الثلاثاء 02 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
اقتصاد مصر

الـ 25 عاما المشبوهة.. حديقة الحيوان بالجيزة على حافة الانهيار بسبب المستثمر الأجنبي

الثلاثاء 02/ديسمبر/2025 - 05:56 م
حديقة الحيوان بالجيزة
حديقة الحيوان بالجيزة

يعد ملف تطوير حديقة الحيوان بالجيزة، التي تصنف كثاني أقدم حديقة حيوان في العالم، أكبر مصدر قلق في المشهد الثقافي والبيئي المصري حاليا، ففي الوقت الذي بات فيه التطوير ضرورة ملحة بعد سنوات من الإهمال، أثار قرار إسناد التطوير والإدارة إلى تحالف شركات خاص لمدة خمسة وعشرين عاما عاصفة من التساؤلات والانتقادات الحادة. 

ملف تطوير حديقة الحيوان بالجيزة

هذه الانتقادات لا تستهدف الحاجة إلى التحديث، بل تركز على أن العملية قد تكون في حقيقتها تجريدا للهوية التاريخية للحديقة لصالح البعد التجاري والربحي البحت، وهو ما يهدد بطمس معالمها الأثرية، ويزداد الخطر مع الغموض التام الذي يحيط بتفاصيل العقد، محولا الصرح العلمي والتعليمي إلى مجرد منتزه تجاري خالص قد يرتفع فيه سعر التذكرة بشكل جنوني، حارما المواطن البسيط من المتنفس التاريخي الوحيد.

الخسارة المزدوجة للتراث والبيئة

الخطر الأكبر يتربص بالذاكرة التاريخية للحديقة، فهي ليست مجرد أرض للحيوانات، بل هي متحف معماري حي يضم كنوزا لا تقدر بثمن.

المباني الأثرية مثل الكوبري المعلق الذي صممه غوستاف إيفل، والقبة الملكية، وعشرات الأكشاك والتكوينات التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، كلها مهددة.

المخاوف تتصاعد من أن يؤدي التحديث المخطط له إلى هدم هذا التراث المعماري الفريد أو طمس معالمه بالكامل لصالح منشآت خدمية أو مساحات خرسانية جديدة، مما يعد انتهاكا صريحا لوضعها كأثر مسجل قانونيا يتطلب حماية قصوى.

ولا يقف الخطر عند المباني، بل يمتد ليشمل الثروة النباتية الهائلة. الحديقة تضم مئات الأشجار المعمرة والنباتات النادرة التي تمثل رئة خضراء لا تعوض للقاهرة الكبرى.

يخشى الخبراء من أن تتضرر هذه الثروة النباتية القيمة أثناء أعمال الحفر والميكنة الواسعة، أو أن يتم استبدالها بمساحات أسمنتية مخصصة لأغراض تجارية بحتة، وهو ما سيقضي على طابع "الغابة المصغرة" الذي يميز الحديقة تاريخياويساهم في بيئتها الخاصة.

أزمة الشفافية والتحول إلى مشروع ربحي

الخطر الجوهري يكمن في تحويل وظيفة الحديقة من مركز بحثي وتعليمي تابع لوزارة الزراعة إلى منتزه تجاري خالص.

ولعل الانتقاد الأبرز هو الغموض التام حول تفاصيل العقد المبرم مع الشركة المستأجرة، حيث لم يتم الكشف علنا عن القيمة المالية للإيجار أو حصة الدولة أو الالتزامات المحددة تجاه الحفاظ على الطابع الأثري والبيئي.

إسناد التحكم الكامل في التشغيل للقطاع الخاص لمدة ربع قرن يعني أن الأهداف الربحية ستكون هي الأولوية القصوى، وهو ما يهدد بـ فقدان الدور العلمي والتعليمي لصالح العروض الترفيهية فقط.

كما يثير هذا الغموض تساؤلات حول مصير الحيوانات النادرة التي تم نقلها مؤقتا وما إذا كانت ستعود لبيئة تلبي معايير WAZA الدولية، والتي فقدت الحديقة اعتمادها سابقا  أم ستعود لمجرد قفص عرض.

التبعات الاجتماعية والاقتصادية على المواطن

هذا القرار سيكون له تبعات اجتماعية واضحة، حيث من المؤكد أن الإدارة الخاصة ستؤدي إلى ارتفاع جنوني في سعر تذكرة الدخول.

هذا الارتفاع سيجرد الحديقة من طابعها كـ "متنزه شعبي وعائلي" متاح بأسعار زهيدة لجميع الفئات، ويحولها إلى وجهة فاخرة لا يتحمل تكلفتها المواطن البسيط، مما يعني حرمان شريحة واسعة من المصريين من الاستمتاع بها.

ويرى النقاد أن التطوير ضروري بعد سنوات من الإهمال، ولكن التخوف هو أن تكون المحصلة النهائية هي تجريد الحديقة من هويتها الفريدة واستبدالها بمشروع تجاري يضحي بالتاريخ والأشجار من أجل الربح، بعيدا عن أي رقابة تراثية فعالة.