يورونيوز: نقص الطيارين يربك شركات الطيران الأوروبية رغم كونهم من الأعلى أجرًا

سلطت شبكة "يورونيوز" في نسختها الفرنسية الضوء على أزمة متنامية تهدد قطاع الطيران في أوروبا، والمتمثلة في النقص الحاد في أعداد الطيارين المؤهلين، وهو ما ينعكس سلبًا على أداء شركات الطيران ويزيد من ضغوطها التشغيلية والمالية. وأوضحت الشبكة في تقرير لها أن هذه الأزمة تأتي في وقت يشهد فيه القطاع محاولات للتعافي من تداعيات جائحة "كوفيد-19" والتقلبات الاقتصادية العالمية.
بحسب التقرير، يُعد الطيارون من بين المهنيين الأعلى دخلًا في أوروبا، إذ تتجاوز رواتبهم في بعض الدول الأوروبية حاجز 200 ألف يورو سنويًا، ومع ذلك فإن شركات الطيران تواجه صعوبة متزايدة في استقطاب الكفاءات الجديدة أو الاحتفاظ بالطيارين المخضرمين. ويعود ذلك إلى عدة عوامل، من بينها ارتفاع تكاليف التدريب التي تصل إلى عشرات الآلاف من اليوروهات، وطول فترة التأهيل، فضلًا عن ضغوط العمل الكبيرة وعدم استقرار جداول الرحلات.
أشار التقرير إلى أن العديد من شركات الطيران الأوروبية اضطرت إلى إلغاء أو تقليص عدد من الرحلات بسبب النقص في الطيارين، الأمر الذي يضعها في مواجهة مباشرة مع غضب المسافرين ويؤثر على سمعتها التنافسية. كما أن استمرار الأزمة يهدد بزيادة تكاليف التشغيل نتيجة اضطرار الشركات لتقديم حوافز مالية إضافية، أو تحسين ظروف العمل، لضمان استقطاب الطيارين والحفاظ عليهم.
وتتزامن هذه الأزمة مع ارتفاع الطلب العالمي على السفر الجوي، وخاصة في أوروبا التي تُعد واحدة من أكثر مناطق العالم حركة من حيث الطيران المدني. وتتوقع مؤسسات الطيران الدولية أن يزداد الطلب على الطيارين خلال العقد المقبل بشكل غير مسبوق، في ظل التوسع في أساطيل الطائرات لدى الشركات الكبرى وفتح خطوط جديدة، ما يعني أن الفجوة بين العرض والطلب مرشحة للاتساع.
ولمعالجة هذه الأزمة، تلجأ بعض الشركات الأوروبية إلى زيادة الاستثمارات في برامج التدريب الداخلية، وإقامة شراكات مع مدارس الطيران، فضلًا عن تقديم حزم تحفيزية تشمل رواتب أعلى وساعات عمل أكثر مرونة. كما تعمل بعض الحكومات على دعم هذه الجهود عبر تسهيلات تمويلية للطلاب الراغبين في دراسة الطيران.
في المقابل، يحذر خبراء من أن هذه الحلول قد لا تكون كافية على المدى القصير، مشيرين إلى أن التعافي الكامل من نقص الطيارين قد يستغرق سنوات، خاصة مع المنافسة العالمية على استقطاب الكفاءات، حيث تسعى شركات في آسيا والشرق الأوسط كذلك إلى اجتذاب الطيارين الأوروبيين برواتب مغرية.
واختتمت "يورونيوز" تقريرها بالتأكيد على أن أزمة نقص الطيارين تمثل أحد أبرز التحديات أمام شركات الطيران الأوروبية في المرحلة الراهنة، وأن نجاح القطاع في التغلب على هذه العقبة سيحدد إلى حد كبير قدرته على مواجهة التحديات المستقبلية، من بينها التحول نحو الطيران المستدام وتقليل الانبعاثات الكربونية.