الإثنين 11 أغسطس 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
تحليل

عوائد تتجاوز 180 مليون دولار.. الحديد المصري على خريطة المنافسة العالمية.. كيف صعد لقمة السوق البرازيلية؟

الإثنين 11/أغسطس/2025 - 09:00 م
الحديد المصري على
الحديد المصري على خريطة المنافسة العالمية

سجلت صادرات مصر من الحديد إلى البرازيل خلال الشهور الأولى من عام 2025 طفرة قياسية تعكس تحولا استراتيجيا في خريطة التجارة بين البلدين، فخلال أول أربعة أشهر من 2025، قفزت الشحنات المصرية بنسبة 154% مقارنة بالفترة ذاتها من 2024، مدعومة بميزة الإعفاء الجمركي الكامل الذي دخل حيز التنفيذ أواخر العام الماضي في إطار اتفاقية الميركوسور، ليمنح الحديد المصري أفضلية تنافسية غير مسبوقة في أكبر أسواق أمريكا الجنوبية.

هذا النمو لم يكن مؤشرا عابرا، بل جاء امتدادا لمسار تصاعدي بدأ قبل ثلاثة سنوات، فالأرقام تكشف أن النصف الأول من 2025 شهد تصدير 98.4 ألف طن من الحديد المصري إلى البرازيل، وهو ما يعادل 67% من إجمالي صادرات العام الماضي، والتي بلغت 149.2 ألف طن.

96 الف طن زيادة في صادرات الحديد للبرازيل في 3 سنوات

وحينما نلقي نظرة للمقارنة، فأننا سنجد أن صادرات مصر من الحديد للبرازيل بلغت ألفي طن فقط في عام 2022، وهي أقل كثيرا مما حققته مصر هذا العام بنحو 96 الف طن، مما يعني أن السوق البرازيلية تحولت من وجهة ثانوية إلى سوق استراتيجية للحديد المصري خلال فترة وجيزة للغاية.

الحديد المصري على خريطة المنافسة العالمية| كيف صعد لقمة السوق البرازيلية؟

وفق البيانات الرسمية التي رصدتها الغرفة التجارية العربية البرازيلية استنادا إلى الإحصاءات البرازيلية، أصبحت مصر ثاني أكبر مصدر للحديد إلى البرازيل بعد الصين، والمفارقة أن هذه الأخيرة بدأت تفقد حصتها السوقية في السوق البرازيلية، بينما عززت مصر تواجدها بوتيرة متسارعة.

وبلغت القيمة الإجمالية للصادرات المصرية من الحديد إلى البرازيل خلال أول أربعة أشهر من 2025 بلغت 63 مليون دولار، مقارنة بـ 24.8 مليون دولار فقط في الفترة نفسها من 2024، وتشير توقعات الغرفة إلى أن حصيلة العام بأكمله قد تكسر حاجز 180 مليون دولار، بزيادة تقارب 76% عن قيمة صادرات 2024 البالغة 102 مليون دولار.

اتفاقية الميركوسور.. مفتاح التوسع المصري

الطفرة الحالية في صادرات الحديد للبرازيل ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة مسار تفاوضي وتجاري طويل بدأ منذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين مصر ودول الميركوسور عام 2010، والتي تضم البرازيل والأرجنتين والأوروجواي وباراجواي.

الاتفاقية منحت الصادرات المصرية إعفاءات جمركية تدريجية وفق جداول زمنية محددة، وكان الحديد آخر سلعة تستكمل إعفاؤها الكامل في سبتمبر 2024، وهذا الإلغاء التام للرسوم الجمركية على الحديد فتح الباب أمام منافسة مباشرة مع كبار الموردين، مدعوما بتكلفة شحن تنافسية وقدرة على تلبية المواصفات المطلوبة في السوق البرازيلية.

بحسب مسؤولي الغرفة التجارية العربية البرازيلية، فإن هذا الإعفاء لم يعزز فقط صادرات الحديد، بل ينتظر أن يمتد أثره إلى قطاعات صناعية أخرى، خاصة مع اقتراب سبتمبر 2026، الموعد المقرر لإعفاء جميع السلع المصرية المصدرة إلى الميركوسور – باستثناء قائمة محدودة – من الرسوم الجمركية بالكامل.

الحديد المصري على خريطة المنافسة العالمية| كيف صعد لقمة السوق البرازيلية؟

مصر ضمن قائمة الموردين الاستراتيجيين للسوق البرازيلي

تشير تقديرات ستاندرد آند بورز كوموديتي إنسايتس إلى أن صادرات حديد التسليح المصري إلى البرازيل تضاعفت عدة مرات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما جعل مصر ضمن قائمة الموردين الاستراتيجيين للسوق.

ويرى خبراء القطاع أن ما يحدث حاليا يمثل بداية توسع أكبر، حيث يمكن لمصر أن تستفيد من الفراغ الذي تتركه الصين وبعض المنافسين الآخرين لتعزيز حضورها في أسواق الميركوسور كافة، وليس البرازيل فقط.

كما أن تنوع المنتجات، من حديد التسليح إلى لفائف الصلب، يتيح لمصر دخول قطاعات فرعية في السوق البرازيلية، وهو ما قد يضاعف العوائد في السنوات المقبلة، خاصة إذا تزامن ذلك مع تحركات تسويقية واستثمارية مباشرة داخل البرازيل. 

الحديد المصري على خريطة المنافسة العالمية

الحديد المصري على خريطة المنافسة العالمية| كيف صعد لقمة السوق البرازيلية؟

ما بين عام 2022 الذي لم تتجاوز فيه الصادرات ألفي طن، وعام 2025 الذي يقترب من تحقيق عوائد تتجاوز 180 مليون دولار، تتضح معالم قصة نجاح تجارية وصناعية تضع الحديد المصري على خريطة المنافسة العالمية، وتؤكد قدرة الصادرات المصرية على اقتناص فرص النمو في أسواق بعيدة جغرافياً، لكنها قريبة استراتيجياً بفضل اتفاقيات التجارة الحرة.