الثلاثاء 18 نوفمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
تحليل

توقعات سعر الفائدة بين الخفض والتثبيت.. ماذا ننتظر من اجتماع البنك المركزي القادم | الخبراء يجيبون

الثلاثاء 18/نوفمبر/2025 - 09:23 م
البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

مع تبقي أقل من 48 ساعة على اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري المقرر يوم الخميس 20 نوفمبر 2025، تتجه الأنظار نحو القرار الأكثر ترقباً في الأسواق المالية المصرية: هل يقدم المركزي على خفض جديد لأسعار الفائدة، أم يفضل الإبقاء عليها دون تغيير، أو في سيناريو أقل ترجيحاً رفعها مجدداً؟.

وفي استطلاع حصري أجرته منصة "بانكير" للخبراء الماليين والمصرفيين، كشف نخبة من كبار الاقتصاديين عن توقعاتهم لقرار الفائدة القادم، وسط تباين واضح في الآراء يعكس تعقيد المشهد الاقتصادي الحالي، حيث أن النتائج تظهر انقساماً لافتاً بين المشاركين: نسبة كبيرة تراهن على خفض جديد بـ 100 نقطة أساس، فيما يرى فريق آخر أن الحذر سيغلب وسيتم الإبقاء على الأسعار دون تغيير.

وفي هذا التقرير الحصري، من بانكير، نستعرض بالأرقام والتفاصيل توقعات خبراء السوق، ونحلل العوامل التي قد تحسم قرار المركزي في واحدة من أهم اللحظات النقدية لعام 2025.

اجتماع لجنة السياسات النقدية المرتقب

ومع اقتراب موعد اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري يوم الخميس 20 نوفمبر 2025، والذي يعد الاجتماع السابع لهذا العام، تتصاعد التوترات في الأسواق المالية المصرية وسط تباين واضح في التوقعات بين الخبراء والمؤسسات المالية.

وبعد سلسلة من عمليات الخفض الجريئة بلغ إجماليها 525 إلى 625 نقطة أساس منذ نهاية 2024، بما في ذلك الخفض الأخير بنسبة 100 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر 2025، يركز التحليلات على ما إذا كانت اللجنة ستستمر في مسار التيسير النقدي أم تثبت الأسعار لمواجهة الضغوط التضخمية المتجددة.

وأشارت تقارير من بنوك مثل دويتشه بنك وبي ان بي باريبا إلى أن القرار سيعتمد بشكل أساسي على بيانات الاحتياطيات الدولية التي تجاوزت 50 مليار دولار، والنمو الاقتصادي الذي سجل 5% في الربع الثاني، مع مخاوف جيوسياسية قد تعيق الإفراج الكامل عن السياسة الإيجابية.

أما الأسعار الحالية للفائدة، التي حددتها اللجنة في اجتماعها الأخير بتاريخ 2 أكتوبر 2025، فتشمل سعر الإيداع الليلي عند 21.00%، وسعر الإقراض الليلي عند 22.00%، وسعر العملية الرئيسية (الخصم) عند 21.50%، وهي مستويات تعكس أدنى مستوى منذ أغسطس 2023 بعد الخفضات المتتالية هذا العام.

وهذه الأسعار تهدف إلى تحقيق توازن بين دعم النمو الاقتصادي ومواجهة التضخم، الذي يُتوقع أن يتقارب مع هدف البنك المركزي (حوالي 7% ± 2%) بحلول الربع الرابع من 2026، وفقاً لتقرير السياسة النقدية للربع الثالث من 2025.

التضخم لم يكن مفاجئًا

أكد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أن التوقعات تشير بقوة نحو اتخاذ لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري قرارًا بخفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس (1%) في اجتماعها المقرر يوم 20 نوفمبر الجاري، معتبرًا هذا القرار هو الخيار "الأسلم والأكثر توازنًا" في هذه المرحلة الاقتصادية الدقيقة.

وأوضح الدكتور بدرة أن الدافع الرئيسي لهذا التوقع هو تحليل دقيق لأرقام التضخم الأخيرة: "شهدنا ارتفاعًا في معدلات التضخم خلال الشهر الماضي، ولكن هذا الارتفاع لم يكن كبيرًا أو مفاجئًا بالشكل الذي يستدعي التدخل بتشديد السياسة النقدية أو حتى التثبيت، وجزء من هذا الارتفاع يعود إلى عوامل موسمية أو صدمات عرض محددة، وليس لزيادة الطلب بشكل مفرط".

