تراجع حاد يضرب الذهب.. إلى أين يتجه المعدن الأصفر؟
في تطور لافت يهز أسواق السلع العالمية، شهد الذهب تراجعًا حادًا على مدار يومين، حيث انخفض سعر الأونصة بنسبة 5.8%، مسجلاً أكبر هبوط يومي منذ أغسطس 2013.
واليوم الخميس 23 أكتوبر، يواصل الذهب تذبذبه حول مستوى 4,116 دولارًا أمريكيًا للأونصة، بانخفاض 2.02% عن الجلسة السابقة، وفقًا لبيانات العقود الآجلة (CFD)، وهذا الانخفاض المفاجئ أثار مخاوف المستثمرين، خاصة بعد ارتفاعات قياسية وصلت إلى 4,381 دولارًا يوم الإثنين 20 أكتوبر، فما الذي يقف وراء هذا التراجع؟ وما هي التوقعات المستقبلية للمعدن الأصفر؟.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الأسباب، التحليلات الفنية، والتوقعات حول أسعار الذهب، وأسباب التراجع الحاد.
أسباب الهبوط الحاد في أسعار الذهب
وبدأت موجة التراجع بعد أن سجل الذهب ذروته التاريخية يوم الإثنين 20 أكتوبر عند 4,381 دولارًا، مدفوعًا بالطلب القوي على الملاذات الآمنة وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ولكن الثلاثاء، انهار السعر إلى 4,082 دولارًا، قبل أن يصل إلى 4,116 اليوم الخميس، متأثرًا بجملة عوامل، أولًا، جني الأرباح السريع من المستثمرين بعد صعود استمر أسابيع، حيث ارتفع الذهب بنسبة 48.50% منذ بداية 2025، وفقًا لتقرير "إيكونوميك تايمز".
وثانيًا، تعزز الدولار الأمريكي، المنافس التقليدي للذهب، بنسبة 1.3% مع اقتراب إصدار تقرير التضخم الأمريكي (CPI) غدًا الخميس 23 أكتوبر، مما جعل الذهب أقل جاذبية للمشترين بعملات أخرى.
كما ساهمت تلميحات إيجابية بشأن مفاوضات تجارية أمريكية-صينية في تقليل الطلب على الملاذات الآمنة، مما دفع المستثمرين نحو أسواق الأسهم.
وأشار تقرير "ليتفاينانس" إلى إشارات فنية تشير إلى "تشبع شرائي"، حيث تجاوز مؤشر القوة النسبية (RSI) مستوى 63، مما ينذر بتصحيح هبوطي، وهذه العوامل مجتمعة خلقت ضغطًا قويًا على أسعار الذهب، مع توقعات بتقلبات مستمرة في جلسة اليوم.
التحليل الفني: مستويات دعم ومقاومة حاسمة
ومن الناحية الفنية، يظهر الرسم البياني اليومي للذهب (XAU/USD) نمطًا هابطًا مؤقتًا، مع اختبار مستوى الدعم الرئيسي عند 4,000 دولار، وهو خط نفسي قوي.
ووفقًا لمحللي "فوركس.كوم"، إذا استقر الذهب فوق هذا المستوى، فقد يرتد إلى 4,200 دولار خلال أيام، مدعومًا بمتوسط متحرك 50 يومًا عند 3,982 دولارًا، أما في حال اختراق الدعم، فقد يتجه السعر نحو 3,751 دولارًا، وفقًا لتصحيح فيبوناتشي 23.6%، كما أشار "سي إف آي تريد".
ومؤشر MACD يظهر تباعدًا هابطًا، بينما تظهر Bollinger Bands اتساعًا يعكس تقلبات عالية متوقعة بنسبة 2-3% يوميًا.
ووفقًا لـ"تريندينج إيكونوميكس"، ارتفع الذهب بنسبة 7.36% خلال الشهر الماضي، لكنه يتداول الآن تحت خط الاتجاه الصاعد، مما يجعل جلسة اليوم الأربعاء حاسمة لتحديد الاتجاه الأسبوعي.
تصحيح مؤقت أم بداية تراجع أعمق؟
وفي المدى القصير، تتوقع التحليلات استمرار التصحيح الهبوطي بنسبة 3-5%، خاصة مع انتظار بيانات التضخم الأمريكي وقرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن الفائدة يوم 29 أكتوبر.
ويحدد تقرير "كوين كوديكس" متوسط سعر الذهب بنهاية أكتوبر عند 4,108 دولارًا، مع احتمال انخفاض إلى 3,997 دولارًا إذا واصل الدولار صعوده، ولكن إذا خفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة، كما يتوقع محللو "إكس إس"، فقد يرتد الذهب إلى 4,250 دولارًا بحلول نوفمبر.
والطلب القوي من البنوك المركزية، الذي بلغ 710 أطنان ربعيًا هذا العام وفقًا لـ"جي بي مورغان"، يظل عامل دعم رئيسي.
توقعات طويلة الأجل لأسعار الذهب
وعلى المدى الطويل، يبقى الذهب جذابًا كملاذ آمن. تتوقع "جولدمان ساكس" و"بنك أوف أمريكا" أن يصل السعر إلى 4,900-5,000 دولار بحلول نهاية 2026، مدعومًا بتراجع الثقة في الدولار وارتفاع التضخم العالمي.
ورفع تقرير "إتش إس بي سي" توقعاته لعام 2025 إلى 3,455 دولارًا متوسطًا، مشيرًا إلى طلب قوي من الصين والهند، بينما يتوقع "ديوتشي بنك" استقرار السعر عند 4,000 دولار في 2026، مع استمرار مشتريات البنوك المركزية بـ900 طن سنويًا.
ومع ذلك، يحذر "مورنينج ستار" من سيناريو هبوطي إذا تحسن الاقتصاد العالمي، لكنه يبقى احتمالًا ضعيفًا وسط التوترات التجارية.
تأثير التراجع على الأسواق العربية
وفي المنطقة العربية، أثر التراجع على أسعار الذهب المحلية، وفي مصر، انخفض سعر عيار 21 إلى 5500 جنيهًا للجرام اليوم الخميس، بعد أن تجاوز 5800 جنيهًا من قبل.
وفي السعودية والإمارات، شهدت الأسعار تذبذبًا بسبب ارتفاع الدولار مقابل العملات المحلية.
وينصح الخبراء المستثمرين العرب بالتريث حتى يستقر التصحيح، مع التركيز على الذهب كاستثمار طويل الأجل.
ورغم التراجع الحاد الذي ضرب الذهب، يظل المعدن الأصفر ملاذًا آمنًا قويًا، والتصحيح الحالي قد يكون فرصة للشراء، لكن المستثمرين بحاجة إلى مراقبة بيانات التضخم وقرارات الفائدة.
ومع توقعات طويلة الأجل إيجابية تصل إلى 5,000 دولار بحلول 2026، يبقى الذهب استثمارًا استراتيجيًا.
