2.43 مليون فدان في 8 سنوات.. قصة استصلاح ثلث أراضي مصر الزراعية في 8 سنوات فقط
شهد القطاع الزراعي في مصر خلال السنوات الأخيرة تحولا جذريا أعاد رسم خريطة التنمية الزراعية في البلاد، بعد أن تمكنت الدولة من استصلاح 2.43 مليون فدان ما بين عامي 2016 و2024، وهو رقم يفوق ثلث ما تحقق خلال أكثر من سبعة عقود منذ بدء برامج الإصلاح الزراعي في أعقاب ثورة يوليو 1952.
هذه القفزة غير المسبوقة لم تقتصر على زيادة الرقعة الزراعية، بل انعكست في توسيع الخريطة الجغرافية للاستصلاح، وتغيير موازين الإنتاج المحصولي، فضلا عن فتح آفاق جديدة أمام فرص الاستثمار الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي لمصر.
استصلاح الأراضي.. إنجاز يفوق 70 عاما
منذ انطلاق الإصلاح الزراعي في منتصف القرن الماضي وحتى عام 2015، بلغ إجمالي المساحات المستصلحة في مصر نحو 7.4 مليون فدان، غير أن الفترة الممتدة من 2016 وحتى 2024 سجلت نقلة نوعية باستصلاح 2.43 مليون فدان، أي ما يعادل نحو 33% من إجمالي ما تحقق في سبعين عامًا، تحقق خلال أخر 10 سنوات.
هذه الأرقام التي تشهد على الطفرة الزراعية التي تحققت في مصر على مدار 10 سنوات، تكشف أيضا عن قفزة ضخمة في العقد ونصف الأخير، إذ ارتفعت المساحات المستصلحة من 15.5 ألف فدان في 2011 إلى 611 ألف فدان في 2024، بنسبة زيادة تتجاوز 3841%، أي ما يعادل نحو 39 ضعفا.
4 جهات تستحوذ خريطة الاستصلاح الزراعي في مصر
توزعت مهام استصلاح الأراضي خلال عام 2024 على أربع جهات رئيسية، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
- شركة الريف المصري استحوذت على النصيب الأكبر بنسبة 63%.
- مشروعات الخدمة الوطنية جاءت في المرتبة الثانية بنسبة 20%.
- شركات القطاع الخاص ساهمت بنسبة 15.5%.
- الجمعيات التعاونية لم تتجاوز مساهمتها 1.5% فقط.
هذه النسب تعكس أن المشروعات القومية الكبرى تظل المحرك الأساسي لعملية الاستصلاح، في حين ما زال دور القطاع الخاص والمجتمع المحلي محدودا.
أسوان تتصدر الخريطة الجغرافية لاستصلاح الأراضي الزراعية
أظهرت الخريطة الجغرافية لاستصلاح الأراضي في 2024 أن محافظة أسوان تصدرت القائمة بنسبة تقارب 48%، بفضل مشروعي توشكى وأبو جرمون اللذين شكلا حجر الزاوية في التوسع الزراعي بالجنوب.
كما برزت محافظات أخرى مثل الشرقية والوادي الجديد وشمال سيناء والمنيا، التي شهدت توسعا ملحوظا عبر مشروعات جديدة، بما يعزز من إعادة توزيع الأنشطة الزراعية بعيدًا عن الدلتا التقليدية.
استثمارات تتجاوز 463 مليون جنيه
بلغت التكلفة الإجمالية لمشروعات استصلاح الأراضي في عام 2024 نحو 463 مليون جنيه موزعة على 44 مشروعا، أبرزها الآتي:
- تصدر القائمة مشروع الوحات بالجيزة بتكلفة بلغت 62 مليون جنيه.
- جاء بعده مشروع توشكى بتكلفة بلغت 46 مليون جنيه.
- ثم مشروع شركة أسيوط للتنمية الزراعية بتكلفة بلغت 41 مليون جنيه.
كما انعكست هذه الطفرة على الإنتاج الزراعي، حيث بلغت المساحة المحصولية في 2024 نحو 145 ألف فدان، منها أكثر من 72 ألف فدان ضمن مشروعات الاستصلاح الجديدة.
وتصدر القمح قائمة المحاصيل المزروعة بمساحة تقارب 12 ألف فدان، يليه البرتقال والبرسيم الحجازي والفول السوداني، ما يعكس تنوعا في التركيب المحصولي يسهم في دعم الأمن الغذائي وتلبية احتياجات السوق المحلي.
تعزيز الأمن الغذائي وخلق فرص عمل جديدة
يكشف الإنجاز الرقمي في مجال الاستصلاح الزراعي عن فرص استراتيجية واضحة، من بينها تعزيز الأمن الغذائي، وخلق فرص عمل جديدة، وتوسيع القاعدة الإنتاجية بما يخدم خطط التنمية المستدامة.
لكن في المقابل، تظل هناك تحديات رئيسية تتمثل في ضغط الاستصلاح على موارد المياه، والحاجة إلى تطوير البنية التحتية في المناطق الجديدة، فضلا عن ضرورة دمج القطاع الخاص والجمعيات التعاونية بشكل أكبر لضمان استدامة الإنتاج.
ومما لاشك فيه، أن ما تحقق خلال 8 أعوام فقط يمثل طفرة غير مسبوقة في تاريخ التنمية الزراعية بمصر، غير أن تحويل هذه المساحات المستصلحة إلى محركات إنتاجية حقيقية يتطلب استكمال منظومة متكاملة تشمل إدارة رشيدة للموارد المائية، تطوير سلاسل القيمة الزراعية، وتوسيع قاعدة المشاركة المجتمعية والاستثمار الخاص، حتى يتحول الإنجاز الرقمي إلى مردود اقتصادي وتنموي شامل.