وأضاف: "البنك المركزي يدرك جيدًا أن المحرك الأساسي للتضخم الحالي هو تكاليف الإنتاج وتأثير سعر الصرف، وليس بالضرورة السيولة النقدية في السوق، وبالتالي، فإن رفع أو تثبيت الفائدة لن يعالج جذور المشكلة، بل سيزيد من أعباء الاقتراض على القطاع الخاص والحكومة على حد سواء، مما يعمق حالة التباطؤ الاقتصادي".

الدكتور مصطفى بدرة

وشدد الدكتور بدرة على أن الأولوية في الوقت الراهن يجب أن تكون لتحفيز النشاط الاقتصادي ومواجهة شبح الركود.

وقال: "لقد قررت لجنة السياسة النقدية في أكتوبر 2025 خفض سعر الإيداع لليلة واحدة وسعر الخصم بمقدار 100 نقطة أساس ليصل سعر الإيداع إلى 21.00% وسعر الخصم إلى 21.50%، وهذا يمثل بداية واضحة لتوجه نحو التيسير النقدي في الفترة المقبلة".

وأشار إلى أن استمرار هذا التوجه عبر خفض جديد بمقدار 100 نقطة أساس في نوفمبر، سيساعد في تقليل تكلفة خدمة الدين العام على الموازنة العامة للدولة، في حين يرسل إشارة إيجابية للمستثمرين بأن تكلفة الاقتراض أصبحت أقل، مما يحفز على التوسع في المشروعات، بالإضافة إلى أنه يساهم في تنشيط القوة الشرائية للمستهلكين تدريجيًا.

واختتم الدكتور بدرة توقعاته مؤكدًا: "التخفيض بـ 100 نقطة أساس هو القرار الأسلم والأكثر ترجيحًا في اجتماع نوفمبر، وهو يتوافق مع التوجه العام الذي رسمه البنك المركزي في اجتماعه السابق، وهذا التخفيض يمهد الطريق لمزيد من التخفيف في الأعباء النقدية قبل نهاية العام".

تباين التوقعات بين التثبيت والتخفيض

وأكد الدكتور حسن هيكل، الخبير الاقتصادي، أن قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها المرتقب يوم 20 نوفمبر الجاري، حول أسعار الفائدة، يأتي في مفترق طرق حاسم يتأرجح بين ضرورة امتصاص التضخم ومواجهة حالة الركود التضخمي التي تشهدها الأسواق حاليًا.

أوضح الدكتور هيكل أن التوقعات تتراوح بين سيناريوهين رئيسيين لهذا الاجتماع، السيناريو الأول التثبيت المؤقت)، حيث يتوقع أن يميل المركزي إلى التثبيت وعدم إجراء أي تغيير على أسعار الفائدة في اجتماع نوفمبر. 

وأضاف، أن الهدف من هذا التثبيت هو إتاحة المجال لتقييم وامتصاص كامل لآثار قرارات رفع أسعار الوقود الأخيرة على المستوى العام للأسعار والتضخم الأساسي، وهذه الخطوة تعكس حذر البنك المركزي في التعامل مع صدمات العرض، وتؤجل قرار التخفيض إلى الاجتماع التالي، عندما تتضح ملامح الموجة التضخمية الناتجة عن زيادة تكاليف الطاقة.

الدكتور حسن هيكل

وأشار هيكل، إلى أن السيناريو الثاني تخفيض 100 نقطة أساس، وهو احتمال قوي للتخفيض لا سيما إذا أعطى المركزي أولوية لمعالجة حالة الكساد أو التباطؤ الاقتصادي الواضحة التي يمر بها السوق المحلي حاليًا.

وتابع: "التخفيض في أسعار الفائدة يهدف إلى تحفيز الإقراض ودفع عجلة الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي، مما يساهم في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي في ظل تراجع القوة الشرائية".

