أدوات الدين المصرية تجذب المليارات.. السر وراء جذبها للمستثمرين الأجانب

تشهد أدوات الدين المصرية، مثل أذون وسندات الخزانة، إقبالًا متزايدًا من المستثمرين الأجانب خلال عام 2025، مما يعكس ثقة متجددة في الاقتصاد المصري.
يأتي هذا الإقبال مدفوعًا بمجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية التي جعلت مصر وجهة جذابة للاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الأسباب الرئيسية وراء هذا الجذب، مستندين إلى أحدث البيانات والتقارير الاقتصادية.
العوائد المرتفعة: محرك رئيسي للجذب
وأحد أبرز العوامل التي تجذب المستثمرين الأجانب هو العائد الحقيقي المرتفع الذي تقدمه أدوات الدين المصرية.
ووفقًا لبيانات وزارة المالية المصرية، بلغ متوسط العائد على أذون وسندات الخزانة خلال النصف الأول من العام المالي 2024-2025 حوالي 27.7%، مقارنة بتوقعات الوزارة عند 25%.
وهذا العائد المرتفع، مقارنة بالتضخم الذي انخفض إلى 12.8% في فبراير 2025، يوفر عائدًا حقيقيًا إيجابيًا، مما يجعل مصر واحدة من أكثر الأسواق جاذبية في الأسواق الناشئة.
وأشار تقرير سابق لـ"بلومبرج" إلى أن مصر تحتل المرتبة الثانية بعد فيتنام من بين أكثر من 50 اقتصادًا رئيسيًا من حيث العائد الحقيقي على أدوات الدين، مما يعزز مكانتها كوجهة استثمارية.
وهذا العائد المغري يجذب الصناديق الاستثمارية والمستثمرين الأفراد الباحثين عن عوائد مرتفعة في بيئة اقتصادية مستقرة نسبيًا.
استقرار سعر الصرف والإصلاحات الاقتصادية
واستقرار سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار يعد عاملًا حاسمًا في جذب المستثمرين، ورغم التقلبات السابقة، ساهمت الإصلاحات الاقتصادية، مثل تحرير سعر الصرف في 2016 ومواصلة سياسات الإصلاح بدعم من صندوق النقد الدولي، في تعزيز الثقة بسوق العملة المصرية.
وفي عام 2025، أظهرت البيانات تراجع معدل التضخم الأساسي إلى 10% في فبراير، مما عزز استقرار السوق وقلل من المخاطر المرتبطة بتقلبات العملة.

وإضافة إلى ذلك، ساهمت الإصلاحات التي نفذتها الحكومة المصرية، مثل خفض الدين الخارجي بأكثر من 15 مليار دولار في النصف الأول من 2024، في تحسين المؤشرات الاقتصادية.
وهذه الخطوات عززت تصنيف مصر الائتماني، مما جعلها سوقًا آمنًا نسبيًا للاستثمار مقارنة بأسواق ناشئة أخرى.
استراتيجية إدارة الدين وتنويع الأدوات المالية
وتعتمد مصر استراتيجية متطورة لإدارة الدين العام، تشمل تمديد آجال استحقاق الديون وخفض تكاليف الاقتراض.
كما تسعى مصر لتسوية ديونها المحلية عبر "يوروكلير بنك" في بلجيكا، مما يزيد من جاذبية الأدوات المالية للمستثمرين الدوليين.
وهذه الخطوة تتيح للمستثمرين الجدد دخول السوق المصرية، مما يضاعف استثمارات الأجانب الحاليين ويجذب مستثمرين لم يسبق لهم الاستثمار في مصر.
انتعاش السوق بعد التحديات الجيوسياسية
وعلى الرغم من التوترات الجيوسياسية في المنطقة، أظهرت أدوات الدين المصرية مرونة ملحوظة.
وفي يونيو 2025، ضخ المستثمرون الأجانب حوالي 12 مليار جنيه في أذون الخزانة خلال يوم واحد، رغم تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، مما يعكس استبعاد مصر من دائرة المخاطر الجيوسياسية.
وهذا الإقبال يعكس ثقة المستثمرين في استقرار مصر السياسي والاقتصادي مقارنة بالأسواق الإقليمية الأخرى.
توقعات المستقبل
وتشير التوقعات إلى استمرار جاذبية أدوات الدين المصرية في 2025، مدعومة بخطط الحكومة لتوسيع الطروحات الحكومية وتنشيط البورصة المصرية.
كما يتوقع أن يرتفع احتياطي النقد الأجنبي إلى 53.3 مليار دولار بحلول نهاية العام المالي 2025، مما يعزز الثقة في الاقتصاد المصري.
وتجذب أدوات الدين المصرية المستثمرين الأجانب بفضل العوائد المرتفعة، استقرار سعر الصرف، الإصلاحات الاقتصادية، واستراتيجية إدارة الدين المتطورة.
ورغم التحديات الجيوسياسية والمخاطر المحتملة، تظل مصر وجهة استثمارية موثوقة، مدعومة بثقة متزايدة من المؤسسات الدولية والمستثمرين.
ومع استمرار الإصلاحات وتنويع الأدوات المالية، من المتوقع أن يستمر هذا الزخم في تعزيز مكانة مصر في الأسواق الناشئة.