لوبوان: نفق «طنجة –طريفة» بين إفريقيا وأوروبا.. نقلة نوعية في النقل والتجارة
ذكرت مجلة لوبوان الفرنسية أن مشروع إنشاء نفق ضخم تحت مياه البحر الأبيض المتوسط، يربط بين قارة إفريقيا وأوروبا عبر مضيق جبل طارق، قد يُشكل واحدة من أبرز الثورات الهندسية والاقتصادية في القرن الحادي والعشرين، مشيرة إلى أن المشروع الذي يربط مدينة طنجة المغربية بمدينة طريفة الإسبانية يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في حركة النقل والتجارة بين القارتين.
وأوضحت المجلة أن النفق، الذي من المقرر أن يمتد من منارة رأس مالاباطا في المغرب إلى منطقة بونتا بالوما بلايا في إسبانيا، من شأنه أن يربط شبكات السكك الحديدية والبنية التحتية بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا، مما يسهم في تعزيز التبادل التجاري والاستثماري والسياحي بين الجانبين. كما يُتوقع أن يقلل المشروع من تكلفة النقل ويختصر زمن الرحلات بشكل غير مسبوق، مقارنة بوسائل النقل البحرية التقليدية.
وأضافت لوبوان أن فكرة النفق ليست جديدة تمامًا، إذ تعود جذورها إلى ثمانينيات القرن الماضي، لكنها اكتسبت زخمًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع تعاظم التعاون بين المغرب وإسبانيا والاتحاد الأوروبي في مجالات الطاقة والبنية التحتية والربط القاري. وتشير التقارير إلى أن الدراسات الجيولوجية والهندسية الجارية حاليًا تسعى لتجاوز التحديات التقنية المعقدة المرتبطة بعمق المضيق وطبيعة الصخور تحت قاع البحر.
وأشارت المجلة إلى أن المشروع، في حال تنفيذه، لن يكون مجرد ممر للنقل، بل سيحمل أبعادًا جيوسياسية واستراتيجية كبيرة، حيث سيجعل من المغرب بوابة رئيسية لأفريقيا نحو أوروبا، ويمنح القارة الإفريقية منفذًا مباشرًا إلى الأسواق الأوروبية. كما أنه سيُعزز الدور الجيوستراتيجي لشبه الجزيرة الأيبيرية، التي ستتحول إلى نقطة التقاء حضاري واقتصادي بين القارتين.
وأكدت لوبوان أن النفق يمكن أن يتحول إلى مشروع رمزي يجسد التعاون بين ضفتي المتوسط، في وقت يشهد فيه العالم تحولات اقتصادية وسياسية متسارعة. كما يُتوقع أن يسهم في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة خلال مراحل التصميم والبناء والتشغيل، مع تحفيز النمو الاقتصادي في المناطق المحيطة بالمضيق على جانبيه.
ورأت المجلة أن المشروع قد يمثل، إذا ما تم إنجازه، ثورة هندسية تضاهي مشروع نفق المانش الذي يربط بين فرنسا وبريطانيا، لكن بأبعاد أكثر تعقيدًا وتنوعًا، نظرًا لطبيعة البحر المتوسط وعمق مياهه في تلك المنطقة. وأضافت أن الربط بين القارتين عبر هذا الممر الأرضي قد يُعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية العالمية، ويجعل من المتوسط مركزًا جديدًا للتجارة العابرة للقارات.
واختتمت لوبوان تقريرها بالتأكيد على أن الإرادة السياسية بين المغرب وإسبانيا والاتحاد الأوروبي هي العامل الحاسم في تحويل هذا الحلم إلى واقع، مشيرة إلى أن نجاح المشروع سيُكرّس موقع البحر المتوسط كجسر للتواصل والتكامل الاقتصادي والثقافي بين الشمال والجنوب.