وأشار الدكتور هيكل إلى أن لجنة السياسة النقدية كانت قد اتخذت بالفعل خطوة تحفيزية في اجتماعها السابق بشهر أكتوبر 2025، حيث قررت، خفض سعر الإيداع لليلة واحدة بمقدار 100 نقطة أساس ليصبح 21.00%.

وأضاف: "هذه القرارات تشير إلى توجه مركزي نحو التخفيف من القيود النقدية. ولكن قرارات رفع أسعار الوقود الأخيرة أحدثت متغيرًا جديدًا يجب أخذه في الحسبان، فبينما كانت توقعات بعض المؤسسات الدولية، مثل بنك ستاندرد تشارترد، تشير إلى إمكانية وصول سعر الفائدة الرئيسي إلى 19.25% بنهاية العام 2025، فإن صدمة الوقود قد تحد من سقف هذا التخفيض".

وتابع: "أعتقد أن هذا المتغير قد يجعل البنك المركزي يكتفي بالتخفيض لـ 100 نقطة أساس فقط قبل نهاية العام، إما في نوفمبر أو في اجتماع ديسمبر كحد أقصى، بدلاً من الوصول إلى مستويات التخفيض الأعمق المتوقعة سابقًا".

واختتم الدكتور هيكل تصريحاته بالتأكيد على، أن التوقعات الأقرب تشير إلى خفض 100 نقطة أساس من أسعار الفائدة سواء في هذا الاجتماع أو الاجتماع القادم على الأكثر، مشددًا على أن الموازنة بين دعم النشاط الاقتصادي وكبح جماح التضخم هي الهاجس الأكبر الذي يحكم قرار المركزي في الوقت الراهن.

التثبيت خوفًا من التضخم

من جهته، أكد الدكتور سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي، أن التوقع الأقرب لقرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها المرتقب يوم 20 نوفمبر الجاري، هو تثبيت أسعار الفائدة على المستويات الحالية. 
وأشار إلى أن هذا القرار يأتي كخطوة ضرورية لاحتواء المخاطر التضخمية التي بدأت تظهر مجددًا في الاقتصاد المصري.

وأوضح الدكتور رؤوف أن البنك المركزي بات في موقف يتطلب منه الحذر والترقب، خاصة بعد التغيرات الأخيرة في أسعار الطاقة، مضيفًا: "أعتقد أن المركزي سيثبت الفائدة هذه المرة ولديه مبرر قوي لذلك، وهو التضخم الذي بدأ يظهر في الاقتصاد من جديد. هذا الظهور يعود بشكل مباشر إلى قرار تعديل أسعار المحروقات الذي تم مؤخرًا".

الدكتور سمير رؤوف

وأضاف: "عندما تم تغيير أسعار المحروقات في المرة السابقة، بدأ التضخم يرتفع مرة أخرى في بعض القطاعات الاقتصادية، وهذا الارتفاع هو في الأساس تضخم تكلفة، حيث تؤدي زيادة تكاليف الطاقة والنقل إلى رفع أسعار السلع والخدمات على المستهلك النهائي، وتثبيت الفائدة في هذا التوقيت هو الأداة الأمثل لامتصاص هذه الآثار التضخمية الناتجة عن الصدمة الخارجية المؤقتة".

وشدد الدكتور رؤوف على أن هدف البنك المركزي من التثبيت هو إعادة تقييم شاملة لوضع الاقتصاد الكلي، خاصة بعد ظهور هذا المتغير الجديد.

وقال: "أعتقد أن البنك المركزي سيلجأ إلى التثبيت لإجراء عملية مراجعة شاملة للتضخم، وتقييم حجم وطبيعة الموجة التضخمية الحالية، وهل هي موجة عارضة ومؤقتة، أم أنها تضخم تابع لهيكل الاقتصاد ويتطلب معالجات جذرية؟"

واستطرد: "سنرى نفس أسعار الفائدة التي كانت عليها في الاجتماع الماضي دون تغيير، ةالمركزي لن يغيرها إلا بعد أن تنتهي الموجة التضخمية الناتجة عن تعديل أسعار الوقود، ويتأكد من طبيعتها، وإذا كانت عارضة، فقد يبدأ بالتخفيض في الاجتماعات التالية، أما إذا كانت هيكلية ومستمرة، فقد يضطر للانتظار لفترة أطول أو حتى إعادة النظر في سياسته النقدية بالكامل".

