الثلاثاء 05 أغسطس 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
اقتصاد مصر

طريق المستقبل.. شريان بري عملاق يربط مصر مع ليبيا وتشاد

الثلاثاء 05/أغسطس/2025 - 06:30 م
مشروع ربط بري
مشروع ربط بري

في خطوة طموحة تعكس رؤية مصر الاستراتيجية لتعزيز التكامل الاقتصادي الأفريقي، تخطط الحكومة المصرية إلى إطلاق أضخم مشروع للربط البري في القارة السمراء، يربط بين مصر وليبيا وتشاد.

وهذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته مليارات الجنيهات، ليس مجرد طريق يمتد عبر الحدود، بل هو شريان حيوي يهدف إلى إعادة تشكيل خريطة التجارة والتنمية في شمال ووسط أفريقيا، وبطول إجمالي يصل إلى 1720 كيلومترًا، يمثل هذا المشروع نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية بين الدول الثلاث، ويرسخ مكانة مصر كمركز لوجستي إقليمي يربط البحر الأحمر بالمحيط الأطلسي.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التفاصيل الكاملة لمشروع الربط البري مع ليبيا وتشاد.

مسار استراتيجي وتمويل ضخم

ويمتد مشروع الربط البري، المعروف باسم "طريق شرق العوينات – الكفرة – تشاد"، عبر ثلاثة قطاعات رئيسية: 400 كيلومتر داخل الأراضي المصرية، 390 كيلومترًا في ليبيا، و930 كيلومترًا في تشاد، ليصل إجمالي طوله إلى 1720 كيلومترًا.

وقد خصصت الحكومة المصرية 6 مليارات جنيه (ما يعادل حوالي 123.6 مليون دولار) لتنفيذ المرحلة الأولى، التي تشمل إنشاء 100 كيلومتر من الطريق داخل مصر، بدءًا من منطقة شرق العوينات وحتى منفذ الكفرة على الحدود الليبية.

ومن المتوقع أن تصل التكلفة الإجمالية للجزء المصري إلى 24 مليار جنيه (حوالي 490 مليون دولار)، مع توقعات باستكمال الأعمال خلال ثلاث سنوات.

وتتولى وزارة النقل المصرية الإشراف على المشروع، حيث بدأت بالفعل في تسليم مواقع التنفيذ لشركات المقاولات، مع التركيز على الجزء المصري في المرحلة الأولى.

وتشمل خطة التنفيذ دراسات فنية ولوجستية دقيقة، بالإضافة إلى التعاون مع شركات مصرية مثل "المقاولون العرب"، التي وقعت مذكرات تفاهم مع الحكومتين الليبية والتشادية لإجراء الدراسات المساحية والبيئية للقطاعين الثاني والثالث.

أهداف اقتصادية وتنموية طموحة

ويهدف المشروع إلى إنشاء ممر تجاري إقليمي يعزز التبادل التجاري بين شمال ووسط أفريقيا، مما يسهم في دفع عجلة التنمية في المناطق الحدودية المهمشة مثل جنوب مصر، وشرق ليبيا، وشمال تشاد.

ووفقًا لتصريحات الدكتور سيد خضر، خبير الاقتصاد السياسي، فإن هذا الطريق يمثل "شريانًا استراتيجيًا" للدبلوماسية الاقتصادية المصرية، حيث يعزز حركة التجارة ويقلل من تكاليف الشحن، مما يفتح آفاقًا جديدة للصادرات المصرية إلى الأسواق الأفريقية.

مشروع ربط بري

كما يسعى المشروع إلى تحويل تشاد إلى مركز تجاري يربط بين البحر الأحمر والمحيط الأطلسي، مما يعزز دورها كمحور لوجستي في القارة.

ويأتي هذا ضمن رؤية مصر الشاملة لتطوير البنية التحتية، حيث أنفقت الحكومة منذ عام 2014 حوالي 10 تريليونات جنيه على مشاريع الطرق، والموانئ، والسكك الحديدية، وفقًا لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي.

تعاون إقليمي

وتتطلب طبيعة المشروع العابر للحدود تعاونًا وثيقًا بين مصر وليبيا وتشاد، وقد أبدت الحكومة الليبية، برئاسة أسامة حماد في شرق ليبيا، استعدادها لتمويل جزء من الطريق، مع ضمان تأمين الشركات المنفذة. 
كما وقعت شركة المقاولون العرب مذكرات تفاهم لإجراء الدراسات اللازمة للقطاع الليبي (من الكفرة إلى الحدود التشادية) والقطاع التشادي (من الحدود إلى مدينة إبشا عبر أم الجرس).

ومع ذلك، يواجه المشروع تحديات لوجستية وأمنية، خاصة في المناطق الحدودية التي تعاني من التهميش وانتشار عمليات التهريب، ومع ذلك، يتوقع أن يسهم الطريق في الحد من هذه الظواهر من خلال تنشيط الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة.

رؤية مصر للتكامل الأفريقي

ويعد مشروع الربط البري جزءًا من استراتيجية مصر الأوسع لتعزيز التعاون مع الدول الأفريقية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وجه بتسريع جهود الربط مع الدول الشقيقة.

وأكد المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، أن المشروع يعكس رؤية مصر في الاستفادة من موقعها الجغرافي كمحور لوجستي يربط شمال وغرب ووسط أفريقيا.

كما أشار وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، إلى أن المشروع لن يقتصر على الربط البري، بل سيصاحبه إنشاء شبكة ألياف ضوئية لتعزيز الاتصالات وإقامة مجتمعات زراعية وعنية على جانبي الطريق، مما يعزز التنمية المستدامة.

مستقبل واعد للتعاون الأفريقي

ومشروع الربط البري بين مصر وليبيا وتشاد ليس مجرد إنجاز هندسي، بل هو جسر اقتصادي وتنموي يعزز التكامل الأفريقي.

ومن خلال هذا المشروع، تؤكد مصر التزامها بدورها كقوة إقليمية داعمة للتنمية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي وخبراتها في البنية التحتية، ومع بدء الأعمال في الربع الثالث من 2025، تترقب الأنظار تأثير هذا الشريان الحيوي على مستقبل التجارة والتنمية في القارة الأفريقية.