الدولار يرتفع مع استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي ورهانات خفض الفائدة
ارتفع الدولار الأمريكي أمام معظم العملات الرئيسية خلال تعاملات اليوم الأربعاء، بدعم من تزايد الإقبال عليه كملاذ آمن وسط استمرار الإغلاق الحكومي الجزئي في الولايات المتحدة والمخاوف من تداعياته المحتملة على الاقتصاد الأمريكي، في وقت يترقب فيه المستثمرون تحركات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.
وأشارت وكالة بلومبرج إلى أن مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من ست عملات رئيسية، ارتفع بنسبة 0.3% ليصل إلى 107.2 نقطة، مواصلًا مكاسبه للجلسة الثالثة على التوالي، في حين تراجعت اليورو إلى 1.072 دولار، والإسترليني إلى 1.23 دولار، فيما استقر الين الياباني قرب مستوى 150 ينًا للدولار.
ويرى محللون أن ارتفاع الدولار يعود بشكل رئيسي إلى تزايد الطلب عليه كأصل آمن مع تصاعد حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي في واشنطن بعد فشل الكونجرس في تمرير مشروع الموازنة الجديدة، ما أدى إلى إغلاق مؤسسات حكومية اتحادية لليوم الرابع على التوالي، الأمر الذي دفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الأصول عالية المخاطر.
وأوضح تقرير صادر عن بنك أوف أمريكا أن الأسواق باتت تراهن على أن استمرار الإغلاق لفترة أطول سيؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي الأمريكي خلال الربع الأخير من العام، ما قد يجبر مجلس الاحتياطي الفيدرالي على تسريع وتيرة خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل في ديسمبر المقبل لدعم النمو.
وقال الخبير الاقتصادي في مجموعة «إتش إس بي سي»، جون هاريس، إن الدولار يستفيد حاليًا من حالة الترقب وعدم اليقين، مشيرًا إلى أن المستثمرين يفضلون التحوط بالعملة الأمريكية إلى حين اتضاح مسار السياسة المالية والنقدية في الولايات المتحدة، خاصة مع استمرار التوترات السياسية داخل الكونجرس.
وأضاف أن تصريحات بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، والتي ألمحت إلى إمكانية خفض الفائدة بشكل تدريجي إذا تراجعت معدلات التضخم دون 3%، عززت التوقعات بأن دورة التشديد النقدي قد انتهت بالفعل، ما يدعم ارتفاع الدولار في الأجل القصير رغم احتمالات التيسير لاحقًا.
وفي أسواق السندات، تراجع عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بنحو 5 نقاط أساس إلى 4.45%، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية بشكل طفيف وسط ترقب المستثمرين لأي إشارات جديدة من الفيدرالي أو البيت الأبيض بشأن إنهاء الإغلاق.
وأشار محللون إلى أن استمرار أزمة الموازنة الحالية قد ينعكس سلبًا على تصنيف الديون السيادية الأمريكية في حال تأخر التوصل إلى اتفاق سياسي، خاصة بعد تحذيرات وكالة «فيتش» من إمكانية مراجعة التصنيف الائتماني إذا امتدت الأزمة لفترة طويلة.
وتتجه الأنظار الآن إلى بيانات التضخم الأمريكية المقرر صدورها الأسبوع المقبل، والتي ستحدد إلى حد كبير مسار السياسة النقدية للفيدرالي خلال الفترة المتبقية من العام، في ظل تزايد الرهانات على خفض الفائدة بنحو 25 نقطة أساس قبل نهاية 2025.
ويؤكد المحللون أن قوة الدولار الحالية قد تكون مؤقتة إذا ما تبين أن الإغلاق الحكومي سيؤثر بشدة على الإنفاق الاستهلاكي والنمو، ما قد يدفع الفيدرالي إلى تبني لهجة أكثر تيسيرًا خلال الاجتماعات المقبلة.
