الثلاثاء 04 نوفمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
اقتصاد مصر

الشحنة الثالثة خرجت من الميناء.. مصر على أعتاب طفرة غير مسبوقة في تصدير الغاز

الثلاثاء 04/نوفمبر/2025 - 08:20 ص
تصدير الغاز
تصدير الغاز

في خطوة تعكس تحولاً استراتيجياً في قطاع الطاقة المصري، خرجت الشحنة الثالثة من الغاز الطبيعي المسال من مجمع إدكو للإسالة، متجهة إلى أسواق أوروبية رئيسية.

وهذه الشحنة، التي تحمل نحو 155 ألف متر مكعب من الغاز، تمثل نقطة تحول حاسمة بعد فترة من الاعتماد على الاستيراد لتلبية الطلب المحلي.

ووفقاً لتقارير حديثة من منصة كبلر لتتبع السفن، فإن هذه الشحنة هي الثالثة منذ سبتمبر 2025، مما يشير إلى عودة مصر إلى مكانتها كمركز إقليمي لتصدير الغاز، مع توقعات بطفرة غير مسبوقة في الصادرات خلال الأشهر المقبلة.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تفاصيل الطفرة المصرية في تصدير الغاز، بعد خروج الشحنة الثالثة من مصر إلى الأسواق الأوروبية.

من الاستيراد إلى التصدير المتسارع

وشهد قطاع الغاز المصري تقلبات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، ففي عام 2024، اضطرت مصر إلى استيراد نحو 2.78 مليون طن من الغاز المسال، وهو أعلى مستوى منذ سبع سنوات، لمواجهة انخفاض الإنتاج المحلي بنسبة 25% بسبب التراجع في الحقول القديمة وتأخر الاستثمارات في الجديدة.

كما وقعت اتفاقيات لاستيراد 60 شحنة بقيمة 3 مليارات دولار مع شركتي "شل" و"توتال إنرجيز" لتغطية احتياجات 2025، مع مهل سداد تصل إلى عام واحد.

ومع ذلك، بدأت الرياح تهب في الاتجاه المعاكس مع تحسن الإنتاج في النصف الثاني من 2025، حيث أعلنت الوزارة في أكتوبر عن تصدير شحنة إلى إيطاليا عبر ناقلة "نيو نيتشر"، تلتها أخرى إلى تركيا بـ150 ألف متر مكعب عبر "LNG Endurance" التابعة لـ"توتال".

تقاصيل الشحنة الثالثة

والشحنة الثالثة التي غادرت الميناء، تأتي في سياق اتفاقيات جديدة تسمح للشركاء الأجانب بتصدير حصصهم من الإنتاج الإضافي، مما يحفز الاستثمارات في الاستكشافات.

وغادرت الشحنة الثالثة ميناء إدكو غرب الإسكندرية في الثلاثاء 13 أكتوبر 2025، محملة بـ155 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، مسالاً بدرجة حرارة -162 درجة مئوية لتقليل الحجم إلى 1/600 من حجمه الطبيعي.

تصدير الغاز

ويدير العملية مجمع إدكو للإسالة، الذي يمتلك سعة إنتاجية تصل إلى 7.2 مليون طن سنوياً عبر وحدتين رئيسيتين، بالشراكة مع "شل" التي تمتلك حصة 35.5% في الوحدة الأولى.

والناقلة المستخدمة هي "نيو نيتشر" (New Nature)، وهي سفينة حديثة بسعة 170 ألف متر مكعب، تابعة لأسطول "شل" الدولي، وتتميز بتقنيات متقدمة للحد من الانبعاثات الكربونية أثناء الشحن.

ومن المتوقع وصول الناقلة إلى ميناء إيطالي رئيسي، مثل بريستو أو جوفي، في غضون 7-10 أيام، حيث سيتم إعادة التغويز وتوزيع الغاز على شبكة الطاقة الأوروبية.

وهذه الشحنة مستمدة أساساً من إنتاج حقل "ظهر" و"الدلتا الغربية العميقة"، مع مساهمة جزئية من الواردات عبر خطوط الأنابيب تحت البحر.

ووفقاً لبيانات تتبع "كبلر"، بلغت قيمة الشحنة نحو 80-90 مليون دولار، بناءً على الأسعار الحالية، وتعد الأكبر حجمًا في الشحنات الثلاث هذا العام.

وهذا الإنجاز يأتي بعد اتفاقيات مع "شل" لإنتاج شحنتين شهرياً من نوفمبر إلى مارس 2026، مما يرفع التوقعات إلى 10 شحنات إضافية في الأشهر الخمسة القادمة.

وخبراء يرون في ذلك إشارة إيجابية لجذب المستثمرين، حيث يساهم المجمع في تحويل مصر إلى "محور لوجستي" للغاز في المتوسط، مستفيداً من بنيتها التحتية المتقدمة.

الاتفاقيات الدولية وقود الطفرة الجديدة

وتلعب الاتفاقيات الدولية دوراً محورياً في هذه الطفرة، حيث أعلنت "إيني" الإيطالية عن اعتماد مصر كمركز لإعادة تصدير الغاز القبرصي من حقل "كرونوس"، مع بدء التوريد في 2027.

وفي الوقت نفسه، تستمر مصر في استيراد 150-160 شحنة حتى 2026 لتغطية الصيف، بتكلفة 8 مليارات دولار، مع شركاء مثل "أرامكو" و"ترافيغورا"، لكن التركيز الآن على التصدير لاسترداد الديون وإعادة الاستثمار.

وهذه الاتفاقيات تحول مصر من مستورد صافٍ إلى "معاد تصدير"، مستفيدة من ارتفاع الأسعار العالمية إلى 14 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية.

نمو غير مسبوق وفرص استثمارية

وتقدر التوقعات أن تصل صادرات مصر من الغاز المسال إلى 10-15 مليار دولار في 2026، مدعومة بزيادة الإنتاج إلى 69 مليار متر مكعب سنوياً، مقارنة بـ3.485 مليار في أبريل 2025.

وهذا النمو سيخفف العبء على ميزان المدفوعات، خاصة بعد تسديد 25 مليار دولار من الدين في النصف الأول من 2025.

كما يتوقع عودة مصر إلى مصدر صافٍ بحلول 2027، وفقاً لوكالة "وود ماكنزي"، مع إضافة ثلاث وحدات FSRU لتعزيز الاستيراد الموسمي.

والخبراء، يؤكدون أن إعادة تشغيل محطات الإسالة وترشيد الاستهلاك الكهربائي هما المفتاحان للطفرة، مع التركيز على الشراكات الأوروبية لمواجهة أزمة روسيا.

استدامة طويلة الأمد

ورغم التقدم، تواجه مصر تحديات مثل التقلبات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والاعتماد على الاستيراد الصيفي، الذي قد يرتفع 50% في 2025 إلى 6 مليارات متر مكعب.

والحكومة ترد بمفاوضات لعقود طويلة الأجل مع مهل سداد ممتدة، واستثمارات في الطاقة المتجددة لتخفيض الاعتماد على الغاز بنسبة 14% في 2024-2025.

وخروج الشحنة الثالثة من المنياء ليس مجرد حدث لوجستي، بل إعلان عن عصر جديد لمصر كلاعب رئيسي في سوق الغاز العالمي.

ومع الاستفادة من موقعها الجيوستراتيجي وشراكاتها الدولية، تقف مصر على أعتاب طفرة تصديرية غير مسبوقة، تعزز الاقتصاد الوطني وتدعم الاستقرار الإقليمي.