محادثات شي وترامب.. آمال بانفراج تجاري وسط توتر جيوسياسي متصاعد
عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محادثات مع نظيره الصيني شي جين بينغ في قاعدة جوية بمدينة بوسان في كوريا الجنوبية، وسط مؤشرات تفاؤل بإمكانية تخفيف حدة التوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، رغم استمرار المخاوف من تصعيد جديد في المنافسة الاقتصادية والجيوسياسية بين الجانبين.
اللقاء، الذي يُعد الأول وجهاً لوجه بين الزعيمين منذ عام 2019، جاء في ختام جولة آسيوية استمرت خمسة أيام لترامب، شملت توقيع اتفاقات اقتصادية وتجارية مع كوريا الجنوبية واليابان وعدة دول في جنوب شرق آسيا.
وخلال اللقاء، قال ترامب وهو يصافح شي: «سنحظى باجتماع ناجح للغاية، ليس لديّ شك في ذلك، لكنه مفاوض صعب جداً». فيما قال الرئيس الصيني، عبر مترجم، إن «الاحتكاكات بين أكبر اقتصادين في العالم أمر طبيعي»، مشيراً إلى أن المفاوضين من الجانبين توصّلوا إلى «تفاهم أساسي» حول أبرز القضايا العالقة. وأضاف: «نحن مستعدون للعمل معاً لبناء أساس متين للعلاقات الصينية-الأمريكية».
استمرت المحادثات نحو ساعتين على هامش قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، دون أن يصدر الجانبان تفاصيل محددة حول مخرجات اللقاء، لكن الأسواق المالية التقطت إشارات إيجابية؛ إذ قفزت الأسهم الصينية إلى أعلى مستوياتها منذ عقد، وارتفع اليوان قرب ذروته السنوية أمام الدولار، في ظل تفاؤل المستثمرين بانفراج محتمل في الحرب التجارية.
غير أن مراقبين أشاروا إلى أن أي هدنة تجارية ستكون «هشة ومؤقتة»، خاصة مع استمرار الخلافات حول التكنولوجيا المتقدمة وسلاسل التوريد والمعادن النادرة. وكانت بكين قد اقترحت هذا الشهر توسيع القيود على صادرات تلك المعادن المستخدمة في الصناعات الإلكترونية والعسكرية، ما دفع ترامب إلى التهديد بفرض رسوم إضافية بنسبة 100% على الصادرات الصينية.
وذكرت تقارير إعلامية أن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أكد أن المفاوضات الأخيرة أفضت إلى توقعات بتأجيل القيود الصينية على المعادن النادرة لمدة عام، واستئناف مشتريات فول الصويا الأمريكي ضمن «إطار جوهري» قيد التوافق النهائي بين الجانبين.
كما أشار ترامب إلى إمكانية خفض الرسوم الجمركية على السلع الصينية مقابل التزام بكين بالحد من تصدير المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع مخدر الفنتانيل، الذي يُعد السبب الرئيسي لوفيات الجرعات الزائدة في الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن تُستأنف اللقاءات الثنائية خلال العام المقبل، مع احتمالية تبادل الزيارات الرسمية بين ترامب وشي في إطار عملية تفاوضية طويلة الأمد تهدف إلى إعادة التوازن للعلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبكين.
لكن التوترات الإقليمية لا تزال تُلقي بظلالها على المشهد، خاصة ملف تايوان الذي تعتبره الصين جزءاً من أراضيها، بينما تصفه واشنطن بشريك استراتيجي ومركز تكنولوجي حيوي. وفي هذا السياق، كشفت وسائل إعلام صينية أن قاذفات «إتش-6 كاي» التابعة لجيش التحرير الشعبي أجرت تدريبات «محاكاة مواجهة» قرب الجزيرة مؤخراً، ما أثار قلقاً في واشنطن.
ورغم ذلك، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن تايوان «لا ينبغي أن تقلق» من المحادثات مع بكين، مؤكداً التزام بلاده القانوني بدعم قدراتها الدفاعية.
وبين مؤشرات التقارب الاقتصادي وملفات الصراع الجيوسياسي، تبقى العلاقات الصينية-الأمريكية عند مفترق طرق حاسم سيحدد مستقبل التجارة والتكنولوجيا في العالم خلال السنوات المقبلة.
