتراوح بين 31% و33% مقارنة بتوقعاته السابقة البالغة 25%-29%، مرجعًا ذلك إلى ارتفاع أسعار الغذاء واستمرار التوترات الجيوسياسية في المنطقة.
وعقب تصريحات المحافظ، شهدت الأسواق المالية تذبذبًا طفيفًا، حيث تراجعت سندات الحكومة التركية لأجل عامين، بينما استقر سعر صرف الليرة عند نحو 42.20 مقابل الدولار الأمريكي بانخفاض طفيف قدره 0.2%. كما واصلت الأسهم التركية خسائرها مدفوعة بتراجع أسهم البنوك بنسبة 1.3%، مع توقعات بتأثير أسعار الفائدة المرتفعة على أرباح القطاع المصرفي.
وفي تعليقٍ على المستجدات، قال توفان كوميرت، كبير الاستراتيجيين لدى بنك BBVA، إن نبرة قرة خان اتسمت بالتفاؤل الحذر، مشيرًا إلى أن البنك قد يُقدم على خفض جديد للفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في ديسمبر، بما يتماشى مع توقعات السوق. لكنه حذر من أن تحقيق هدف التضخم البالغ 16% قد يكون صعبًا في ظل استمرار ارتفاع أسعار الغذاء وبعض السلع الأساسية.
من جانبه، أوضح إركين إيشيك، كبير الاقتصاديين لدى بنك قطر الوطني (QNB) في تركيا، أن المركزي التركي أشار بوضوح إلى أنه سيوازن بين مخاطر التضخم ومتطلبات النمو الاقتصادي، مما يعني أن خفض الفائدة سيستمر بوتيرة أبطأ وأكثر حذرًا من المتوقع سابقًا.
وأكد قرة خان في ختام كلمته أن البنك المركزي "سيحافظ على موقفه الحازم لضمان استمرار اتجاه التضخم نحو التراجع التدريجي بما يتوافق مع الأهداف المرحلية حتى نهاية 2026"، مشددًا على التزام المؤسسة بتحقيق التوازن بين استقرار الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي.
