مصر تحقق فائضًا كهربائيًا ومستحقاتها لدى ليبيا والأردن والسودان تصل 320 مليون دولار

بلغت المستحقات المالية المتأخرة لمصر عن صادرات الكهرباء عبر خطوط الربط مع الأردن وليبيا والسودان نحو 320 مليون دولار حتى نهاية يوليو 2025، وفق مصادر مطلعة بوزارة الكهرباء، في وقت تواصل فيه القاهرة التوسع في مشروعات الربط الكهربائي لتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة.
ليبيا تستحوذ على الحصة الأكبر
وأوضح مسؤول حكومي، فضل عدم الإفصاح عن هويته نظراً لحساسية المعلومات، أن هذه المستحقات تراكمت منذ عام 2023 وحتى يوليو الماضي، مشيراً إلى أن ليبيا تستحوذ على النصيب الأكبر بنحو 200 مليون دولار، بما يمثل نحو 62.5% من الإجمالي، بينما تتوزع القيمة المتبقية على الأردن والسودان.
وأكد المصدر أن الدول الثلاث أبدت التزاماً واضحاً بجدولة هذه المستحقات وسدادها وفق برامج زمنية متفق عليها، موضحاً أن عمليات تصدير الكهرباء لم تتوقف، وتستمر بشكل منتظم لتلبية احتياجات تلك الدول، ما يعكس طبيعة التعاون الإقليمي القائم على المصالح المشتركة.
صادرات في إطار التكامل الإقليمي
ترتبط مصر باتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف لتبادل وتصدير الكهرباء، في إطار استراتيجية التكامل الإقليمي في مجال الطاقة، والتي تهدف إلى دعم استقرار الشبكات الكهربائية في الدول المجاورة، فضلاً عن تعظيم الاستفادة من الفائض الإنتاجي لدى مصر.
وتتيح هذه الاتفاقيات للقاهرة تعزيز مكانتها كمصدر للطاقة الكهربائية، خاصة في ظل الفوائض المتزايدة التي تحققت خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية للكهرباء.
استثمارات ضخمة وفائض إنتاجي
خلال العقد الماضي، ضخت مصر نحو 965 مليار جنيه في مشروعات إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، لتوسيع قدرات التوليد وتقوية الشبكات وتحديث البنية التحتية. وأسهمت هذه الاستثمارات في رفع القدرة المركبة إلى نحو 58 ألف ميغاواط، مقارنة باستهلاك يومي يصل إلى 40 ألف ميغاواط في ذروة الصيف، ما خلق فائضاً كبيراً يتم توجيهه لمشروعات الربط مع دول الجوار.
ويُعتبر هذا الفائض أحد الدعائم الرئيسية لمخطط الدولة للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة في المنطقة، ليس فقط في مجال الكهرباء، بل أيضاً في الغاز الطبيعي.
مشروعات الربط الكهربائي الجديدة
تعمل مصر حالياً على تنفيذ مشروع الربط الكهربائي مع السعودية بقدرة إجمالية تبلغ 3 آلاف ميغاواط على مرحلتين، إلى جانب خطط استراتيجية للربط مع اليونان وقبرص، لنقل الكهرباء المنتَجة من مصادر متجددة إلى أوروبا.
كما تسعى القاهرة إلى تصدير الكهرباء إلى العراق وسوريا ولبنان عبر كابل بحري جديد مع الأردن بقدرة أولية تبلغ ألفي ميغاواط، فضلاً عن تعزيز خطوط الربط القائمة مع ليبيا والسودان والأردن لرفع قدراتها التشغيلية وزيادة الكفاءة في نقل الطاقة.
رؤية للتحول إلى مركز إقليمي
يرى محللون أن تحركات مصر على صعيد الطاقة الكهربائية تعكس رؤية واضحة للتحول إلى مركز إقليمي ودولي لتجارة الكهرباء، خاصة مع توجه أوروبا للاعتماد على مصادر نظيفة ومتجددة، وارتفاع الطلب في الأسواق الإقليمية المجاورة.
ويشير الخبراء إلى أن انتظام سداد المستحقات المتأخرة يعزز من قدرة مصر على تمويل توسعاتها المستقبلية في قطاع الكهرباء، ويدعم ثقة الشركاء الإقليميين في استدامة الإمدادات، بما يرسخ دور القاهرة كلاعب رئيسي في منظومة الطاقة بالمنطقة.