واختتم الدكتور رؤوف تصريحاته بالتأكيد على أن قرار التثبيت هو خطوة احترازية تعكس الحكمة في إدارة السياسة النقدية، وتضمن عدم التسرع في اتخاذ قرار بالتخفيض قد يغذي التوقعات التضخمية في وقت غير مناسب.

اتجاه يتسق مع السياسة النقدية

بدوره، قال الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، عضو مجلس الأعمال المصري الكندي، إن الاحتمال الأقرب في اجتماع البنك المركزي الخميس المقبل، هو خفض أسعار الفائدة بنحو 1%، مشيرا إلى أن هذا الاتجاه يتسق مع السياسة النقدية الحالية، ويتماشى مع التوجه العام للدولة نحو تحفيز بيئة الاستثمار المباشر ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة في قطاعي الصناعة والتجارة خلال الفترة المقبلة.

الدكتور أحمد خطاب

وأضاف خطاب، أن خطوة خفض الفائدة، إذا ما تمت، ستعزز قدرة القطاعين التجاري والصناعي على التوسع، وستمنح المستثمرين مزيدا من المرونة في تمويل المشروعات، كما ستسهم في تنشيط حركة السوق من خلال انعكاسها المباشر على انخفاض أسعار السلع المعمرة، وفي مقدمتها السيارات والأجهزة الكهربائية.

الثبيت يغلب على المشهد

أما الخبير الاقتصادي محمد البهواشي، أكد إن التوقعات خلال الفترة الماضية كانت ترجح إقدام البنك المركزي على خفض جديد في أسعار الفائدة قبل نهاية العام، في إطار توجهه نحو تحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز بيئة الاستثمار، لكن أعتقد أن المركزي سيميل لتثبيت أسعار الفائدة خلال هذا الاجتماع.

وأضاف البهواشي، أن قرار رفع أسعار المحروقات وما ترتب عليه من زيادة مرتقبة في معدلات التضخم، سيجعل البنك المركزي يميل خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية المقرر عقده في 20 نوفمبر الجاري إلى الإبقاء على مستويات الفائدة دون تغيير، باعتبار أن السيطرة على التضخم ستصبح الأولوية الرئيسية في هذه المرحلة.

الدكتور محمد البهواشي

وأكد البهواشي أن تسارع التضخم المتوقع نتيجة رفع الدعم تدريجيا عن المحروقات سيكون العامل الحاسم في تقييم المشهد الاقتصادي، وسيشكل اللاعب الرئيس في توجهات لجنة السياسات خلال الاجتماع المرتقب، خصوصا مع السعي للحفاظ على استقرار الأسعار وتجنب أي ضغوط إضافية على العملة المحلية.

الاجتماع الأخير في 2025 قد يشهد الجديد

وأكد الدكتور كريم العمدة أن البنك المركزي سيكون أكثر تحوطاً في اجتماعه المرتقب، لافتاً إلى أن رفع أسعار الطاقة محلياً قد يدفع اللجنة إلى التريث قبل اتخاذ أي خطوة نحو الخفض.

الدكتور كريم العمدة

وأوضح أن الفيدرالي الأمريكي بالفعل خفض الفائدة وأشار للاستمرار في ذلك، لكن الظروف المحلية تجعل من التثبيت القرار الأكثر احتمالاً، على أن يبدأ المركزي التفكير في خفض تدريجي خلال الاجتماعات المقبلة إذا استمرت المؤشرات الاقتصادية في التحسن.

وسيظل قرار لجنة السياسة النقدية يوم 20 نوفمبر 2025 أحد أكثر المحطات تأثيراً في مسار الاقتصاد المصري خلال العام الجاري والقادم، وسواء اختارت اللجنة مواصلة خفض أسعار الفائدة لتعزيز النمو ودعم القطاع الخاص، أو فضلت التثبيت المؤقت انتظاراً لمزيد من الوضوح في مسار التضخم وسعر الصرف، فإن هذا القرار لن يحدد فقط تكلفة الاقتراض وجاذبية الاستثمار خلال الربع الأخير من 2025، بل سيرسل أيضاً رسالة قوية للأسواق الدولية حول مدى ثقة البنك المركزي في استقرار الجنيه وقوة الاحتياطي الأجنبي.