المحجر البيطري بالنوبارية.. درع مصر الحيوي لحماية الثروة الحيوانية
في قلب الطريق الصحراوي القاهرة – الإسكندرية، يقف صرح عملاق لا يعرفه الكثيرون باسمه، لكنه يحمي يوميًا مائدة المصريين ويحرس أحد أهم أعمدة الأمن الغذائي الوطني، إنه "المحجر البيطري للحيوانات بالنوبارية" التابع لصندوق التأمين على الثروة الحيوانية.
وذلك الحارس الصامت الذي يفحص كل رأس حيوان مستورد قبل أن يصل إلى الأسواق، ليضمن أن كل قطعة لحم حمراء تقدم للمواطن خالية من الأمراض وآمنة تمامًا.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض كل المعلومات عن هذا الصرح الوطني الكبير، ودوره، وإمكانياته.
صندوق التأمين على الثروة الحيوانية أكثر من مجرد تأمين
ولم يعد دور صندوق التأمين على الثروة الحيوانية مقتصرًا على تعويض المربين عند الخسائر، بل تحول إلى كيان استراتيجي يحمي الناتج القومي من البروتين الحيواني كجزء لا يتجزأ من الأمن القومي الغذائي.
ويأتي تشغيل المحجر البيطري بالنوبارية كأبرز تجسيد لهذا الدور المتطور، حيث يقوم بكل خطوات الفحص الطبي والمخبري والتشخيص والحجر الصحي، ثم إصدار الشهادات البيطرية المعتمدة التي تفتح الباب للإفراج الجمركي السريع.

بوابة الشمال الغربي لاستيراد الرؤوس الحية
واختير موقع المحجر بعناية فائقة على الطريق الصحراوي القاهرة – الإسكندرية مباشرة، مما جعله أقرب نقطة حجر بيطري متكاملة لموانئ الإسكندرية والدخيلة ودمياط.
وهذا القرب الاستثنائي يقلص زمن نقل الشحنات إلى أقل حد ممكن، ويضمن فحص الحيوانات القادمة من أمريكا اللاتينية وإفريقيا وأوروبا في زمن قياسي، دون تعطيل حركة التجارة أو تعريض الحيوانات للإجهاد،كما يبعد المحجر 3 كيلومترات فقط عن أقرب تجمع حي.
ويوفر بذلك حاجزًا وقائيًا آمنًا يحمي الثروة الحيوانية المحلية من أي مخاطر وبائية محتملة.
سعة استيعابية تتجاوز 100 ألف رأس سنويًا
ويستقبل المحجر أكثر من 100 ألف رأس ماشية سنويًا، بسعة إحلالية فورية تصل إلى 10,000 رأس تربية في الدورة الواحدة/ وينقسم المحجر إلى خمس مناطق منفصلة تمامًا تضم 51 حظيرة حديثة:
- منطقة (1): 10 حظائر
- منطقة (2): 11 حظيرة
- منطقة (3): 10 حظائر
- منطقة (4): 10 حظائر
- منطقة (5): 10 حظائر مخصصة للعزل والمتابعة
وتفصل بين الحظائر مسافات بينية واسعة، مع وجود ممرات فصل صحي تمنع أي اختلاط بين القطعان المختلفة، وهو ما يحقق أعلى درجات الأمان الحيوي المطلوب عالميًا.

بنية تحتية هندسية تحاكي أحدث المحاجر العالمية
ويقام المحجر على مساحة 7 أفدنة كاملة محاطة بسور خرساني مدعم بالطوب بارتفاع 3 أمتار، مزود بـ 4 بوابات خرسانية رئيسية للشاحنات، وبوابتين حديديتين للأطقم الطبية والبيطرية.
ونظام الإنارة الليلية الكامل والكشافات العالية يضمن استمرار العمل 24 ساعة، بينما يدعم المحجر:
- شبكة كهرباء عامة + مولدات احتياطية عالية القدرة.
- مصدر مياه عذبة مستمر صالحة للشرب والري.
- مخازن علف وتبن وقش مغطاة بمظلات متطورة.
- مساحات خضراء بينية وممرات داخلية ممهدة بالكامل.

المحجر البيطري بالنوبارية قلب منظومة استيراد اللحوم الحمراء في مصر
ومع استيراد مصر لنحو نصف احتياجاتها من الرؤوس الحية بحرًا من دول أمريكا اللاتينية والسودان والصومال ورومانيا، أصبح المحجر بالنوبارية الرئة التنفسية لمحافظات الوجه البحري والقاهرة الكبرى (الإسكندرية – البحيرة – المنوفية – القاهرة – الجيزة)، مما خفف الضغط الهائل عن محاجر الموانئ وساهم في تسريع دورة رأس المال للمستوردين.
رسالة يومية من النوبارية
وكل صباح، ومع أول ضوء على الطريق الصحراوي، تبدأ قوافل الشاحنات المبردة في الوصول إلى بوابات المحجر.
وهناك يستقبلها فريق من الأطباء البيطريين والفنيين ليبدأ رحلة الفحص الدقيق التي تنتهي بشهادة صحية تثبت أن هذه الرؤوس خالية من الحميات والأمراض العابرة للحدود.
وبهذا الجهد المستمر والصامت، يواصل المحجر البيطري بالنوبارية دوره كخط الدفاع الأول والأخير عن صحة المصريين، وعن استدامة الثروة الحيوانية، مؤكدًا أن كل لقمة بروتين حيواني تصل إلى البيت المصري قد مرت من بوابة علم ودقة وأمان لا تقبل التهاون.
