النفط يستقر وسط توازن بين مخاوف زيادة المعروض ومحادثات أوكرانيا
استقرت أسعار النفط في تعاملات اليوم الثلاثاء مع ميل طفيف للصعود، في ظل حالة من التوازن بين توقعات زيادة المعروض خلال العام المقبل والقيود المفروضة على شحنات روسيا بفعل العقوبات الغربية، بينما لم تسفر المحادثات المتعلقة بإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية عن نتائج ملموسة، ما يُبقي حالة عدم اليقين مسيطرة على الأسواق العالمية.
وسجل خام برنت العالمي تراجعاً طفيفاً بمقدار 17 سنتاً أو ما يعادل 0.3% ليصل إلى 63.20 دولار للبرميل عند الساعة 01:58 بتوقيت غرينتش، كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 12 سنتاً أو 0.2% ليبلغ 58.71 دولار للبرميل. وكانت أسعار النفط قد أغلقت تعاملات الاثنين على ارتفاع بلغت نسبته 1.3% بدعم من تراجع التوقعات بقرب التوصل إلى اتفاق سلام روسي – أوكراني، ما انعكس على نظرة الأسواق لاحتمالات عودة الإمدادات الروسية إلى مستوياتها الطبيعية.
ضغوط متزايدة على جانب المعروض
ورغم تباطؤ تدفق النفط الروسي جراء العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تشير غالبية التحليلات إلى أن عام 2026 قد يشهد توسعاً في إجمالي المعروض العالمي من الخام، مع قدرة المنتجين على زيادة الإمدادات بمعدلات تفوق نمو الطلب، وهو ما يضع ضغوطاً إضافية على الأسعار في الأجل المتوسط.
وفي مذكرة بحثية صدرت الاثنين، توقعت دويتشه بنك أن يسجل سوق النفط العالمي فائضاً قد يصل إلى مليوني برميل يومياً في عام 2026، مشيرة إلى أنه لا توجد مؤشرات على إمكانية حدوث عجز واضح في المعروض قبل عام 2027. ووصف المحلل مايكل هسويه هذا الاتجاه بأنه يعكس «سوقاً هابطة إلى حد كبير»، ما يعني أن أي صعود في الأسعار خلال الفترات المقبلة قد يظل محدوداً ما لم تظهر عطلات في الإنتاج أو ارتفاع مفاجئ في الطلب.
نتائج غير حاسمة لمحادثات أوكرانيا
وما زالت الأسواق تراقب بقلق التطورات المتعلقة بالمقترحات السياسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، إذ لم تؤدِّ المحادثات الأخيرة إلى تقدم يذكر نحو تسوية دبلوماسية بين الولايات المتحدة وكييف من جهة، وروسيا من جهة أخرى. واعتبرت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون المقترح الأمريكي الأخير بمثابة «قائمة مطالب للكرملين» لا تعكس موازين القوى القائمة على الأرض.
ويرى محللون أن أي اتفاق سلام محتمل قد يقود إلى رفع العقوبات المفروضة على روسيا ما يسمح بإعادة تدفق النفط الروسي بالكامل إلى الأسواق العالمية، وهو ما يعني زيادة ملحوظة في الإمدادات وتعرض الأسعار لضغوط قوية. لكن في المقابل، فإن بقاء الوضع الراهن دون تقدم دبلوماسي قد يحد من هذه المخاوف ويعزز استقرار الأسعار في المدى القريب.
الفائدة الأمريكية عامل داعم
وعلى صعيد آخر، يجد سوق النفط قدراً من الدعم من زيادة توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال اجتماع السياسة النقدية المقرر عقده في 9 و10 ديسمبر المقبل، بعد إشارات من أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي تؤكد توجههم نحو التيسير النقدي خلال الفترة المقبلة.
ويُنظر إلى خفض الفائدة بوصفه عاملاً يحفز النشاط الاقتصادي العالمي ويرفع مستويات الاستهلاك، بما يشمل زيادة الطلب على الطاقة والمواد الخام وعلى رأسها النفط.
آفاق السوق
ووفقاً للمراقبين، فإن سوق النفط في المرحلة الحالية يقف عند نقطة توازن حرجة، حيث تتعايش مخاوف المعروض الزائد مستقبلًا مع حالة عدم اليقين الجيوسياسي، بينما تلعب المؤشرات الاقتصادية الأمريكية دوراً مهماً في توجيه مزاج المتعاملين. وفي ظل هذه التفاعلات، قد تستمر الأسعار في التحرك في نطاق محدود خلال الأسابيع المقبلة ما لم تظهر تطورات جوهرية سواء على صعيد الإنتاج العالمي أو ملف السلام في أوكرانيا.
