هبوط أسعار النفط يدفع بكين لتسريع تخزين الخام عند أعلى وتيرة منذ أبريل
تسارع الصين من وتيرة تكوين احتياطياتها الاستراتيجية من النفط الخام، مستغلة موجة التراجع التي تشهدها الأسعار العالمية، في خطوة تعكس سعي أكبر مستورد للنفط في العالم إلى تعزيز أمنه الطاقي والتحوط ضد تقلبات الأسواق الدولية.
وأظهرت بيانات رسمية وحسابات تحليلية أن كميات النفط المتجهة إلى التخزين في الصين سجلت قفزة ملحوظة خلال شهر نوفمبر تشرين الثاني، مع ارتفاع الواردات بوتيرة تفوقت بشكل واضح على معدلات تشغيل المصافي. ووفقًا لهذه البيانات، بلغ فائض النفط الخام نحو 1.88 مليون برميل يوميًا، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف فائض شهر أكتوبر تشرين الأول البالغ 690 ألف برميل يوميًا، مسجلًا بذلك أعلى مستوى للفائض منذ أبريل نيسان، عندما وصل إلى نحو 1.89 مليون برميل يوميًا.
ويعكس هذا التطور تحول التخزين إلى عامل حاسم في تقييم الطلب الصيني على النفط، حيث باتت قرارات بكين بشأن إضافة الخام إلى المخزونات الاستراتيجية والتجارية عنصرًا مؤثرًا في توازنات السوق العالمية، فضلًا عن كونه مصدرًا لعدم اليقين في توقعات الأسعار خلال الفترة المقبلة.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء أن المصافي الصينية عالجت خلال نوفمبر نحو 14.86 مليون برميل يوميًا، وهو مستوى مستقر نسبيًا مقارنة بـ14.94 مليون برميل يوميًا في أكتوبر، مع تسجيل زيادة سنوية بنحو 3.9%. وفي المقابل، قفزت واردات النفط الخام إلى 12.43 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى في 27 شهرًا، بزيادة قدرها 8.7% مقارنة بواردات أكتوبر.
أما الإنتاج المحلي، فقد بلغ نحو 4.31 مليون برميل يوميًا خلال نوفمبر، مقابل 4.24 مليون برميل يوميًا في الشهر السابق، ليصل إجمالي المعروض من الواردات والإنتاج المحلي إلى نحو 16.74 مليون برميل يوميًا. وبعد خصم الكميات التي جرى تكريرها، يتبقى فائض كبير يُرجّح توجيهه إلى المخزونات الاستراتيجية والتجارية.
ورغم أن الصين لا تعلن رسميًا عن أحجام النفط التي تدخل أو تخرج من مخزوناتها، فإن المقارنات بين إجمالي المعروض وكميات التكرير تكشف اتجاهًا واضحًا، يتمثل في استيراد الخام بمعدلات تفوق الطلب المحلي منذ مارس آذار. وخلال أول 11 شهرًا من العام، بلغ متوسط الفائض نحو 980 ألف برميل يوميًا.
ويأتي هذا التوجه مدفوعًا بتراجع الأسعار العالمية، إذ كانت الصين قد بدأت السحب من المخزونات مطلع عام 2025 مع ارتفاع خام برنت إلى 82.63 دولارًا للبرميل في منتصف يناير، قبل أن تعاود الأسعار الانخفاض، متأثرة بتهدئة التوترات الجيوسياسية وآمال التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا. وتراجع خام برنت مؤخرًا إلى نحو 60.15 دولارًا للبرميل، وهو أدنى مستوى منذ أواخر أكتوبر.
وتشير تقديرات محللي السلع إلى أن فائض ديسمبر كانون الأول قد يتجاوز مستويات نوفمبر، مع توقع ارتفاع الواردات البحرية إلى 12.59 مليون برميل يوميًا، إلى جانب واردات خطوط الأنابيب من روسيا التي تقترب من مليون برميل يوميًا. كما تسهم الخصومات الكبيرة على النفط الروسي وزيادة حصص الاستيراد في دعم شهية الصين لمزيد من الخام، في ظل اعتقاد الأسواق أن بكين لم تصل بعد إلى مستوياتها المستهدفة من الاحتياطيات الاستراتيجية.
